الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


»الزعزعة البناءة»، «الفوضى الخلاقة»، «السوق الحر»...

قاسيون

2005 / 7 / 24
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


تعددت المسميات والهدف واحد:
تفتيت عرقي طائفي للمنطقة بهدف إعادة اقتسامها

في عددها لشهر تموز 2005 نشرت مجلة لوموند ديبلوماتيك الفرنسية مقالاً تحت عنوان «الزعزعة البناءة»- المرادفة فيما يبدو لسياسة «الفوضى الخلاقة» - بقلم وليد شرارة الذي ألف مع فرديريك دومون كتاب «حزب الله حزب إسلامي وقومي» في عام 2004. وتأتي أهمية المقال المترجم فيما يلي من أنه يوضح نظرياً وبالوقائع سياسة الإدارة الأمريكية في الشرق الأوسط التي كلمة السر فيها هي التخريب بلعب ورقة الطائفية، وورقة المطالبة الديماغوجية بالديمقراطية وحقوق الإنسان،«....» أيالمطالب ذاتها التي لا ينبغي أن تمر عبر بوابات الإمبريالية الدولية. «....»
• المترجم

زعزعة مهما كانت المخاطر(!؟؟)
«إذا أردت فكرة عن مفهومي للسياسة الخارجية، اقرأ كتاب ناتان شارانسكي، إنه يساعدك على فهم الكثير من القرارات التي اتخذت أو سوف تتخذ» إلى جانب هذا التصريح في واشنطن تايمز اعترف جورج بوش في نيويورك تايمز أن الكتاب المذكور يؤلف جوهر رئاسته»1.
الكتاب «دفاعاً عن الديمقراطية»، الذي وضعه المنشق السوفييتي السابق الذي هاجر إلى إسرائيل،وكان وزيراً لفترة يطرح نفسه كمرافعة «من أجل الدمقرطة الملحة للعالم العربي، الشرط الذي لا غنى عنه من أجل توقيع سلام شامل في الشرق الأوسط، ومن أجل الأمن في العالم»2. وللوصول إلى ذلك الهدف لا تتردد الولايات المتحدة في زعزعة الوضع القائم في الشرق الأوسط منذ عقود «مهما كانت المخاطر المحتملة» حسب تعبير وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس.
هذه الرؤية تتبنى بمجملها طروحات أحد المستشرقين الذي ينعت العالم العربي بمجموعة من الأقليات الدينية والعرقية غير القادرة على العيش معاً في كيانات من الدول القومية. غير أن الحلول المقترحة لتحقيق الدمقرطة ومصالح الولايات المتحدة في الوقت، «....» نفسه تعتمد على تفجير الانقسامات الاجتماعية (الطائفية والقبلية والعرقية) في إطار استراتيجية «الزعزعة البناءة».
ومن خلال وصف العالم العربي بـ «الرجل المريض في القرن الواحد والعشرين» يكشف مستشارو بوش عن رغبتهم في رؤية مصير مشابه للرجل المريض في القرن التاسع عشر ، أي الإمبراطورية العثمانية التي تم تقسيمها بعد الحرب العالمية الأولى. «....»
وحسب المنشق والجاسوس السابق، فإن الاستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط والاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية ليسا حتماً دون هدف. ولتوضيح الدور الغالب للعوامل الذاتية في نشوء «الإرهاب» يورد شارانسكي مثال فلسطين. ففي رأيه أن ما يسميه بالعنف المسلح ضد إسرائيل والعمليات الانتحارية نشأا من خلال غسل الأدمغة الذي اشتركت فيه أجهزة الإعلام والمدارس والسلطة الفلسطينية «....». ومن جهة أخرى ورغم تأكيده شمولية الطموح إلى الديمقراطية يتبنى شارانسكي عدداً من المقولات التي طرحها القائلون بأطروحة التناقض الجذري بين الإسلام والديمقراطية (رفض المسلمين فصل الدين عن الدولة، عبادة العنف والحرب، تدني وضع المرأة، إلخ). «....»
