الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حقوق الإنسان بين هيجل و ماركس(3)

شوكت جميل

2014 / 5 / 29
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


بعد إن عرضنا،رؤية هيغل لمفهوم الدولة،و تقييمه لحقوق الإنسان،و قد ذهب فيها،إلى أن الدولة تجلٍ للحق المطلق لروح العالم،و ليس للفرد أن يطمح في حقوقٍ أكثر مما تمنحه إياها؛لأنها الحق ذاته؛نعرض ،في المقابل،الرؤية الماركسية،و التي ترى أن الدولة تجلٍ و انعكاساً لظروف المجتمع المادية،أو بالأدق أساسه الاقتصادي،و تلخص في عبارةٍ :أنه طالما كان المجتمع طبقياً؛فلا مناصٍ من أن تكون الدولة طبقية،و تباعاً تبات حقوق الإنسان طبقيةً،و ليس للفرد أن يأمل من الحقوق أكثر ما يحدده الأساس الاقتصادي و الحالة الطبقية التي يكابدها..و بَيِن أن الرؤيتين قد قيدتا حقوق الإنسان بقيدٍ،أما الأول فبالغيب،و أما الثاني فبالاقتصاد،و إذا كان لا سبيلاً لنا على فهم الغيب و تغييره!،فلنا سبيلٌ لفهم الأساس الاقتصادي و تغييره.

إذْ تفسر لنا المادية التاريخية مسألة أصل الدولة،و كيف أطلت بأظلافهما من رحم التاريخ عندما بدأت طبقةً باستغلال طبقةٍ أخرى،و إذا لم تعد التقاليد و احترامها كافياً للمحافظة على نظام العمل،فلم يكن من بد،من الاستعاضة عن قوة العادة و التقاليد بقوة تمارس القمع،و بات لزاماً من احتكار طبقةٍ من الناس للأسلحة ،و من ثم استخدامها لصالحها،فكانت الصورة البدائية للدولة،و بادٍ كونها(جهازاً وضِع لإخضاع إرادة الآخرين للقوة)(1)...و تطور هذا الجهاز،بتقدم الزمن،و تشعبت مكوناته و تعقدت أجزاؤه فشمل:الشرطة و الجيش الدائم،و السجون و المحاكم،و لم يكن القمع البدني هذا منتهى الأوجاع!فبرزت أجهزة للقمع المعنوي و الفكري الموجهة:كالتعليم،و الصحافة....إلخ

و لنا أن نسأل دولة من هي إذن؟...و حقوق من تكون؟..فيجيبنا انجلز:(..لما ولدت الدولة وسط نزاع الطبقات،فهي دولة الطبقة الأقوى،تلك التي تسيطر من الناحية الاقتصادية والتي تصبح بفضل هذه السيطرة الاقتصادية الطبقة المسيطرة سياسياً،فتحصل بذلك على وسائل جديدة لكبت الطبقة المضطهدة و استغلالها)(2)
و من البدهي،أن تبحث مثل تلك الدولة عن مصالحها الطبقية،و مصالحها الطبقية وحدها،أو كما أوجزها ماركس:"الدولة هي منظمة للسيطرة الطبقية"،و تصبح الحقوق هي حقوق الطبقة المسيطرة،أقليةٌ كانت أم أغلبية،فإذا نظرنا إلى الأنظمة الرأسمالية،و التي تمتلك فيها صفوة الصفوة ما لا يملكه جل الشعب،فليس بالإمكان إلا أن تعبر هذه الدولة عن مصالح هذه الأقلية،و يغدو الحديث عن حقوق الإنسان فارغاً من كل محتوى،و مزيفاً مهما كانت الدعاوى؛فهبنا نتحدث عن "حرية التملك"كحقٍ من حقوق الإنسان،فإنما نتحدث عن "حرية سلب و نهب" الطبقات المستغَلة،و هبنا نتحدث عن"الحق في ضمان الأمن" كحقٍ من حقوق الإنسان،فماذا يعني هذا بحق الشيطان لعاملٍ لا يجد قوت يومه،و يموت جوعاً؟!و إنما نتحدث ،في الحقيقة ،عن حماية و تأمين "الناهبين و المستغِلين"،و هبنا نتحدث عن "المساواة و الحق في التعليم الجيد"،فماذا تعني المساواة هذه ،لابن العامل السابق الذي يسكن الكوخ،و لابن الرأسمالي الذي يسكن القصر،و كيف لمن لا يجد قوت يومه أن يرسل ابنه إلى مدرسة سيئة ناهيك أن تكون جيدة،و كيف لنا أن ندعي أقل قدر من العدالة الاجتماعية،بينما لا يحظى الأفراد بفرص متساوية لنمو شخصياتهم؟!...و قس على ذلك ما شئت....

بيت القصيد
و نهايةً نقولُ،إذا كانت الحالة الطبقية هي التي تشكل حقوق الإنسان،فيجب تشكيل هذه الحالة الطبقية بطريقة إنسانية!..و إلا فحديثنا عن حقوق الإنسان محض سفسطة.
.............
(1)لينين:"حول الدولة"في(الدولة و الثورة)ص113
(2)انجلز:أصل العائلة.ص157








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أون سيت - لقاء مع صبري فواز | الجمعة 26 أبريل 2024 | اللقاء


.. مشاركة النائب رشيد حموني في برنامج مع - الرمضاني- مساء يوم ا




.. Messages to the Tories: -Get Out- Socialist issue 1275


.. The Arab League - To Your Left: Palestine | الجامعة العربية




.. أخذ ورد بين مذيعة CNN وبيرني ساندرز بشأن ما إذا كانت إسرائيل