الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين الحلم و الواقع

حسن خليل

2014 / 5 / 31
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


الانتخابات الرئاسية المصرية عكست موقف مختلف الطبقات من النظام الجديد . جرت الانتخابات وسط أصرار الطبقة الحاكمة علي إجراء أنتخابات تفرز تفويضا شعبيا واسعا للسيسي بدون أن يتعهد السيسي نفسه بأي انجازات محددة. و جري الحديث عن مشاركة 35 مليون أو أكثر في الانتخابات و نسبة نجاح 90% أو أكثر و قد شجع الطبقة علي هذا الطموح الوضع الأمني المضطرب و إرهاب الإخوان و تصاعد مطلب تحقيق الأمن مما جعل الشعب يتطلع لسلطة الدولة و خصوصا المؤسسة العسكرية. كما نجح الإعلام الرأسمالي في تحويل قضية العدالة الاجتماعية إلي قضية الاستقرار و الابتعاد بل و معاداة الثورة و خصوصا ثورة يناير حتي وصفها البعض بأنها مؤامرة أمريكية . و عملت آلة هائلة لتمرير هذا الطموح. إنهاء التعددية عبر الانتخابات التي هي وسيلة للتعددية. و هو يذكرنا بأنهاء الثورة عن طريق مظاهرات و اعتصامات – التي هي وسائل الثورة – التي اتبعها الإخوان من قبل – حصار المحاكم و مدينة الانتاج الاعلامي الخ الخ – تتركب هذه الآلة من شبكة المصالح القديمة من رجال الأعمال و العصبيات العائلية و القبلية و الإعلام و عدد من الاحزاب السياسية و جزء من حركة تمرد و كلها اجتمعت علي تقديم المشير باعتباره المنقذ المنتظر من الإرهاب و الانفلات الأمني و الفقر و الركود. و يبدو هذا الطموح أيضا أستمرار لقانون التظاهر الذي صدر بالذات لمواجهه حركة القوي الثورية و الحركة العمالية و نجاح النظام في تمريره بسبب تراجع الثورة و جذرها. و للأسف شاركت قوي تنتمي لليسار بمعناه العريض لهذه الآلة تحت أبتزاز الخوف من تفكك الدولة و مواجهه المؤامرات الإمبريالية الخ .

القوي السياسية المختلفة لم تجرؤوا علي معارضة الاتجاه العام و لم يتقدم أحد للترشح كما لم يكن ممكن لاحد الترشح و تجاوز حاجز جمع توكيلات من 25 ألف ناخب . بل أن حمدين صباحي نفسه الذي حصل علي تأييد أقل قليلا من 5 ملايين صوت في الانتخابات السابقة واجه صعوبة في جمع التوكيلات الضرورية. مما عكس حالة إجماع شعبي خلف السيسي من ناحية و تفكك و ضعف قوي المعارضة و حتي مجمل الحياة السياسية.

علي جانب القوي الثورية كثير منها لم يدرك أو رفض أن يدرك وضعيه التراجع المؤقت في قوي الثورة و رفض أن يدرك أيضا أن بناء بديلا شعبيا من مؤسسات شعبية و نقابية هو الطريق إلي عكس اتجاه موجة الثورة المتراجع. و كانت هناك محاولات محدودة لاستعادة الزخم الثوري كلها لاقت نهاية سريعة علي يد الأمن و عدم أنضمام عامة الشعب أليها بل أحيانا معاداتها و رفضها.