وإلى جانب شارانسكي، فإن بول مارك غريشت المنظر المنتمي للمحافظين الجدد المختص بشؤون العراق والباحث في المعهد الأمريكي للمشروعات أشار إلى أن إدارة بوش قبلت مشروعه «الشرق الأوسط الكبير»3 بالاعتماد جزئياً على أبحاث المؤرخين المتنفذين، من أمثال برنار لويس من جامعة برنستون وفؤاد عجمي من جامعة جونز هوبكنز4 الموالين جذرياً لإسرائيل.«....»
قصف تمهيدي بالمصطلحات
تم تقديم مصطلح «الشرق الأوسط»منذ حرب الخليج الثانية 1991 بديلاً عن «العالم العربي» بإيحاء من برنار لويس، ثم بعد أربعة عشر عاماً قام روبرت ساتلوف المدير التنفيذي لمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى بترديد ذلك ناصحاً في رسالة موجهة إلى كارن هغز نائبة وزير الخارجية لشؤون السياسة العامة بـ«إزالة» تعبيري «العالم العربي» و«العالم الإسلامي» من قاموس الدبلوماسية الأمريكية، وبالدفاع قدر الإمكان عن المقاربة الخاصة بكل بلده. «....»
أما فؤاد عجمي المعتمد العربي لأنصار الليكود والمحافظين الجدد في واشنطن فهو الناطق الرئيسي بفكرة التحليل الانقسامي للواقع العربي. ففي مقالة صدرت له مؤخراً حول التطورات في لبنان يقول المذكور إن «بلد الأرز كان بجوهره دوماً وطناً مسيحياً» ويضيف «إن العديد من اللبنانيين على قناعة بأن عدم القدرة على فهمهم (من جانب العرب) يعود إلى كون هذا البلد مسيحي بالدرجة الأولى، مع وجود طوائف هرطقة أخرى تعيش فيه، وإن ثمة جزء كبير من الحقيقة في تلك الممحملة»6
الضغوط درجات...
و«الثورات» بألوان الطيف
إن استراتيجية الولايات المتحدة ليست حتماً ترجمة آلية لتلك الآراء. ثمة عوامل أخرى عديدة تدخل في صياغتها ولكن باعتراف بوش ومعاونيه فإن تلك المفاهيم تقدم له رؤية شمولية وخطوط توجيه. السيد روبرت ساتلوف يسمي تلك الاستراتيجية بالزعزعة البناءة ويرى أن البحث عن الاستقرار كان «تاريخياً» الصفة النوعية الملازمة لسياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط «....». جورج بوش كان أول رئيس يعتبر أن الاستقرار بحد ذاته هو عائق أمام تقدم المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط«....» فلقد استخدمت الولايات المتحدة طائفة من الإجراءات القسرية وغير القسرية، بدءاً من استعمال القوة العسكرية لتغيير الأنظمة في أفغانستان والعراق، مروراً بسياسة العصا والجزرة«....» لعزل ياسر عرفات ودعم قيام قيادة فلسطينية جديدة، وحتى التشجيع المهذب لمصر والسعودية على السير في طريق الإصلاح. وبكلمات أخرى فإن أسلوب التشدد مخصص لأعداء الولايات المتحدة والأسلوب اللين مخصص لحلفائها. وفي الإطار الإقليمي الحالي فإن مواجهة النفوذ الإيراني يشكل أولوية للولايات المتحدة وذلك لجعل طهران أكثر هشاشة أمام الضغوط الدولية الهادفة إلى جرها نحو التخلي عن برنامجها النووي، أو على الأقل للحد من قدراتها على الرد في حال الهجوم على منشآتها. هذه المواجهة تقتضي إجبار سورية، آخر حليف لإيران في الشرق الأوسط، على قطع علاقاتها مع حليفتها وعلى تجريد حزب الله من سلاحه. وأمام الرفض السوري الناجم بشكل رئيسي عن عدم وجود مقابل جدي – مثل استئناف المفاوضات الإسرائيلية السورية حول الجولان، تمكنت واشنطن بالتعاون مع باريس من استصدار القرار 1559 من مجلس الأمن في أيلول 2004. (ثم توالت التطورات المعروفة التي كان أبرزها قيام تظاهرات حاشدة في لبنان على أساس طائفي).
«....» إن هذه التطورات بعد "الثورات الملونة» في صربيا وجورجيا وأوكرانيا توضح نموذجاً جديداً للتدخل الدولي يصفه جيل دورونسورو بـ«استراتيجية الزعزعة الديمقراطية» 7
