الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حقوق المرأة من قبل المهد الى ما بعد اللحد ـ الخاتمة

خالص عزمي

2005 / 7 / 23
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


حاولت في الحلقات السابقة ان اسلط الضوء على ما يصيب المرأة من اجحاف وغبن وغمط
للـــحقوق من قبل ان تولد واثناء مـــسيرة حياتها وحتى بعد ان يــــــوارى جســــدها الثرى.
وقد قدمت خلالها صورا لنماذج من ذلك التمايز المشين ما بين الانثى والذكر استقيته مـــن
واقع الحياة وسوح القضاء تأكيدا وتدليلا على ذلك الاجحاف.
الى هنا قد يكتفي بعض الكتاب بما توصلوا اليه من بحث واستقراء في مجال الارشــــــــــاد
والتوجيه وتبيان الخلل ؛ الا انني استصوبت العبور الى ضفة آليات التنفيذ ضمن اطــــــــار
ذات البحث ومن خلآل برنامج عملي يضع القواعد الممكنة لاطروحات اسرية واجتماعــــية
وتربوية وقانونية قد يمتد زمنها الى اكثر من عقد يتم خلاله غربلة شاملة للمعيقات الــتـــــي
تحول دون منح المرأة حقوقها المتساوية . لكي يصار بعدهاالى تحديدالبرنامج المناســـــــــب
الذي سيضع مفرداته مختصون اجتماعيون وتربويون واطباء نفسيون...الخ لكـــــــــــــــــي
يتماشى مع طبيعة كل منطقة بحسب وضعها الجغرافي والتاريخي والثقافي وما يحكــــــــمها
من عادات وتقاليد شكلية لا جوهرية تغلب عليها صيغ الخرافات والخزعبلات التـــــــــــي
توارثتها الاجيال ووضعتها موضع التطبيق او التقديس دونما تمحيص او وعي مـــــــــدرك
لما ستؤدي اليه من نتاج عكسية مهينة للمرأة التي يذكرها الجميع ( وبصيغة ببغاويــــــــــة)
انها تمثل نصف المجتم ... في حين ان هذا القول غير مطبق من الناحية العملية؛ ذلـــك
ان هذا( النصف) معد له ان يكون مشلول الارادة قابعا في قفص الرجولـــة الــمغلق بمفتاح التقاليد الشكلـــــــــــيـة المتناقضة في مفاهيمها وتطبيقاتها.

