الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السينما الفلسطينية إبداع فكر أم وحي المقاومة؟

سمير الزغبي
كاتب و ناقد سينمائي

(Samir Zoghbi)

2014 / 5 / 27
الادب والفن





لا شكّ أنّ النضال و المقاومة لدى الشعوب التي اغتصبت أرضها- مثل ما هو الشأن لدى الشعب الفلسطيني – تتخذ أساليب متنوعة ، فلا تقتصر المقاومة على الأجنحة العسكرية فحسب ، بل لها مفاعيل متنوعة، لأن النضال ثقافة و فكر، فهو يتخذ أبعادا مختلفة ، ناهيك أن الفنون وبأشكالها الإبداعية متعددة الأبعاد ، قد جسدت بعدا ثوريا، وهي في غالبها تحمل رؤى و مواقف تحرّرية. فالشعب الفلسطيني إستغلّ كل طاقاته الإبداعية في الداخل و الخارج ، ليعبّر عن مقاومته المشروعة والشريفة لكل أشكال الإستهداف التي تمارسها القوى الغاصبة و الغاشمة .
لقد فشل كلّ مشروع كان و لا يزال يستهدف المقاومة المشروعة، و يسعى إلى إذلال الشعب الفلسطيني و من ورائه كل الشعب العربي. إلا أن المقاومة الباسلة و المتحصنة بثوابتها و مرجعياتها الأصيلة وقفت صدّا أمام المشروع الإستيطاني التوسّعي. و لقّنته دروسا بارعة ، وهو أن الشعوب الحرّة لن تستسلم و لن تتراجع قيد أنملة في الدفاع عن حقوقها المشروعة. و بكل الوسائل المشروعة المتاحة . و يجسد الإبداع السينمائي مجالا رحبا و أفقا شاسعا للتعبير عن مواقف و رؤى تشكل مقاومة بحد ذاتها ، فرغم الإستيطان و ممارسة كل أشكال القمع إستطاعت الآلية الإبداعية الفلسطينية أن تنشأ إبداعا سينمائيا .
تعود بدايات السينما الفلسطينية إلى ثلاثينات القرن العشرين. وقد كانت البدايات مبادرات فردية لبعض الأشخاص الذين اقتنوا معدات سينمائية وقاموا بتصوير أفلام. من بين الرواد إبراهيم حسن سرحان الذي قام عام 1935 بتصوير فيلم مدته 20 دقيقة عن زيارة الملك عبد العزيز آل سعود لفلسطين. كما قام بصنع فيلم روائي بعنوان "أحلام تحققت" وفيلم وثائقي عن عضو الهيئة العربية العليا أحمد حلمي عبد الباقي. بعد هذه البداية قام إبراهيم سرحان بتأسيس "ستوديو فلسطين" وقام بإنتاج فيلم روائي بعنوان "عاصفة في بيت" وأنتج بعض الأفلام الإعلانية القصيرة إلى أن نزح إلى الأردن عام 1948.
رائد آخر كان أحمد الكيلاني الذي درس السينما إخراجاً وتصويراً في القاهرة، حيث تخرج عام 1945. عاد الكيلاني إلى فلسطين ليؤسس مع جمال الأصفر وعبد اللطيف هاشم "الشركة العربية لإنتاج الأفلام السينمائية". ولجأ بعد النكبة إلى الأردن، حيث استقر فيها وعمل في المجال السينمائي. أما جمال الأصفر فاستقر في الكويت.
كذلك محمد الكيالي هو سينمائي فلسطيني آخر مارس العمل السينمائي في الأربعينات وقام بإنتاج بعض الأفلام القصيرة قبل 1948. سافر إلى إيطاليا لدراسة السينما، وبعد عودته تعاون مع مكتب الجامعة العربية، الذي كلفه بإخراج فيلم عن القضية الفلسطينية، الذي لم ينجز بدوره بسبب نكبة 1948. وقد تمكن الكيالي من إنتاج فيلم روائي طويل عام 1969 يدعى "ثلاث عمليات في فلسطين".
إن إستحضار تاريخ السينما الفلسطينية لا يمكن أن يمرّ دون ذكرى وفاء لثلاثة من رواد سينما المقاومة الفلسطينية والذين استشهدوا وهم يمارسون واجبهم النضالي كسينمائيين، أوّلهم المصوّر السينمائي الفلسطيني الشهيد هاني جوهرية الذي لم يترك لنا الصور التي التقطها لحظة استشهاده والتي مضى عليها الآن أكثر من ثلاثة عقود من الزمن. في العام 1976 ذهب هاني جوهرية مع مجموعة من الكتاب الفلسطينيين، حاملا كاميراه السينمائية، إلى جبال عينطوره في لبنان ليصوّر بعض وقائع الحرب الأهلية سيئة الذكر. انفصل هاني عن بقية المجموعة ولم يبال بتحذيرات مرافقيه من الكتاب ومن المقاتلين واندفع إلى الأمام باتجاه موقع متقدم خطر وبدأ يصور ولم يتوقف إلا بعد أن أصابته قذيفة مدفعية إصابة مباشرة. بعد نحو عامين من ذلك سيتعرض اثنان من المصورين السينمائيين الفلسطينيين، هما عمر المختار ومطيع إبراهيم، للاستشهاد معا في جنوب لبنان أثناء مهمة لتصوير الاجتياح الإسرائيلي في العام 1978. وقد اختفت آثار الاثنين مع كاميراتهما ولم يعثر عليهما حتى الآن.
لقد استطاعت السينما الفلسطينية أن تتجاوز الحواجز الخطرة، للتواصل مع المشاهدين العرب والأجانب، وتقول الحقائق المغيبة، وترصد الأحداث والصراعات الساخنة على الأرض، بلغة فنية عالية، يمكن أن نكتشفها في أعمال عشرات من السينمائيين الفلسطينيين من أجيال مختلفة.ويمكن أن نكتشف فرادة هذه التجربة وقوتها في فيلم "الجنة الآن" وهو فيلم مثير للجدل من إخراج هاني أبو أسعد وهو هولندي من أصل فلسطيني من عرب 48 هاجر إلى هولندا عام 1980 م وهو في التاسعة عشر من عمره. يتناول الفيلم قصة آخر 48 ساعة في حياة شابين فلسطينيين يستعدان للقيام بإحدى العمليات الإستشهادية في إسرائيل. تم ترشيح الفيلم مع 5 أفلام أخرى للحصول على جائزة أفضل فيلم غير أمريكي في مهرجان الأوسكار لعام 2006. الفيلم باللغة العربية ومدته 90 دقيقة.
تم عرض الفيلم في 45 دولة وقد واجه المخرج صعوبات و ضغوط كبيرة اثناء تصوير الفيلم .
الآن (فيلم)
الجنة الآن


