الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكرد السوريون و ضريبة الشقيق الأصغر

صبيحة خليل

2014 / 5 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


الكرد السوريون و ضريبة الشقيق الأصغر..

صبيحة خليل
كان يحلو للكرد السوريين تسمية أنفسهم ببيضة القبان إبان اندلاع الثورة السورية, و لطالما راهنوا على قدرتهم في ترجيح كفة الموازين اسوةً بكرد العراق وإيمانا منهم بأن التاريخ بات يُصنع قريباً منهم. و اتضحت سريعا ثقتهم بأنفسهم كمكون مسيس ومحترف للعمل السياسي، عكس باقي المكونات التي ولجت دوائر السياسة بُعيدَ الثورة، ما خلا بعض النخب السياسية السورية التقليدية التي غالباً ما كانت من ضحايا حقبة الثمانينات التي قضت ردحاً طويلاً في المعتقلات والسجون. و قد كرر الكرد مراراً مقولة بأنهم كانوا السباقين في إسقاط جدران الخوف أمام سطوة المستبد في انتفاضة آذار 2004 التي انطلقت من القامشلي وعمت كل مناطق التواجد الكردي.
بالتأكيد لا أحد يشكك بصحة هذه المقولة على الأقل في ذلك الوقت، رغم المواقف المتناقضة والتي أبداها الكثير من النخب السياسية والثقافية السورية آنذاك في حمأة صدمة ما جرى، لذا فهم أي الكرد أصحاب تجربة حقيقية وهذا ما يُحسب لهم كسوريين مناهضين لفكرة الحزب القائد والقائد الأوحد، أما الآخر السوري فقد أُسقطت عنه عباءة خوفه بعد ذلك بعدة سنوات .
بدون شك إن الصورة النمطية المرسومة في الخيال السياسي الكردي عن سوريا كوطن، تشوهت كثيراً و ربما لمرات كثيرة منذ آذار 2011 أي بداية انطلاقة ثورة الحرية والكرامة، واليوم بعد انقضاء العام الثالث للثورة التي تحولت إلى حرب ضروس، بعدما تدخلت فيها أطراف كثيرة وتقاطعت مصالح دول كثيرة ما زاد من زمهرير الصراع وجرف الثورة آنيا عن منطلقاتها . يكاد يكون المشهد الكردي اليوم كارثياً أكثر مما يبدو سواء لقادة المعارضة السورية أو لزعماء الاحزاب الكردية.
ويبقى السؤال الذي يقلق بال الكرد السوريين اليوم . أين تكمن مصلحتهم ؟؟!!
تقول الحقيقة انه على مر العقود الماضية اعتاد الكرد السوريين التباهي بصور أخوتهم الكبار في تركيا والعراق، ومع ازدياد نفوذ وتعاظم دور الأخوة الكبار في رسم صيرورة حياتهم، كان السوريون من الكرد، يجترون عجزهم عندما شعروا بالفشل من جعل هذا الأخ الصغير يكبر و لو قليلاً . عملاق في جنوب كردستان و آخر في شماله، والثالث ليس أقل تأثيراً لولا أن أقعده المرض. ليست المشكلة أن لنا أخوة كبار بل المشكلة ألا نكبر نحن، و نقضي حياتنا في طفولة دائمة ، هذه الطفولة التي تتحول إلى شتى أنواع العجز و الاتكالية، وفي آحايين كثيرة إلى مازوخية و سادية في العرف الفردي، وإلى تبعية و استلاب في العرف الجماعي.
وبالعودة إلى البيضة وإن كانت ذات قيمة للقبان بعد اليوم، نرى أنه ربما تهشمت بين أربيل و قنديل، و هناك فرضية أخرى قد تقول بأنها وضِعت في قبانٍ ما كتحصيل حاصل، و لكننا بكل الاحوال ونحن أصحاب الشأن لا ندري أين وضعوها إخوتنا الكبار, في غمرة اختلافهم على صورهم المعلقة على جدران مخيماتنا في بلاد الشتات واللجوء ؟!!