وتتألف هذه من الاعتماد على قطاعات من المجتمع المدني مطالبة بالتغيير، ودعم عملهم بتعبئة أجهزة الإعلام المحلية والدولية لصالحهم، واختراع بطل يوحد الاحتجاج، وتعزيز الضغط الدولي على السلطات القائمة. غير أن تطبيق هذه الاستراتيجية في لبنان زاد من حدة الطائفية وحرض مكوناتها في البلاد الواحدة ضد الأخرى.
أولويات الضغط على سورية...
وفي البلدان الأخرى في المنطقة التي تشكل هدفاً لـ«الزعزعة البناءة» يندرج استخدام الطائفية على جدول الأعمال. ففي سورية قررت الولايات المتحدة التشجيع على تغيير النظام، إذ كما يطرح ساتلوف «ليس لها مصلحة في بقاء النظام السوري (الذي يعاني) من تصدعات في بنائه يمكن أن تتحول بسرعة إلى شروخ ثم على هزة أرضية».8 ويقول أيضاً، إنه ينبغي علىالولايات المتحدة أن تركز على ثلاث أولويات:
جمع أكبر قدر من المعلومات عن المحركات السياسية والاجتماعية والاقتصادية و«الأخلاقية» الداخلية في سورية، شن حملة حول موضوعات مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان ودولة القانون، عدم تقديم مخرج للنجاة أمام النظام السوري إلا إذا كان الرئيس الأسد مستعداً للذهاب إلى إسرائيل في إطار مبادرة سلام، أو إذا طرد جميع المنظمات المعادية لإسرائيل من الأراضي السورية وتخلى علناً عن العنف أ ي«الكفاح المسلح أو المقاومة الوطنية باللغة المحلية».
الطائفي والسياسي في العراق
وفي العراق أثارت إعادة بناء النظام السياسي على أساس التمثيل الطائفي والعرقي تحت الإشراف الأمريكي التوترات بين مختلف مكونات المجتمع. وإن إجراء الانتخابات التشريعية رغم المقاطعة الواسعة لها «....» لا يعني مجرد الاستعجال الأمريكي بمنح البلاد حكومة تمثيلية نسبياً وإنما هو مرتبط باستراتيجية طائفية،«....» تفسر تصاعد المقاومة ضد الأمريكيين وتزايد أعمال العنف (بين مكونات الشعب العراقي الواحد) بما ينذر بحرب أهلية دموية.
إن الولايات المتحدة برغبتها في لعب ورقة الطائفية بغية إضعاف الدول والقوى المناهضة لهيمنتها وعبر طرح ذاتها مثيراً للحروب الأهلية منخفضة الحدة وحكماً فيها في آن معاً، ينتهي بها الأمر إلى إطلاق ديناميكيات اندفاعية من الصعب السيطرة عليها.
■عن الفرنسية - محمد الجندي..«مقتطفات»
1 انظر صحيفة «ذا اندبندنت»، لندن 6 شباط 2005
2 ناتان شارانسكي «دفاعاً عن الديمقراطية، قدرة الحرية في التغلب على الطغيان والإرهاب» بوبليك أفيرز، نيويورك 2004
3 راجع غيلبرت أشقر «القناع الجديد للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط» لوموند ديبلوماتيك، نيسان 2004
4 ريول مارك غريشت «الصراع على الشرق الأوسط» ويكلي ستاندارد، واشنطن، 3 كانون الثاني 2005
5 روبرت ساتلوف ، «مذكرة إلى كارن ب هغز»،معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، 28 آذار 2005
6 فؤاد عجمي، «خريف الاوتوقراطيين»، فورن أفيرز، نيويورك، أيار – حزيران 2005
7 ليبراسيون، 10 آذار 2005
8 روبرت ساتلوف، المصدر السابق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أحداث قيصري-.. أزمة داخلية ومؤامرة خارجية؟ | المسائية-


.. السودانيون بحاجة ماسة للمساعدات بأنواعها المختلفة




.. كأس أمم أوروبا: تركيا وهولندا إلى ربع النهائي بعد فوزهما على


.. نيويورك تايمز: جنرالات في إسرائيل يريدون وقف إطلاق النار في




.. البحرين - إيران: تقارب أم كسر مؤقت للقطيعة؟ • فرانس 24 / FRA