إخراج
هاني أبو أسعد

بطولة
قيس ناشف
علي سليمان
هيام عباس

سيناريو
هاني أبو أسعد
بيرو بيير
بيرري هودكسون

اللغة
العربية

الإنتاج
2004
عرض 14 فبراير 2005

مدة العرض 1 :30
طاقم الفيلم
إخراج: هاني أبو أسعد
• إنتاج: بيرو بيير
• سيناريو: هاني أبو أسعد، بيرو بيير، بيرري هودكسون
• بطولة: قيس ناشف، علي سليمان.
الجوائز
حصل الفيلم على الجوائز التالية:
• جائزة مهرجان برلين للسينما العالمية عام 2005
• جائزة الفلم الأوروبي عام 2005
• جائزة العجل الذهبي من هولندا عام 2005
• جائزة الجولدن جلوب عام 2005
• جائزة مهرجان دوربان للسينما العالمية في جنوب أفريقيا عام 2005
جدل حول الفيلم
• في 1 مارس 2006 تظاهر مجموعة في إسرائيل ضد قرار أكاديمية الفنون و العلوم السينمائية في كاليفورنيا بترشيح الفلم للحصول على جائزة أفضل فيلم أجنبي [1]
• اعتبر المخرج هاني أبو أسعد قرار أكاديمية الفنون و العلوم السينمائية في كاليفورنيا اعتبار الفيلم من "السلطة الفلسطينية" وليس من فلسطين بمثابة إهانة وصفعة للهوية القومية للشعب الفلسطيني.
• حصول مشاورات بين وزارة الأعلام في إسرائيل و لجنة مهرجان الأوسكار على ان لا يتم تقديم الفيلم على انه من فلسطين [
• عند تسلم المخرج هاني أبو أسعد جائزة الجولدن جلوب في 16 يناير 2006 ناشد العالم من اجل الأعتراف بفلسطين وقال ان الجائزة تمثل "اعترافا بأن الشعب الفلسطيني يستحق الحرية والمساواة". .
• اثناء تصوير الفلم في نابلس قامت مروحيات إسرائيلية بقصف سيارة كانت قريبة من موقع التصوير مما حدى بستة من طاقم الفلم إلى التخلّي عن مشاركتهم في الفلم بصورة نهائية .


E-mail : samirzoghbi@hotmailfr








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صباح العربية | الفنان السعودي سعود أحمد يكشف سر حبه للراحل ط


.. فيلم تسجيلي عن مجمع هاير مصر للصناعات الإلكترونية




.. جبهة الخلاص الوطني تصف الانتخابات الرئاسية بالمسرحية في تونس


.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل




.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة