الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دسّني في عبك

جوزفين كوركيس البوتاني

2014 / 5 / 28
الادب والفن


دسَّ مجلته الفنية في عبه وتهيء للخروج آخذا معه قهوته الجاهزة. فزت رغبتي المدفونة واعترضت طريقه وانا صامته، ولولا عنادي، للحقت به. لقت له بكل وقاحة:
دسني في عبك انا ايضًا! دعني استمتع بدفء صدرك الواسع. ضعني بجانب مجلتك لو سمحت، كي تتسلى بنا وانت في القطار الذي لا اعرف الى اين سيأخذك، كما لم أعرف من أين طللت عليَّ قادمًا من الشرق. تصفحني بهدوء على اقل من مهلك مثل تصفحك لمجلتك الفنية. تارة طالع في وجهي وتارة في وجوه نجماتك المدللات، اقصد المملات، ممن يأكلن وجبة واحدة في النهار ويقضين اكثر اوقاتهن عند طبيب التجميل وصالات التدليك وصالونات الحلاقة، كي يصبحن بهذه البلاهة وبهذا الجمال التجاري.
أما لو طالعتني بإمعان، ولو دققت فيَّ كما تدقق في نجماتك، ستكتشف بأنني امرأة عادية. آكل ثلاث وجبات في اليوم وأقضي نهاري كله في عمل شاق، ولا وقت لدي للذهاب حتى إلى الصيدلية لشراء حبوب الرشح. لو تأملتني جيدًا، ستجد وجهي التعب بلا مساحيق، ولكن ابتسامتي كفيلة بأخذك بعيدًا عن الأنظار وعن نفسك. بأنها كفيلة حتى ببث الراحة في داخلك. صحيح لست "جميلة" مثلهن، لكنني لست مملة. لا البس الكعب العالي، لأنه يعيق حركتي، فأنا امرأة كثيرة الحركة ولا أجيد السير بغنج. كما انني لا احب الملابس الضيقة التي تظهر مفاتن جسدي، ولا أحب تقييد يداي بأساور لتخشخش في اذان رجل احمق! ولا اخنق رقبتي بقلائد ثقيلة كي ارضي رجل كهل. فأنا احب ان اكون حرة، وان اختليت بي، فستجدني بورقة توت لا أكثر، لأن رائحة انوثتي كفيلة بجعلك تئن من الفرحة.
آه... وأنت تدسني في عبك، إحذر جرحي العميق! فأنه يوجعني رغم خموده.
آه يا أيها الغريب...دعني لحالي.. لقد تراجعت عن قراري..لا.. لا أريدك...! خذ مجلتك..خذ بعضك واذهب.. وأما انا القادمة من بلد الجوع، سأكتفي بلحظة اشتهائي العابر لك كما تشتهي امرأة حامل اشياء غريبة لا تخطر على بال، وقد يصل الأمر بها لدرجة ان تشتهي وتأكل كلسًا بالخفية! هكذا انا اشتهيتك واشتهيت يداك لدرجة نطت كل أرانبي والتفت حولها وبدأت تأكلها الأصبع تلو الآخر كالجزر، بينما كنت انت مشغول بقراءة فضائح نجماتك. لا عليك.. إنه مجرد لغو... مجرد شهوة عابرة لامرأة منسية لا أكثر.
فخذ مجلتك وتعجل كي لا يفوتك القطار كما فاتني. وأما أنا، فلست سوى مجلة قديمة تركها رجل طيب على طاولة الغربة ورحل، ولكن لا أخفي عليك، يداك اشعلت نيراني الخامدة... ولكن لا بأس لأن النيران ستبعد عني الذئاب... والذئاب، كما تعلم، تخشى النار...
وذهب هو وبقيت أنا معلقة كدودة قز بخيوط حريرية شفافة بين ماضٍ جميل وحاضر لا أعرف إن كان جميلاً أم لا...؟


رتشموند، فرجينيا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شابة يمنية تتحدى الحرب واللجوء بالموسيقى


.. انتظروا مسابقة #فنى_مبتكر أكبر مسابقة في مصر لطلاب المدارس ا




.. الفيلم الأردني -إن شاء الله ولد-.. قصة حقيقية!| #الصباح


.. انتظروا الموسم الرابع لمسابقة -فنى مبتكر- أكبر مسابقة في مصر




.. شخصية أسماء جلال بين الحقيقة والتمثيل