الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا يكون مسرح الثقافة الجماهيرية خشنا ؟

محمد القصبي

2014 / 5 / 27
الادب والفن


وكأنه كان يغمس قلمه في موار مشاعره ليسطر صفحات كتابه التي تتجاوز 420 صفحة ..
ومشاعر أحمد عبد الرازق أبو العلا تترواح مابين الاحتفاء والفرح بمسرح الثقافة الجماهيرية والكثير من عروضه من ناحية ..والغضب من بعض الظواهر التي تتعلق بتجربة هذا الفن في مصر .
إلا أن اتكاء أبو العلا على مشاعره في إنجاز كتاب " مسرح الثقافة الجماهيرية " لايعني ابتعاده عن الموضوعية في تناول العديد من القضايا التي تطرق إليه في كتابه ..كما أنها ليست بموضوعية من يطل على الدائرة من خارجها ..لقد أمضى الكاتب أحمد عبد الرازق 20عاما موظفا ومسئولا في الإدارة العامة للمسرح بالهيئة العامة للثقافة الجماهيرية ..وأمضى آخر عامين له في الهيئة مديرا عاما لإدارة المسرح .. وكان يرى
مكانه في ورش التدريب وفي الكواليس و بين جمهور المتلقين ..حيث بدا حريصا على مشاهدة العشرات من الأعمال المسرحية التي قدمها مسرح الثقافة الجماهيرية في محافظات مصر المختلفة ..بعين الناقد..والكتاب يضم بين دفتيه مايقرب من مئة دراسة نقدية عن هذه الأعمال ..وعن مهرجانات مسرحية جماهيرية ..
إلا أنه يتعين علينا أن نعرف بداية ماذا يعني أبو العلا ب" مسرح الثقافة الجماهيرية " ؟
..وأظنها مبادرة ذكية تحول دون هروب قارئه ..حين بدأ الكاتب يجيب على السؤال في سطوره الأولى..حين يقول:
إن مسرح الثقافة الجماهيرية ينبغي أن يكون هو المسرح الخشن ..!
وما هو المسرح الخشن ؟ يحيلنا أبو العلا إلى تعريف بيتر بروك في كتابه "المساحة الفارغة " ..الذي يرى أن المسرح الخشن اتخذ أشكالا مختلفة خلال العصور يجمع بينها عامل واحد فقط ..الخشونة..النكهة الحادة ..والعرق والضجة والرائحة والمسرح الذي ليس على مسرح ..المسرح على مركبات وناقلات ومنصات والجمهور يقف ..يشرب ..يجلس ..حول الموائد ..يشارك ..يجيب على الأسئلة ..المسرح في الحجرات الخلفية ..وحجرات أعلى السلالم ..مخازن والحظائر والقوائم التي تقام ليلة واحدة ولوح الورق المقوى الذي يفرد ويثبت عبر القاعة والستارة البالية لتخفي التغيرات السريعة .
ويشرح أبو العلا ماذا يعنيه بروك بالخشونة : إنها الخشونة التي تجعل المسرح متصلا بتلك الجماهير
اتصالا يدفعها للتمسك به والسعي إليه لأنه يعبر عن قضاياها ومشكلاتها وطموحاتها ..
ويصل حماس أبو العلا لمسرح الثقافة الجماهيرية إلى الحد الذي يراهن فيه على أنه يمكن أن يكون بديلا للمسرح السائد ..حيث يقول :إن الصلة القائمة بين جمهور الأقاليم والمسرح الإقليمي خليقة بطرح مسرح بديل عن المسرح السائد ..مسرح قادر على التواجد بشكل حميم وقادر على احترام عقلية المشاهد
وماذا عن أزمة المسرح المصري بشكل عام ؟
من عشرينيات القرن الماضي والكثيرون من أهل المسرح لم يكفوا عن الكتابة عن أزمة المسرح المصري ..في عام 1924 يكتب عدلي جرجس مقالة تحت عنوان "حالة المسرح الحاضرة " يقول فيها إن حالة المسرح "الراهنة" تصيب النفوس بالجزع ..حيث لايقارن حاضر المسرح بما كان عليه في الماضي من رقي تمثيلي ..ويرى أن النزعة التجارية وراء أزمة المسرح !
وفي الثلاثينيات يكتب فتوح نشاطي بيانا تاريخيا يطالب فيه وزير المعارف بالتدخل لإنقاذ المسرح من الوهدة التي تردى فيها ..وفي مقالة كتبها يوسف وهبي في يونيو 1948يستنجد بوزارة المعارف لتقدم إعانات سخية للفرق المسرحية ..وفي نفس العام يكتب زكي طليمات مهاجما ما وصفه بالزعامة الرأسمالية التي فشلت في تسيير قافلة المسرح..ويراها زعامة جوفاء لم يستفد منها سوى زعيم الفرقة وصاحبها وممثل الأدوار الأولى فيها "يقصد يوسف وهبي " ويطالب طليمات وزارة المعارف بتأسيس فرقة تخصها بالإشراف والإعانة ..
وكما يبدو فقد تعمد المؤلف أن يعود إلى مئة عام من مسيرة المسرح ليمنحنا انطباعا – وهو انطباع صادق - أن الأزمة مستمرة ..فكثير مما قيل أمس عن أزمة المسرح يقال اليوم ..وهو يقول :نفس الشيء يحدث بيننا اليوم ..فالكتاب والنقاد ينتقدون سياسات الدولة دائما وسياسات المسؤولين عن أحوال المسرح أحيانا ..وتظل الدائرة الملعونة تدور !
