الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العامل الاقتصادي هو الحاسم لإنهاء الصراع بين روسيا من جهة وأمريكا والاتحاد الاوربي وأوكرانيا من جهة أخرى

عبد علي عوض

2014 / 5 / 28
الادارة و الاقتصاد


حينما نعود الى بدايات تكوين المجتمعات البشرية والصراعات الدموية ألتي خاضتها، نَجد أنَّ أسباب ودوافع تلك الصراعات هي إقتصادية. وبمرور الزمن تحوّلت إلى إستعمار عسكري ثمّ إقتصادي، ألذي لم يَزل يفعل فعله ويقرر مصائر الشعوب إنْ كانت متحررة أو رازحة تحت نير التبعية الاقتصادية. والعامل الاقتصادي، يلعب في الظروف الراهنة الدور الرئيس في تغيير الخريطة الجيوسياسية الدولية.
قُبيل إنهيار الاتحاد السوفيتي ومعسكر الدول الاشتراكية، أعطى الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب تعهداً، شفوياً، لسكرتير الحزب الشيوعي السوفيتي وأول رئيس للاتحاد السوفيتي – ميخائيل غورباتشيوف – بعدم زحف حلف الناتو نحو الحدود الغربية للاتحاد السوفيتي، لكن بعد تفكك الاتحاد السوفيتي في عام 1991 إلى ما تُسمّى – الجمهوريات المستقلة ذات السيادة – وإلغاء حلف وارشو، أصبحت بعض الدول الاشتراكية أعضاء في حلف الناتو، وفي مقدمتها بولونيا، ألتي كانت مركز قيادة قوات معاهدة وارشو!... ولهذا، فليس غريب هكذا سلوك من قِبل الامـبريالية الأمريكية.

