الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قاسم عبد الامير عجام _ايقونة الثقافة العراقية

طه محمد حسن عجام

2014 / 5 / 30
الصحافة والاعلام


قاسم عبد الامير عجام
ايقونة الثقافة العراقيه
استذكار الشهيد قاسم عبد الامير عجام يمثل حاجة فعلية ملحة في زمن تتداعى فيه ثوابت الثقافة الوطنية والفكر التنويري ازاء الهجمات المنظمة لتيارات التخلف والشعوذة وطمس ملامح المدنية والجمال والثقافة في حياتنا .
وأستعادة الشهيد بكل ماأنجزه في ميادين الثقافة والادب والعلم وسيرته النقية انسانا ومثقفا صلبا وشجاعا في مقاومة طغيان الديكتاتورية والجهل والخرافة وهو يضئ باسهاماته الأدبية والثقافية والفكرية مساحات واسعة من المشهد الثقافي العراقي لما يزيد على ثلاثة عقود .. تلك الأستعادة تصبح مهمة انسانية ووطنية وثقافية في زمن يخفت فيه صوت المثقف الحقيقي في مواجهة زعيق ادعياء الثقافة اللذين ظلوا يلهثون طويلا وصولا لمواقع المسؤولية التي منحتها لهم احزاب السلطة على قاعدة المحاصصة سيئة الصيت ,
ليوغلوا في تشويه الواقع الثقافي وترسيخ الأمية الثقافية وأحكام طوق الحصار على كل منابع الثقافة التنويرية التي تشيع الحياة والجمال والابداع في الحياة الثقافية العراقية انسجاما مع أفكار أحزاب السلطة وهي تتلفع بعباءة التدين المزيف والتقاليد والأعراف العشائرية .
واذا كان الاحتفاء بذكرى استشهاد قاسم عبد الأمير عجام قد تمثل بأبهى صور الوفاء لفكره وجهده الخلاق في أقامة "ملتقى قاسم عبد الأمير للتعبير الحر " في دورتين فقط وبجهود مثابرة ومخلصة من ادباء ومثقفي بابل ,فها نحن نشهد عجز المنظمات الثقافية في أدامة تلك الفعالية العميقة بمدلولاتها واسهامات المثقفين فيها في أعادة أنتاج فكر وقيم ومشروع ثقافي دفع الشهيد حياته ثمنا من أجل ترسيخه وأنضاجه أنتصارا لثقافة الحياة .
ذلك التراجع يؤشر انحسارا جديا لدور المثقف وعجزه في التغيير الحقيقي للواقع الثقافي السائد واتسلامه لهيمنة مؤسسات السلطة الثقافية التي تمضي في أنتاج الثقافة مشوهة لاتليق حتى بالحد الادنى من ثقافة وطن ظل عبر العصور منارة من منارات الثقافة الانسانية .
اية دلالات هذا النكوص والتراجع لاتحاد الادباء في الرمز او في المحافظه التي اثرى الشهيد ثقافتها وكذا نقابة الفنانين والصحفيين ومنظمات المجتمع المدني .
نعم انه الانحسار المفجع لقدرته الثقافية والمثقفين على أن يحفروا حضورهم الفاعل في المشهد الثقافي , واللجوء الى الصمت وأعلان العجز بسبب غياب الدعم المادي لمثل هكذا فعاليات . كل هذا يمثل هزيمة حقيقية للثقافة ومبدعيها اللذين منحوا حياتهم من اجل ترسيخ دعائممها أمام أغراءات المال الذي بحوزة السلطة وقدرتها على شراء أشباه المثقفين في مهمة أنتاج ثقافة فتاوى احزاب السلطه التي تجد في الاغاني والموسيقى والتماثيل واللوحات والسينما والمسرح محرمات لايمكن قبولها بل ومحاربتها بقوة حفاظا على الأعراف والتقاليد ومنظومة دين السلطة.
لم يكن أغتيال العقل العراقي المبدع متمثلا بالشهيد قاسم عبد الامير بعد عام من سقوط الديكتاتور محض مصادفة ,فلقد كان الشهيد الأول على لائحة المطلوبين من المثقفين والمفكرين والأدباء حاملي مشاعل التنوير في لائحة طويله ..فلقد جسد الشهيد قاسم المعنى العميق لدور مدينته"جبّلة" بعد سقوط الديكتاتور وهي المدينه الملقبة في ولاءاتها والحاضنة لقوى ظلامية وتكفيرية فكان أنموذجا رائعا وحيا لعطاءات المثقف وقدرته على تحمل المسؤولية في الأدارة المدنية ,وكانت تجرية عام كامل في أدرارة الناحية قد عمقت مخاوف القوى التكفيرية من الدور الفاعل للشهيد في تفكيك مخططاتها ومشاريعها الظلامية وهزيمتها , وكان منحه منصب مدير دائرة الشؤون الثقافية في وزارة الثقافة ,قد أشعل الحرائق في كهوف الظلام والتخلف وجرس أنذار لتلك القوى في انهيار مشروعها الظلامي ليقينها المطلق في قدرة الشهيد على الفعل الثوري المتجه صوب بناء منظومة الحياة , فكان قرار أغتياله الذي تمثل في أغتيال حقيقي لأحد منابع الثقافة الحية والمتجددة في العراق .
لقد برهن الشهيد ابو ربيع بما لايقبل الشك في قدرات الثقافة والوعي اللامحدودة في صناعة الحياة والجمال حيث يتخلى المثقف عن سلبيته وانزوائه بين قيم الثقافة المجردة والتنصل عن المسؤوليات الكبيرة التي يتحتم على المثقف تحملها في منعطفات مفصلية من تاريخ شعبه ..وكان قلمه الحر منذ أمسك به في نهايات ستينيات القرن الماضي ولغاية تاريخ استشهاده صباح يوم 17-5-2004 أحد مشاعل الحرية والتقدم التي ظات ترفعها رموز العراق الوطنية في كافة مجالات العلوم والفكر والثقافة ..
أزعم أن التخلي عن أقامة أحتفاليات تليق بقامة شامخة من قامات ثقافتنا وتحت أي طرف سيمثل تراجعا وأنتكاسة حقيقية لمساحة الضوء والحياة التي نطمح اليها في مواجهة زحف الظلام المخيف وهو ينهمش في ماتبقى من أحلامنا في التغيير ..
وهي دعوة مخلصة وصادقة لكل مثقف في التمسك بالامل من خلال الأحتفاء برموز تستحق الأستذكار ..
واذا كان قتلة قاسم عبد الأمير عجام قد أنتهوا الى مزابل التاريخ ,فان "أبا ربيع" سيظل حيا وحاظرا بقوة في نفوس وضمائر الناس اللذين عزموه وخبروه انسانا مفعما بالحياة والامل والأبداع .
أنه الحضور القوي رغم الغياب ..
وسلاما لأيقونة الثقافة والأدب قاسم عبد الامير عجام في ذكراه العاشرة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. #بايدن يدافع عن #إسرائيل.. ما يحدث في #غزة ليس إبادة جماعية


.. بدء مراسم تشييع الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي ومرافقي




.. هل هناك أي نوع من أنواع الامتحان أمام الجمهورية الإيرانية بع


.. البيت الأبيض.. اتفاق ثنائي -شبه نهائي- بين أميركا والسعودية




.. شوارع تبريز تغص بمشيعي الرئيس الإيراني الراحل ومرافقيه