قد يكون ليس بجديد إن قلنا أنه على مر عقود استبداد الأسدين الأب والابن، اعتاد الكرد السوريون تعاطي السياسة بالوكالة عبر أخوتهم الكبار لئلا يتعرضوا لبطش النظام، و قد لا يخلو الأمر من بعض الاستثناءات القليلة التي تحسب لهم لجانب تعاطيهم مع شأنهم الخاص. مثل مراحل الانفتاح التي تعمد الدكتاتور الأب و الابن بتبنيهم لها بين الفينة والاخرى، و العودة السريعة لدوائر الإنغلاق التي حكمت رقاب كل السوريين بلا استثناء كلما شعر النظام بالخطر. فالنظام الذي كان يحمي عبدالله أوجلان ، كان يدرك جيدا أن لا ضير من إشغال ( كرده ) كرد سوريا، في لعبة السياسة المؤقتة مع أخيهم الذي يضبطهم و هو المنضبط أساساً وفق إيقاعه ووفق ما يرسم له ، كون النظام نفسه هو من وفر له الحماية ورسم أبعاد خطواته أصلاً، وبقية القصة يعرفها الجميع وطريقة النظام في تسليم السيد أوجلان تؤكد حرفيته في قيادة هذه اللعبة ، وكيف استطاع أن يزج بكل أعضاء قيادة الـ: ب ك ك في السجون . تحديدا من شق عصى طاعته ، والنظام لم يكن أيضا يمانع ضمناً أن تتشكل أحزاب تحمل أسماء مشابهة لأخوتها في كردستان العراق مادامت هذه الاحزاب تدير مكاتبها من دمشق خاصة في فترة الشقاق بين توأمي البعث السوري والعراقي .
وهكذا مرت السنون سعد أخوتنا الكبار بحبنا اللا محدود لهم و تضحياتنا الجسام أحياناً في سبيلهم، ونحن لم ندرك أننا بتنا نفقد يوماً بعد آخر حس الانتماء الوطني وحتى القدرة على الاستقلال لو كانت الفرصة سانحة، وإلا لما حصل كل هذا الإرباك و التخبط ، و حتى هذه اللحظة والكرد السوريون معلقون بل مشدودون إلى هولير و قنديل .
بالتأكيد تتملكنا مشاعر الغبطة و الفرح لما حققته هولير من تنمية اقتصادية و بشرية ، فمن شعب مهمش ومضطهد باتوا اليوم في مصاف الفيدراليات السائرة في طريق الديمقراطية وهنيئاً لهم ما بنوه. أما نحن فلا يعقل أن نبقى عالة جسدية و عطالة فكرية عليهم، نبقى نتغنى بنجاحاتهم . و لا يُعقل أن يفكر عنا جنرال حرب في قنديل ويسيرلنا الأمور في قامشلو أو كوباني أو عفرين، كما لا يمكن أن نبني توازناتنا الحالية على الهيكل المتصدع للعلاقة غير المتكافئة بين عبدالله أوجلان و الأسد الأب الذي أورث سوريا كل هذا الحقد والدمار .
فالقصور لدى الأخ الأصغر(نحن) مشكلة لكلا الطرفين، ولكن البقاء قاصراً ومراهقا هي مشكلتنا بالدرجة الأولى نحن ككرد سوريين ، وقد تبقينا تحت ولايتهم و وصايتهم لأجل غير مسمى . حديث الكردي السوري مختلف اليوم عن باقي مكونات السوريين، فالآخر السوري و رغم ارتكاسات وكبوات الثورة قد يسأل السؤال التالي (هل أنت مع أم ضد) النظام، أما الكرد السوريون فسؤالهم لبعض (أوجلاني أم برزاني) وللطرفة قد يكون الجواب جلالي نسبة لجلال الطالباني زعيم الاتحاد الوطني الكردستاني رئيس العراق، و كأنه مطلوب منا فقط لأي أخ نتبع، و في هذه الحالة تختزل كل المواقف الأخرى سورياً.
وهنا لا بد أن أنوه أن النظام قد عمل لسنوات على إقصائنا عن نسيجنا السوري، صحيح أنه فشل في قتل الشعور القومي الكردي، و لكنه نجح في حرفه عن المسار السوري الوطني ، فليس للكرد علاقة مباشرة بالشأن السوري كون المتقاتلين عرباً من حيث منظوره و ليسوا أخوة له ، وهنا تكون خسارتنا مضاعفة، ليس فقط لأننا مفصومين عن الحس السوري كوطن، بل وغير قادرين على بناء الشخصية الكردية السورية وتكريسها في موطن أجدادنا، ربما تلك ليست قاعدة عامة ، و لكن تحضرني الهجرات الكردية السورية لكردستان العراق في أواخر التسعينات، حيث كانوا يرحلون و بلا ندم، حيث هناك كردستان الحلم و ليس هنا حيث نعيش اغترابنا في وطن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بيع دراجة استخدمها الرئيس الفرنسي السابق لزيارة عشيقته


.. المتحدث باسم الصليب الأحمر للجزيرة: نظام الرعاية الصحية بغزة




.. قصف إسرائيلي يشعل النيران بمخيم في رفح ويصيب الأهالي بحروق


.. بالخريطة التفاعلية.. توضيح لمنطقة مجزرة رفح التي ادعى جيش ال




.. هيئة البث الإسرائيلية: المنظومة الأمنية قد تتعامل مع طلب حما