الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثورة السورية و بعدها الوطني و الأخلاقي

خالد قنوت

2014 / 5 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


سنة 1979 مررت مع أصدقائي في كراجات اللاذقية و جبلة و طرطوس خلال رحلة شبابية, كانت هناك لوحات غير رسمية تدعو شباب تلك المناطق للتطوع في سرايا الدفاع لصالح قائدها رفعت الأسد حيث وضع معها ما يلي: الشهادة الإعدادية 1200 ليرة سورية الشهادة الثانوية 1600 ليرة سورية شهرياً
المبلغين المعلنين كانا خياليين في ذاك الوقت حيث يمكن أن أذكر أن سعر صرف الدولار الواحد وقتها حوالي الأربع ليرات سورية, و لا شك أن الإعلانات لم تكن موجه لكل الشباب السوري بل لسوريين من مناطق معينة و لطائفة معينة ومن طبقة اجتماعية محددة و مستوى علمي محدد دون غيرها
لم ينظر إي منا, و كنا شباب صغار في العمر, إلى هذا الإعلان على أنه موجه لنا نحن شباب سورية الساكنين لدمشق و أصولنا من عدة محافظات و ننتمي لديانات مختلفة من مسلمين و مسيحيين نمرح على الشواطئ السورية و نتنقل بين جبالها الساحلية و قراها.
سمعت بعد ذلك من أقاربي في مدينة جبلة عن حالات التسرب من المدارس الثانوية من طلاب تلك المناطق و عن حالة من التمرد العائلي العنيف و التعامل غير الأخلاقي لعدد كبير من الشباب هناك ضد أهلهم و انخراطهم في صفوف سرايا الدفاع حيث كانت معسكرات تأهيلها في ضواحي دمشق كيعفور و غيرها لتمتلئ شوارع دمشق و أحيائها و خاصة مركز المدينة بهؤلاء الشباب و هم يرتدون البذات العسكرية المموهة و المدججين بالسلاح و الحقد على أهل دمشق ليرى العابر من عيونهم الشرر الطائفي الواضح
كان طريق العودة من الجامعة حالة دخول في المجهول و الخطر خاصة عندما تحتمي زميلة جامعية بنا لتتجاوز مقهى الحجاز التي صاراسمها قهوة السرايا و كذلك عند المرور بقهوة الهافانا العريق المقهى الذي تأسس فيه حزب البعث أو من طريق الجامعة إلى جسر الجامعة (جسر الرئيس). كانت النظرات و التحرشات تطالنا قبل أن تطال الزميلات في حالة تكسير لروح الرجولة و تكريس لحالة إذلال لنا قبل أن يتحرشوا مباشرة بالصبايا المرتجفات من وحوش حقيقية لا تمت للانسانية بصلة في ظل غياب كامل لدور أي سلطات عسكرية متمثلة بالشرطة العسكرية التي كانت تنال يومياً نصيبها من الإهانات و العلقات على يد عناصر سرايا الدفاع الأسدية
هذه العقلية لم تنتفي مع نفي قائد سرايا الدفاع المجرم رفعت الأسد بعد محاولته الاستيلاء على السلطة و تهديده بتدمير دمشق من مرابض مدفعيته حولها, بل تم توزيع قواته على عدة تشكيلات بديلة لها نفس الوظيفة كسرايا الصراع و الفرقة الرابعة و الحرس الجمهوري و بعض أجهزة الأمن و كل حسب عشيرته و ليس فقط كونه من الطائفة العلوية في حالة تنفيذ لاستراتيجية مدروسة لنظام حافظ الأسد و مستمرة في عقلية ولديه بشار و ماهر حيث صرح الأخير أن عدد سكان سورية كان ثمانية ملايين نسمة عشية استلاء والده على السلطة و لا يمانع مع شقيقه لاستعادة هذا الرقم لسكان سورية.
إن ما يجري على أرض سورية قاطبة ليس وليد لحظة الثورة عام 2011 و لا يتحمله الشباب السوري الذي لم يعد يتحمل الإذلال و انعدام الكرامة و وضاعة الأخلاق و غياب الوطنية, ما يجري منذ قيام الثورة و حتى اليوم و الغد القريب هو استراتيجية أسدية ممنهجة لإفقار العلويين و تحطيم الروابط الأسرية بينهم و إغلاق ابواب العمل و الكسب و الانتاج في وجوههم مقابل فتح ابواب التطوع في صفوف قوات النظام المحسوبة طائفياً و الإبدية الانتماء و الولاء, ليقودهم لمحرقته و لحربه التي أعلنها على كل من يكسر عصى الطاعة لعائلة الأسد.
ما ينقله لي أصدقائي عن ما يحدث في الساحل اليوم من انتشار لعصابات و مافيات جديدة للصوصية و الاختطاف و تجارة السلاح و المخدرات و ترويع أهل الساحل بكل مكوناتهم بدأت بمهرجانات التجيش للقتل و الاغتصاب الطائفيين لشركائهم في الوطن ثم بأسواق السنة ثم بجنازات أبنائهم و مفقوديهم و أخيراً بخيام التجديد للولاية الثالثة و التي لن تتوقف عند هذه الحدود لأن هناك جيشاً من المرتزقة بلباس رسمي و غير رسمي تم تجنيدهم على ذلك منذ سبعينيات القرن الماضي في معسكرات النظام في سورية و لبنان و هم يغوصون في الدم و الوحل سيكونون مستقبلاً بلاءً حقيقياً على سورية الجديدة
السؤال الوطني الكبير, كيف علينا كسوريين أن نجد حلولاً وطنية و أخلاقية لهؤلاء, المخلوقات الضحايا, قانوينة عادلة و ليست انتقامية و ثأرية كما حدث في معظم دول العالم في حالات مشابهة؟
قد تكون الإجابة على هذا السؤال هي نصف الطريق لانتصار الثورة السورية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قراءة عسكرية.. كتائب القسام تنفذ سلسلة عمليات نوعية في جبالي


.. الجيش الإسرائيلي يعلن إصابة 50 جنديا خلال الـ24 ساعة الماضية




.. كتائب القسام تستهدف دبابة إسرائيلية بقذيفة -الياسين 105- بمخ


.. كتائب القسام تصعد عملياتها ضد قوات الاحتلال المتوغلة في جبال




.. ترمب يهاجم بايدن: أسوأ رئيس لبلادنا وأسلوبه من دول العالم ال