الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا لا يكون المولود يهوديا الا ا ذا ولد من أم يهودية، وأخطار الاعتراف باسرائيل دولة يهودية؟

ميشيل حنا الحاج

2014 / 5 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


لماذا لا يكون المولود يهوديا الا ا ذا ولد من أم يهودية، وأخطار الاعتراف باسرائيل دولة يهودية؟
ليس في "التوراة" نص واضح وحاسم على هذا النهج اليهودي، رغم وجود نصوص قليلة ومتفرقة تفيد أن الولد من أم يهودية هو يهودي. اما الابن من رجل يهودي وزوجة غير يهودية، لا يكون يهوديا الا اذا تهود.
فاليهودي في عرفهم هو فقط من يولد من أم يهودية حتى لو كان الأب غير يهودي. فالولد ينتمي دينيا الى أمه وليس لأبيه. والطفل الذي يولد لأب يهودي من أم غير يهودية، ليس يهوديا، الا اذا تهود بصفة رسمية، وتم تطهيره على الطريقة اليهودية، علما أن "الطهور" لدى اليهود، شبيه بالطهور لدى المسلمين.
وفي مرحلة ما، جرى التشكيك بيهودية "الملك داود"، ملك اسرائيل، استنادا الى أن واحدة من أسلافه (واسمها روث) لم تكن يهودية. ولكن بعد البحث والتدقيق من قبل كهنة اليهود، تبين أن "روث" قد تهودت، وبذا أصبح "دافيد" يهوديا، كما قال اليهود.
ومنذ عام 1983 ظهر توجه جديد بين بعض اليهود المحدثين المقيمين في الولايات المتحدة. اذ باتوا يعتبرون الطفل المولود من أب يهودي، يهوديا، ولو لم تكن أمه يهودية، شريطة أن تجري تربيته على أسس الديانة اليهودية، بما يعني أنه قد جرى تطهيره على الطريقة اليهودية، وعلم الذهاب الى "السينيجوج" وهو "الكنيس"، أي المعبد اليهودي.
ولا أحد يعلم السبب الأساسي لهذا الموقف من الطفل المولود من أم غير يهودية . وما هو مرد هذا الاعتقاد وجذوره رغم وروده في "التوراة"، مع وجود بعض الخلاف حوله في "التناك"، وهو "انجيل اليهود" الذي اعتبر لمرحلة ما، الابن ليهودي من زوجة غير يهودية، يهوديا طالما أنه قد "تهود". وهو ما يتعارض مع المفهوم الوارد في الثقافة اليهودية "ميشناه"، وهو المفهوم الذي أكد أيضا في "التلمود"، ( بما للتلمود من مكانة خاصة لدى اليهود) ومفاده أن اليهودي هو فقط ابن اليهودية، مرجحين أن هذا الاعتقاد قد نشأ منذ نزول "التوراة" على "النبي موسى" في صحراء "سيناء"، كما ذكر في "الوكيبيديا".
ونسبة الولد الى أمه دون أبيه، عرفت أيضا في الزمن القديم لدى بعض المجتمعات البدائية، باعتبار أن الأم مؤكدة أمومتها للطفل، دون وسيلة للتأكد ممن هو الأب، وخصوصا في زمن ساد فيه الغزو وأخذ النساء سبايا. وكانت تلك قضية مفهومة في الغابر من الزمان. ولكنها لم تكن مفهومة أو مبررة في المجتمع اليهودي القديم لعدم وجود حالات الغزو والسبي. والمبررالوحيد لها هو ورودها في التوراة، وفي التلمود، وفي المعتقدات اليهودية.
ولكن ما هو مرد هذه العقيدة اليهودية، وما هي جذورها؟ هل من المحتمل أن يكون مردها الرغبة في ترجيح أن أبناء النبي "ابراهيم" من زوجته "سارة" اليهودية، أي "اسحق" وذريته، هم اليهود فحسب؟ أما أبناء "ابراهيم" من زوجته "هاجر"، أي "اسماعيل" وذريته، ليسوا يهودا؟
فالغرض الأساسي اذن، قد يكون حصر السلالة اليهودية بسلالة "ابراهيم" من "سارة" دون سلالته من الزوجة الأخرى، مع أن "ابراهيم" هو الأب للوليدين. وقياسا على ذلك، أكد كهنة اليهود وجوب نسبة الولد الى أمه دون أبيه، لأنه لو نسب الى أبيه، لكان أبناء "اسماعيل" من العرب يهودا أيضا، ولكانوا هم الأحق بأرض الميعاد، لو وجد وعد الهي بأرض الميعاد، وخصوصا أنهم (أي سلالة اسماعيل) السكان الأصليين في "أرض الميعاد".