ويمضي الكاتب بنا في سياحة مع مسرح الثقافة الجماهيرية ممثلا في عروض الفرقة المركزية والتي كانت تسمى فرقة السامر..وقدمت خلال العقود الأربعة الماضية حوالي 120عرضا ..وكما يبدو .. رؤيته النقدية للعشرات من تلك العروض تنم عن مرجعية معرفية عميقة ليس بفن المسرح فقط ..بل بكل الأجناس الأدبية ..و المدارس الفلسفية ..وقد نفعه هذا حين وضع أعمالا قدمها مسرح السامر لكتاب عالميين لديهم رؤيتهم الفلسفية ..تحت مجهره النقدي .. فلأن أحمد أبو العلا سبق وأن قرأ نص "مهاجر برسبان " للكاتب متعدد الجنسيات "جورج شحادة" – مصري الأصل ..لبناني النشأة..فرنسي الإقامة – فقد راعه هذا التدخل السافر من قبل ابراهيم الرفاعي في النص حين أعده للمسرح تحت عنوان "حصاد الشك" ..حيث أن هذا التدخل من وجهة نظر "أبو العلا" أثر على الشخوص المسرحية التي فقدت ملامحها..كما أن الإعداد أضعف الصراع الذي هو أساس النص الأصلي ..وأغفل بعض المشاهد المهمة جدا ..تلك المشاهد التي تعكس موقف
الكاتب وموقفنا من فكرة الطهر وفكرة النقاء ..كما حول لغة النص "الفصحى " إلى لهجة عامية عابتها الركاكة..
إلا أن الوضع كان أفضل مع مسرحية "التعري قطعة قطعة " ..تأليف "سلافيو ميرجنيك " والذي قدمته فرقة جمعية ثقافة سنورس بالفيوم وأخرجه "محمد بطاي " ..وأبطاله أبناء صلاح حامد والذي استشهد وإبنه في كارثة محرقة بني سويف وأصيب ثلاثة من أبنائه إصابات بالغة في الحادث ..وقد تم صقل مواهب الأبناء في ورشة تدريب بقصر ثقافة الفيوم ..ويقول "أبو العلا" إن المخرج "محمد بطاي "استطاع توصيل الرسالة التي تنطوي عليها المسرحية بأسلوب بسيط اعتمادا على ممثليه الذين بذلوا جهدهم في إبراز المعاناة النفسية ..إلا أن أبو العلا يأخذ على "علاء عبد القوي " الذي أعد المسرحية حذف مقاطع من نص "ميروجينك" كان من الممكن أن تساعد المتفرج على التعرف أكثر على طبيعة الشخصية ..وتبرير انفعالاتها ..لذلك يشدد الكاتب على أن الإعداد المسرحي لأي نص يتطلب وعيا وجهدا من المعد ..بحيث لايبدو وكأنه اعتداء على النص الأصلي ..
ويتوقف الكاتب أحمد أبو العلا كثيرا أمام دورتين لما يسمى بمهرجان المخرجة المسرحية ..حيث يتساءل بغضب : هل يمكن أن نقيم عيدا للفراولة في بلد لاينتج الفراولة ؟
..وينتقل من سؤاله عن الفراولة إلى التساؤل عن المرأة المخرجة ..كيف نقيم احتفالا بأعمالها والبلد لايقدم لها شيئا ولاحتى للرجل المخرج ..وينتهي أبو العلا إلى أن المرأة المخرجة لاتستطيع الاستمرار في هذا الطريق لأكثر من عرضين أو على أكثر تقدير ثلاثة عروض في كل حياتها ..لماذا ؟ لأنه كما يقول مهنة شاقة مثل مهنة ميكانيكي السيارات !..ويتساءل:هل رأيت مرة واحدة في حياتك إمراة تنام أسفل السيارة ..وتعرض نفسها لخطر سقوطها فوقها أثناء متابعتها للشكمان التالف والشاسيه المكسور ؟!!!
أما أسباب المشقة أن الإخراج مهنة في حاجة إلى المناورة مع قطاعات الانتاج وجهاته " ..ويحتاج إلى قوة احتمال إلى حد الانفجار في مواجهة هؤلاء الذين يدفعونك دفعا إلى الكراهية ..ليس فقط كراهية الاخراج المسرحي ولكن ربما يدفعونك إلى كراهية نفسك فتعلن أمامهم قرار الانتحار ..والمراة ربما تنتحر لأن رجلا خدعها ..لكنها لن تنتحر بسبب مهنة الإخراج!!
هل يبالغ أحمد أبو العلا ؟! هل "يضخم" من حجم الصعوبات التي تواجه المرأة المخرجة ؟
قبل أن نجيب على هذا السؤال ..ينبغي ألا ننسى أن هذه رؤية كاتب ..بل –وكما أشرت سابقا - موظفا ومسئولا في الإدارة العامة للمسرح بالهيئة العامة لقصور الثقافة ..وكان على رأس هذه الإدارة خلال عاميه الأخيرين..لذا تكتسب رؤيته مصداقية عالية ! وبالتالي ينبغي أن ننصت باهتمام لما يقول !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم #رفعت_عيني_للسما مش الهدف منه فيلم هو تحقيق لحلم? إحساس


.. الفيلم ده وصل أهم رسالة في الدنيا? رأي منى الشاذلي لأبطال في




.. في عيدها الـ 90 .. قصة أول يوم في تاريخ الإذاعة المصرية ب


.. أم ماجدة زغروطتها رنت في الاستوديو?? أهالي أبطال فيلم #رفعت_




.. هي دي ناس الصعيد ???? تحية كبيرة خاصة من منى الشاذلي لصناع ف