الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نام البابا واستيقظ

فوزي بن يونس بن حديد

2014 / 5 / 26
كتابات ساخرة


نام البابا واستيقظ على وقع الثورة الفلسطينية، نام نوما عميقا وصلّى بعيدا، وتاه في ظلمات صلواته القديسية المزعومة، نام على فراش الموت الفلسطيني سنوات وسنوات وهو لا يشعر بأي ألم، همّه حياته وحياة القديسين من حوله، وحينما يتكلم تخرج ألفاظه بصعوبة ويا ليتها لا تخرج وإن خرجت فهي على استحياء، خطاباته وهمية وواهنة كخيوط العنكبوت يستجدي السماء أن تمطر ذهبا حتى تخلصه من العذابات، كيف يعيش البابا يومه؟، هل يستمتع بحياته؟ هل يجلس مع البسطاء والفقراء والبؤساء؟ أم يعيش في برجه العاجي مرفّها وحوله الخدم من كل جانب، إن رمشت عيناه تحرّك الغلمان آليّا معلنا أنه بحاجة لشيء ما، هل يحيى سعيدا أم التعاسة هو العنوان المفضل لحياته، كل ما حوله مسخّر له بإشارة منه وكل من حوله في خدمته إلى نهايته، لا يؤثر في الآخرين إلا بقدر ما يهذي به من كلمات يتمتمها على ارتعاشة تصيب قدميه، نام ابابا واستيقظ على فوهات المدافع وهي تدك الحصون وتقتل الأبرياء في كل مكان أو على صوت المدفع إيذانا بوصول الحبر الأعظم إلى المكان المقدس حتى صار هو نفسه مقدسا يتزاحم الناس بالآلاف وربما بالملايين لإلقاء نظرة على وجهه الشريف أو الظفر بمصافحة بأطراف أصابعه خوفا من عدوى الفقراء ومسّ البؤساء، هذا هو البابا كما يحبون أن يسموه.
الفاتيكان معقل البابا الحصين، لا يدخله إلا المخلصون، مناورات ودهاليز، مسوحات ومسوخات ما أنزل الله بها من سلطان، بذخ وترف لا حدود له، مظاهر براقة، وطوافة خاصة مدججة بالجواهر ليركب فيها البابا العظيم ويحيي معجبيه لدقائق معدودة، نظرة يشفي بها الغليل، والإعلام العالمي يرقص فرحا وهو يصور البابا منتشيا بالسعادة التي تغمره والبهاء الذي حظي به والصفاء الذي رُتّب له وكأنه يعيش في جنة الخلد وهو لا يزال في الدنيا، يرفع صوته المبحوح حتى لا يسمعه الصهاينة كأنه يدافع عن الإنسان، والإنسان عنده أبخس من الحيوان، وإلا لما أريق دم إنسان، وهاهو يدافع عن حقوق الحيوان والعالم من ورائه يلهث كالكلب إن تحمل عليه يلهث وإن تتركه يلهث، ما هذه القداسة للبابا في العالم وتحرّكاته المشبوهة لسلفه الذي ترك المكان والإثم يلحقه أو يلاحقه، كيف يعيش البابا بهذه الأُبهة والناس يموتون جوعا وفقرا وقتلا ودمارا وخرابا، كيف يهنأ في حصنه وقصره والإنسانية كلها شرقا وغربا تموج في الفتن، كيف يغمض جفنه وقلب الفلسطيني يحترق، والعلم الفلسطيني منكّس، والدم العربي يهرق، والصلف الصهيوني يزداد يوما بعد يوم تعنتا وتجبرا فلا البابا ولا أوباما يستطيع أن يوقفه أو أن يحدّ منه.
البابا اليوم صار رمزا للفساد المالي والأخلاقي، وهو يعيش في قمة الهرم لا يتفاعل مع الحدث، ولا يؤثر فيه، وتبقى تمتماته كالحجاب الذي يُعلّق في الرقبة يظن صاحبه أنه سيقيه من المكاره ويبعد عنه شبح المصائب ولا يدري ولم يدر أنه السبب الأول لتلك المصائب، ومتى نزعه تخلص من الوهم الذي ظل يلازمه طوال فترة تعليقه وتعلقه به، والبابا نفسه وهمٌ أوجده الفاتيكان وبات الفاتيكان نفسه مساحة لمسرحية هزلية أو تراجيدية لا تنتهي، لا حول له ولا قوة ولا تأثر ولا تأثير يمصّ أموال الشعوب ولا يبالي بما يلحق هذه الشعوب من حروب ودمار وخراب، يميل حيث تميل الريح فإذا ذهب لفلسطين ادعى النبوءة الفلسطينية وزار بيت لحم وطالب بإنهاء المعاناة الفلسطينية وإذا زار إسرائيل تنكّر لهذا المبدأ وعقد تحالفا مع الصهاينة المجرمين في وقت اختاره وكان متزامنا مع ذكرى الإسراء والمعراج التي يحتفل بها المسلمون وهم في أسوأ حال يقتل بعضهم بعضا في حرب مستعرة أكلت الأخضر واليابس في طول البلاد العربية وعرضها.
أين البابا من كل هذا؟ وما هي تفاعلاته؟ وما مدى تأثيره؟ وما الاستفادة من وجوده أصلا بين البشر؟ هل ينفخ الروح في البشر أم ينفث فيهم العداوة والبغضاء؟ أسئلة محيرة تبحث عن إجابة أم هو التقديس الأعمى لما يسمى البابا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم السرب للسقا يقترب من حصد 28 مليون جنيه بعد أسبوعين عرض


.. الفنانة مشيرة إسماعيل: شكرا للشركة المتحدة على الحفاوة بعادل




.. كل يوم - رمز للثقافة المصرية ومؤثر في كل بيت عربي.. خالد أبو


.. كل يوم - الفنانة إلهام شاهين : مفيش نجم في تاريخ مصر حقق هذا




.. كل يوم - الفنانة إلهام شاهين : أول مشهد في حياتي الفنية كان