وهذا الطرح أو الاحتمال، سواء كان صحيحا أم لا، قد لا يهمنا كثيرا. فما يهمنا حقا هو الطلب الاسرائيلي من منظمة التحرير الفلسطينية، الاعتراف باسرائيل دولة يهودية، شرطا لتحقيق السلام.
فدولة كهذه، وبهذه الدرجة من التفكير والتعصب الديني الذي يميز بين ابن وابن آخر ل"ابراهيم"، مؤهلة بعد بضع سنوات من السلام المقترن بالاعتراف بها دولة يهودية نقية، وحصولها على اعترافات الدول العربية بها، لأن تفاجئنا بطلب آخر في وقت لاحق، وهو وجوب مغادرة "عرب اسرائيل"، والبالغ عددهم مليونا وربع المليون، أراضي "اسرائيل" التي تم الاعتراف بها دولة يهودية نقية صرفة. فعرب فلسطين ليسوا يهودا، وهذا يتناقض مع مضمون الاعتراف بها دولة يهودية. وهنا نصبح بصدد هجرة فلسطينية ثالثة، تضاف الى هجرتين فلسطينيتين سابقتين، في عامي 1948، ثم 1967.
ومن هنا ينبغي التوقف طويلا، وطويلا جدا، أمام هذا المقترح الصهيوني الذي يخفي ويبيت الكثير للعرب، ولعرب فلسطين بالذات الذين يسمون ب "عرب اسرائيل".
فالتعصب اليهودي ليهوديتهم أمر بالغ الوضوح. وهو يتجلى في أمورعديدة أكثرها وضوحا تتمثل في معتقداتهم الغريبة، والتي لم تعد سائدة في العالم المتحضر كله، ومفادها عدم اعتبار اليهودي يهوديا ما لم يكن مولودا من أم يهودية. ورغم نزوع بعض الفئات الأكثر تحضرا في المجتمع الأميركي اليهودي منذ نهايات القرن الماضي، الى التخلي عن هذا المعتقد، فان الغالبية العظمى من اليهود وخصوصا الأورثوذوكس منهم (أي اليهود الكلاسيكيين والتقليديين)، ما زالوا يتمسكون بمفاهيمهم القديمة التقليدية، علما بأنهم يشكلون نسبة عالية بين اليهود.
فشعب لديه هذه الدرجة من التعصب ليهوديته، ويطالب بالاعتراف به دولة يهودية نقية في يهوديتها، يرجح أنه يبيت الغدر، ولديه نوايا كثيرة غادرة لا يكشف عنها، ولن يكتشفها العرب الا بعد فوات الأوان.
ولو لم تكن اسرائيل بهذه الدرجة من التعصب ليهوديتها، لقبلت بطرح المرحوم "ياسر عرفات" بتأسيس دولة ديمقراطية على أرض فلسطين، تضم الشعبين اليهودي والفلسطيني، في اتحاد وحدوي أو فدرالي. ولكنهم لم يقبلوا بهذا الطرح الفلسطيني، وها هم الآن لا يقبلون الا بسلام يعترف باسرائيل دولة يهودية نقية، وهو الأمر المناقض لطرح الراحل "عرفات".
فحلمهم منذ الفي عام، عندما كانوا يرفعون كؤؤسهم مرددين نخبا واحدا: "العام القادم في أورشليم"، لم يكن مجرد حلم بالعودة الى "القدس"، الى "أورشليم"، الى ما سموه أرض الميعاد، الى "الهيكل"، بل كان حلمهم الاستحواذ على كل الأرض الفلسطينية، وانشاء الدولة اليهودية النقية على أراضيها. والدولة اليهودية النقية، لن تكون نقية بتواجد مليون وربع مليون عربي فلسطيني على أراضيها، غلما أنه عدد مرشح للتزايد عاما بعد عام.

ميشيل حنا الحاج
عضو في جمعية الدراسات الاستراتيجية الفلسطينية (Think Tank).
عضو في مجموعة (لا للتدخل الأميركي والغربي) في البلاد العربية.
عضو في ديوان أصدقاء المغرب.
عضو في رابطة الصداقة والأخوة اللبنانية المغربية.
عضو في لجنة الشعر في رابطة الكتاب الأردنيين.
عضو في جمعية الكتاب الأليكترونيين الأردنيين.
عضو في اتحاد دول المقاومة: ايران، العراق، سوريا ولبنان.
عضو في تجمع الأحرار والشرفاء العرب (الناصريون(
عضو في مشاهير مصر - عضو في منتدى العروبة
عضو في "اتحاد العرب" (صفحة عراقية(
عضو في شام بوك - عضو في نصرة المظلوم (ص. سورية(
عضو في مجموعات أخرى عديدة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي