الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تراثنا في ذمة التاريخ

زاهر نصرت

2014 / 5 / 29
العولمة وتطورات العالم المعاصر


يستحيل على اي امة او دولة في عصرنا هذا ، عصر التواصل المعمم والمعولم ، ان تنفصل عن حركة التطور الشامل في كل مفاصل حياة الانسان ، وفي نفس الوقت لا ننسى او نتناسى ان خريطة هذا العصر تحمل في كل خطوطها ومواقعها اشعاعاً من حضارتنا العربية الاسلامية في توهجها الفكري وألقها الروحي وريادتها العلمية ورفعتها الانسانية .

يبقى تراثنا العربي والاسلامي على حدٍ سواء ارضية للبنيان الحضاري والفكري ، ولِما لا عندما نراجع المؤلفات الغنية في انبل صفحاتها ونأتي بالذكر الى ابهى رموز هذا التراث كالشعراء الكبار – ابا تمام وابا الطيب المتنبي وابا فراس الحمداني ... وغيرهم الكثير – علاوة على أدبياتنا الرائعة وبطولاتنا التاريخية وفتوحاتنا العلمية وبداوة صحرائنا المجيدة .

ان التخلي عن التراث والتنكر له والاقتداء بالأخر واعني هنا " الاجنبي " يقع ضمن مفاهيم مغلوطة تحت اسم المعاصرة والحداثة والتقدم العلمي والتقني ، هذا يمثل نمط من انماط الانتحار المجاني ، وان امتنا العربية الاسلامية تمتلك وجودها الحيوي الذي صنعه تاريخها المعرفي كما تمتلك مداها الشمولي الذي يعطيها ان تكون جزءاً من زمن كوني تاريخي بعيد الاغوار ، موصول بالحاضر ، مرتبط بالمستقبل .

مع الاسف كان حجم تقصيرنا كبيراً بحق تراثنا ( موروثنا وتاريخنا ولغتنا وحضارتنا ) الذي وضعَنا يوماً في جبهة الشمس واضاء مجاهل الدنيا حين حمل رسالة التنوير الى العالم في بئس مراحل تخلفه الذي انعكس راساً على عقب بعدما تجلى تراث العالم الان بما تنتجه مطابعه من كتب لا حصر لها تَصدر كل يوم مؤلفاتها حول الفلسفة والآداب والدراسات التاريخية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والدينية منذ فجر التاريخ الانساني ، تعرض وتدرس وتحلل وتترجم وتحقق وتنتقد وتستعيد افلاطون وارسطو وسقراط وآباء الفلسفة وعباقرة الشعر والمسرح والرواية امثال سوفوكليس وفيرجيل وشكسبير وجوته وغيرهم ونجد في هذه الاعمال والمؤلفات التي تقدمها للعالم قضيتها المعرفية ومداراتها الفكرية ونرى انها لم تستنفذها لأنها تعتبرها ارثاً انسانياً جديراً بالتقصي والتوثيق يقدم اضافته المهمة للفكر المعاصر للأجيال القادمة .

قد يكون من الصعب والعسير علينا ان ندرك شعورهم ، هُم الباحثين عن التاريخ والتراث واللغة ونحن الذين نمتلك التاريخ والتراث واللغة في اجمل تجلياتها ، ونحن الذين كتبنا تراثنا نفسه على جدار الزمن ببصمات يصعب ان تمحى وحملناها في الذاكرة وفي القلب وهذا ما يدفعنا للتساؤل بأن نكون اكثر وعياً بواقعنا وما يجري في العالم من حولنا وان نكون اكثر فهماً لهذه الحملات التي تتعرض لها امتنا بدعاوي مختلفة منها ( تجاوز التخلف ، تحرير المجتمع ، تغير الواقع المزري ) ومن ثم ايجاد الحل بواسطتهم عن طريق فك الارتباط بتراثنا وكسر طوق الدين والتحرر من التاريخ ومن دون وازع لضمير اخلاقي او علمي ، انهم ينتقصون في هذه الايام من حضارتنا وموروثنا وقيمنا وعقائدنا وماضينا والدليل ما حصل ولا زال في العراق من تدمير شامل ومن السرقة المتعمدة لأثاره وتراثه وماله العام وما يحصل في سوريا وخاصة في الاماكن الاثرية التي تضم تراث حافل ومجيد .

يجب علينا ان نتذكر ان اهتمامنا بالتراث ليس انغماساً في الماضي الذي مضى ، بل عودة الى حقيقة وجودنا وجوهر الوعي بهويتنا وفي النهوض بهذا الواجب المقدس ، علينا ان نبذل اقصى ما نستطيع من جهد مستحضرين الدور الاخلاقي المناط بنا في حماية تراثنا اولاً والحيلولة دون الذوبان في الاطار العولمي الجديد ثانياً المرتبط بمحاولات التنميط التي يحولونها الى مسلّمات ثم الى قناعات ونحن في شبه غفلة سائرون نحوها .



زاهر نصرت








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اتفاقية الدفاع المشترك.. واشنطن تشترط على السعودية التطبيع م


.. تصعيد كبير بين حزب الله وإسرائيل بعد قصف متبادل | #غرفة_الأخ




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - الحكومة الإسرائيلية تغلق مكتب الجز


.. وقفة داعمة لغزة في محافظة بنزرت التونسية




.. مسيرات في شوارع مونتريال تؤيد داعمي غزة في أمريكا