لقد كان العامل الاقتصادي أحد الأسباب الرئيسية لإنهيار الاتحاد السوفيتي ودول المعسكر الاستراكي، إذ كان سباق التسلح، إبان الحرب الباردة، يستنزف 23% من الموازنة السنوية للاتحاد السوفيتي وعلى حساب التنمية الشاملة.
إنَّ المخطط بعيد المدى الذي تمَّ وضعه من قِبل دوائر الاستخبارات الأمريكية والغربية لتدمير وجود الاتحاد السوفيتي ودول حلف وارشو ولفرض واقع جديد، هو القطب الواحد "الولايات المتحدة الأمريكية"، كان يتكوّن من المراحل التالية:
1- إنهاء وجود إتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية كدولة موحدة وتفكيكها الى دويلات صغيرة، وإلغاء حلف وارشو.
2- خَنق روسيا الاتحادية عن طريق إدخال البعض من الجمهوريات السوفيتية السابقة المحيطة بروسيا الاتحادية إلى حلف الناتو والاتحاد الأوربي – جمهوريات بحر البلطيق (أستونيا، لاتـفيا، ليتفا) وجورجيا.
3- تفتيت الاتحاد الروسي المتكوّن من جمهوريات إتحادية وأقاليم ذات حكم ذاتي إلى دويلات صغيرة عن طريق إشعال الحروب الأهلية الداخلية، وتجلّى ذلك في الحرب الداخلية التي قادتها المنظمات الارهابية في منطقة القفقاس والمموَلة من دول الخليج، لكون تلك المنطقة ذات أغلبية مسلمة.
إن أحد الأسباب الذي ساعد على إنجاز ذلك المخطط، هو شلل وتوقف المجمّع الصناعي العسكري الروسي على مواكبة تصنيع الأسلحة ذات التقنيات العالية، بسبب إيقاف التمويل المالي، لكن بعد عدة سنوات إستعادت روسيا مكانها عالمياً في التكنولوجيا العسكرية المتقدمة، وبذلك أعطت إشارة إلى الولايات المتحدة وحلف الناتو، بأنّ المساس بوحدة وسيادة الأراضي الروسية، هي خطوط حمراء.
بعد سنوات من الركود، عانى منها الاقتصاد الروسي، أخذ بالتعافي تدريجياً وأخذ الاحتياطي النقدي الستراتيجي بالازدياد، وإرتفعت القدرة الشرائية لمواطني روسيا.
بعد أن فشلت محاولات الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة الأمريكية في إركاع روسيا سياسياً وعسكرياً، لجأت إلى السلاح الإقتصادي، عن طريق فرض العقوبات الاقتصادية وإبعاد أوكرانيا عن التكامل الاقتصادي مع منظومة الدول ذات السيادة (جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابقة) ومحاولة إدخالها في عضوية الاتحاد الأوربي. لكن تلك المحاولات والإجراءات باءت بالفشل وللأسباب التالية:
•أنّ الانتاج الصناعي في أوكرانيا يُصدّر الى روسيا فقط، ولا يجِد له ترويج في أسواق الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة الأمريكية.
•يتجاوز عدد العاملين الأوكراينيين في روسيا ثلاثة ملايين عامل، والحد الأدنى للأجور في روسيا هو ضعف مثيله في أوكرانيا، إضافةً إلى تواجد ثلاثة ملايين عامل أوكرايني في بيلوروسيا وأربعة ملايين في كازاخستان، يعني مجموع الأيدي العاملة الأوكراينية هو عشرة ملايين (من مجمل نفوس أوكرانيا والبالغة 45 مليون شخص)، وهذا الرقم يشكل نسبة كبيرة في تكوين الناتج المحلي الاجمالي لأوكرانيا. فاذا أوقفت الحكومة الأوكراينية علاقاتها الاقتصادية مع تلك الدول ذات السيادة، سيؤدي ذلك الاجراء إلى عودة عشرة ملايين عامل الى أوكرانيا، وسيكونون عبئاً على الاقتصاد الوطني، لكونهم سيحشرون مع جيش العاطلين عن العمل في داخل أوكرانيا.
•عدم إنصياع دول أورﭙ-;---;-----;-------;----ـا الغربية إلى تنفيذ العقوبات الاقتصادية ضد روسيا لسببَين رئيسيين: أولهما هو أنّ التبادل التجاري و الاستثمارات الاوربية في روسيا تبلغ 400 مليار دولار، في حين تبلغ الاستثمارات الامريكية في روسيا 27 مليار دولار. السبب الثاني هو عدم إستغناء ست دول أوربية عن مصادر الطاقة، وتحديداً، الغاز الروسي، لكونها لا تمتلك البدائل لذلك.
على صعيد الواقع العراقي، ومن خلال ما ذكرته أعلاه، يتوجب على الدولة العراقية أن تستخدم السلاح الاقتصادي ،النفط وإيقاف إستيراد السلع من الدول التي تحاول التدخل في شؤون العراق الداخلية السياسية والاقتصادية وإلحاق الضرر به وعدم إعطائه إمكانية النهوض بإقتصاده ... ولاننسى في هذا المجال أنّ العراق يستطيع إجبار كل من إيران وتركيا على التوقيع على معاهدة، تضمن له حقوقه في المياه القادمة من البلدين. لكن ما دامت بعض القوى المتنفذة في السلطة، تدين بالولاء الى كلتي الدولتين، فلن تجري المطالبة بحقوق العراق المائية وسيكون المستقبل أكثر شؤماً وإسوداد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل تسمح الأعباء الاقتصادية لإسرائيل بفرصة فرض حكم عسكري على


.. إبراهيم رئيسي.. هل تحتدم المنافسة على خلافة خامنئي؟




.. الذكاء الاصطناعي ساحة منافسة ضروس بين شركات التكنولوجيا العم


.. أغلى من الذهب.. ريشة طائر نيوزيلندى تسجل رقم قياسي فى مزاد




.. مصممة سويسرية تكشف سبب احتكار صناعة وتصميم السعفة الذهبية بم