لو عدنا الى حملة مكافحة الامــيــة في العراق لرأينا انها لم تسر الى امـــام لـــــــــــــــمجرد
التفاف جميع القوى الشعبية والحكومية من اجل انجاحها وحسب ؛ بل لان ثـلاثة عوامـــل
اساسية هي التي حققت ذلك النجاح المدهش الذي اعترفت به وباركته بتقدير متميــــــــــز
منظمة اليونسكو: وتلك العوامل هي ؛ القانون الدقيق والصارم لمكافحة الاميــــــة ؛
تطوع المئات من جميع الفئات القادرة على التوجيه والتعليم اضافة الى الملزمين قانونــــــا
بالعمل التربوي؛ المتابعة الجدية واليومية لكل مجريات الحملة ومعاقبة المقصرين ســــــواء
من المشمولين بالقانون او من الهيئات المسؤولة عن تنفيذه او اولياء الطلاب المنخرطيــــن
في صفوفها ا والمتقاعسين عن متابعة الدراسة.....
اننا هنا ندعو لذات الصيغة الفاعلة والجدية لغرض التوعية الشاملة المباشرة او غــــــــــير
المباشرة لاقتلاع ما ترسب من شكلايات العادات والتقاليد غير البناءة وغيـر المثمــــــــــرة
والتي تعوق حقوق المرأةفي المساواة؛ وذلك من خلال قانون ينفذ حرفيا ؛ وبواسطـــــــــة
تكاتف جميع الهيئات التي يعنيها هذا الموضوع الحيوي الاجتماعي.
يبدأ التعامل مع هذه المهمة الصعبة بمسح شامل لكل ما هو مؤثر ومسبب للتمايز الواقعـــي
ما بين الجنسين وعلى جميع مراحل الحياة الاسرية والاجتماعية؛ وتبعا للمناطــــــــــــق
الجغرافية التي تتفاوت وتختلف في عاداتها من مكان الى آخر وطبقا لموروثها وتفهمهـــــا
له كما تناقلته عن اجيال سابقة.بعد ذاك توزع حصيلة ذلك المســــح على المختصــــــــين
في العلوم النفسية والاجتماعية والتربوية والصحية والتاريخية... الخ لكي يصوغــــــوا
القواعد الواقعية للتنفيذ الفعال والممكن ؛ ولتودع بعدئذ الى هيئة قانونية تتــولـــــــــى
اعداد مشروع قانون ملزم يتولى الاشراف على تنفيذه جمهرة من المعلمين والاطبــــــاء
والمرشدين الاجتماعيين والكتاب والشعراء والصحفيين والفنانين والمحامين.........الـخ
كل حسب موقعه وامكانته وبالصيغة التي يرسمها ذلك القانون.
تتوزع خطة التنفيذعلى مراحل زمنية يمكن مراجعة ايجابياتها او سلبياتها من خـــــــلال
التطبيق العملي وحسب تقارير المشرفين الفصلية والسنوية؛اما المكانية منها فبحســـــــب
المواقع التي شرحناها آنفا ؛ ذلك ان ما يصلح للقرى والارياف غير الذي يصلح للمـــدن
؛ وما يصلح لريف الشمال غيره ما لريف الوسط او الجنوب ... وكذلك ما يصلح للشباب
غيره ما يصلح للشيوخ.... وهكذا دواليك
وعلى ضوء ما تقدم يمكن اعداد الافلام التوضيحية والكراسات التوجيهية والبرامــــــــج
الاذاعيةوالصحفية والندوات والاحاديث ... حسب ما هو مرسوم في الحملة وباسلـــــوب
شيق يبتعد عن الخطابة والدعوة القسرية ويعتمد على تبادل الحوار ولغـــة اللطف وما
فيها من نماذج وامثلة واقعية تحبب المستمع والمشاهد الى ما يطرح اثناءها ومــــــــــن
خلالها .ففي الارياف مثلا لانحتاج الى اشخاص موفدين بل سيصار الى تكليف هيــــئة
محلية من اطباء ومهندسين زراعيين ومعلمين وطلاب وفلاحين واعين ليتولوا القـــيــام
بتنفيذ الخطة الزاميا كجزء من واجباتهم الوظيفية والوطنيةودون ان تتكلف الدولـــــــة
اية نفقات جراء ذلك .ويمكن الاعتماد في تلك الارياف على اللقاءات الدوريـــــــــــــــة
التى تعقد بالمناسبات الاجتماعية او اثناء توزيع البذور او المبيدات ... الخ او اثنــــــاء
شراء المحصول من قيل اللجان والجمعيات او اثناء مراجعة الامهات للمراكز الصحـية
لتلقيح الاطفال .... الخ اضافة الى الزيارات المعتادة الى الاسر من قبل الباحثـــــــــات
الاجتماعيا ت وغيرهن ممن يسهل عليهن القيام بهذه المهمة الانسانية المشــــــــــــرفة.
ان كثيرا من المواقع الرجاليةالمحصنة يمكن التغلغل فيها وطرح منهج الحملة؛ كالمقاهي
والدواوين ؛ وان احسن من يقوم بمثل هذه التوعية غير المباشرة هم الفنانـــــــــــــون؛
الذين يستطيعون ان يمرروا كل ذلك من خلال التمثيلية او الاغنية او النكتة اوالحــوار
المباشر مع المتلقين . كما يمكن اجراء كل ذلك من خلال الافلام والمسلســــــــــــــلات والفديو كليب وغيرها من اليات تكنولوجيا العصر. ان مثل هذه التوجيهــــــات عــلى
بساطتها وتنوعها لها الدور المهم في هذه العملية الواسعة طويلة الامد والتـــــــــــــــي
تحتاج الى الاناة والصبروالمثابرةلان قلع الجذوراليابسة الضاربة في العمــــــــــــــق
اولا هو اصعب من نثر البذور الصالحة بعدئذ. وعليه فلا يمكن لمثل هذه الحمـــــــلة
ان تنجح الا بتوفر عنصرين يسيران معها على ذات السبيل وهما؛ الديمومــــــــــــــة
والجدية المتفانية. ومن هذين المبدأين يمكن للهيئة العليا لهذه الحملة الوطنيـــــــــــــــة
ان ترسل مندوبين على مستوى رفيع من الثقافة والفن والقانون والاجتماع ليـــــجولوا
موضّحين وموجّهين ومعّرفين باهمية ما يتوجب عمله تجاه حقوق المرأة من قــــــــبل
المهد الى ما بعد اللحد
هذا عن الارياف اما في المدن؛ فالامر ميسور بوجود اعداد كبيرة من الموظفيـــــــن
والطلاب والعمال والقوات المسلحة والهيئات التدرسية الذين يمكن الوصول اليـــــهم
وعرض اساليب متنوعة من التوعية بحسب ثقافة كل منهم؛ ثم هناك الجمعيـــــــيات
والنوادي والنقابات والاتحادات وغيرها من هيئات المجتمع المدني ؛ التي يمكــــــن
الافادة منها كمراكز شاملة لتوعية اعضائها؛ هنا يتوجب التوضيح( بان كل وصـــــف
للمذكر انما ينصرف مباشرة الى المؤنث)؛ والا نكون اهدرنا جهدنا في مفهوم المساواة.

ومن الجدير بالذكر التأكيد على ان المستفيد الاول من التمايز ما بين الذكورة والانوثة
وتشجيع ديمومته وتركيز قواعده هم تلك المجموعة الواسعة المسرفة في غيها مــــــن
الدجالين والمشعوذين والافاقين والسحرة الذين يسترزقون ببخورهم وادعيتهـــــــــــم
وتعاويذهم وحكاياتهم الهادفة جميعها الى تثبيت التقاليد الشكلية التى تدعو الى التــمايز
وذلك بتمريرها على البسطاء والسذج من الجنسـين. ومما لاشك فيه ان الحملة بذاتها
عملية شاقة يقع عبؤها على الرجل قبل المرأة ؛ فالنزول عن صهوة السطــــــــــــوة
والسمووالتعالي الى دنيا المساواة والتعادل والتوازي ؛ لهو امر يحتاج الى الرجــــولة
الحقةوالشجاعة والجرأة والايثارو الى مجتمع متجدد متطور يؤمن بذلك ويعمـــــــــل
على تحقيقه بروح ادركت الحقيقة وآمنت بان التعصب والتمسك بقشور الشــكليــة
في التقاليد والعادات ما هو الا سباحة عمياء ضد تيار التقدم الانساني.


× باحث وقانوني عراقي مقيم في النمسا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حزب الله يهدد باستهداف مواقع جديدة داخل إسرائيل ردا على مقتل


.. المجلس الوزاري الأمني الإسرائيلي يبحث اليوم رد حماس بشأن الت




.. مصادر فلسطينية: ارتفاع عدد القتلى في غزة إلى 38011 | #رادار


.. الناخبون البريطانيون يواصلون الإدلاء بأصواتهم لاختيار الحكوم




.. فرنسا.. استمرار الحملات الانتخابية للجولة الثانية للانتخابات