مبادرة حمدين صباحي للمشاركة في الانتخابات كانت مبادرة مهمة و جريئة لأنها عبرت عن أن قوي الثورة بشكل عام ستقاوم مخطط الكل في واحد المراد فرضه علي البلد و أن معارضة للهيمنة الشمولية ستبدأ مع بداية هذه الهيمنة . و نجح حمدين في حشد قوي كثيرة خلفه قوي حزبية و ثورية و شبابية و لكنها كلها تنتمي لقوي الثورة التي تعاني ككل من عزلتها عن محيطها الشعبي. و كاتب هذه السطور كان يعتقد أنه من الممكن بناء تكتل يساري علي يسار حمدين عبر المقاطعة لكن أتضح أن مثل هذا الطموح غير ممكن و أنه لن يسفر إلا عن تفتيت قوي الثورة و لذا تراجع و أعلن تأييد حمدين . و لكن حملة حمدين بفضل تذبذبها و أشباح الناصرية التي أحاطت بها لم تنجح في تقديم مشروع جرئ للشعب و مطالبته بالالتفاف حوله و دار برنامج حمدين حول نفس خطوط تصريحات السيسي . مشروعات جديدة و توفير وظائف الخ دون المساس بالتفاوت الطبقي الهائل كأساس للتراجع الاقتصادي . بل بدا أن حملة حمدين تقدم وعودا مجانية . و علي المستوي السياسي لم يقدم حمدين إي مشروع لإعادة توزيع السلطة بل أستند مثل السيسي لسلطة دولة طاغية لتحقيق برنامجه و أن كان حمدين – بالطبع – كان أوضح التزاما بالحريات العامة و حقوق الأفراد لكن هذه القضية لا تحظي بالاهتمام الشعبي و يقتصر الاهتمام بها علي قطاعات شبابية.
جرت الانتخابات وسط جو هيستيري للحشد و تملق الشعب كي يعطي صوته للجنرال و نجحت تلك الآلة في حشد كتل كبيرة من الجمهور . لكن هذا الحشد لم يصل للطموح المأمول . و ألصقت التهمه بالشمس فالحر هو سبب عدم خروج المصريين الذين يعيشون معظم حياتهم في الحر. و تصاعدت الهستيريا لحد غير مسبوق فأتسعت الانتهاكات ضد حملة حمدين و وصلت لاقاء القبض علي مندوبيه و الضرب و المنع من دخول لجان التصويت الخ . و صدرت قرارات لتعديل المسار فأعتبر ثاني يوم للانتخابات أجازة و مدت ساعات التصويت و توج هذا بمد الانتخابات نفسها لثلاثة أيام من يومين . و لم تنجح كل هذه الاجراءات في دفع مستوي التصويت من متوسط إلي عالي. و غير معروف علي وجه الدقة الآن نسبة المشاركين لكنها تدور حول 40% .

حملة حمدين رفضت التصعيد القمعي ضد مندوبيها و أعلنت سحب مندوبيها في اليوم الثالث من الانتخابات و لكن حمدين لم ينسحب من السباق الانتخابي و موقفه هذا . و هو موقف يحسب له . ففي ظل الحشد الكبير لصالح السيسي يبدو الانسحاب من السباق في مواجهه الشعب و لصالح الإخوان و ليس في مواجهه النظام بمعني أخر لم يكن ممكن في ظل الوضع القائم أشعال معركة شعبية ضد الانتهاكات و الموقف التطهري بالانسحاب و أن كان قد يرضي بعض النفوس سيحسب ضد حملة حمدين و كتلة المعارضة المقبلة.

و ظهرت النتيجة بالفوز الكاسح للسيسي الذي حصل علي ما يقارب من 93% و حمدين علي حوالي 3% و من أبطلوا اصواتهم علي 4% و جاؤوا في المركز الثاني.حصل السيسي علي ما يقرب من 23 مليون صوت و حمدين علي ما يقرب من 800 ألف بينما المبطلين تجاوزوا المليون . لكن السيسي لم يحقق حلمه رغم ذلك بأن يصعد لقمة السلطة بدعم أكثر من 30 مليون مصري.

الأصوات المبطلة – الفائز الثاني – تترواح بين الجهل بقواعد العملية و بين اصوات قوي رجعية إخوانية و سلفية و بين رفض لعملية الانتخابات ذاتها و لذا فأن جزء منها ينتمي لمعسكر الثورة بشكل أو أخر.

أننا الآن في مفترق طرق و لابد أن تعمل كل عقول الثورة كي تري الطريق لاستعاده الثورة و أهدافها و في مقالات لاحقة نركز علي هذه القضية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - دليل الرجل الذكي الي فن امساك العصا من الوسط
هاني عبد العليم ( 2014 / 5 / 31 - 19:05 )
الاصوات الباطله نتيجه
ارقم 1 الجهل بالعمليه الانتخابيه
رقم 2 الاخوان ر
رقم 3رفض العمليه الانتخابيه
(هو يتجاهل ان الاخوان اعلنوا المقاطعه
---------------------------------
لم ينجح اليوم الثالث في رفع الاقبال من متوسط الي مرتفع
هو يراه متوسطا اذن)_
-----------------------------------------------
من البند الاول والبند الثاني يريد الكاتب تمرير ان الاقبال كان متوسطا وان المقاطعين اساسا اخوان--وبالتالي تمرير اسطوره الشعبيه الجارفه للسيسي(وان كان التمرير بلكنه يساريه فهو اكثر اقناعا
لانستطيع غير ان نقول ان جزع بعض المثقفين من التيار الديني يشكل لهم عقده بالعقل الباطن لايستيطيعون منها فكاكا فتطفح بغير قصد في كتابتهم-


2 - تصحيح
هاني عبد العليم ( 2014 / 5 / 31 - 21:15 )
ورد بتعليقنا ان الكاتب يريد تمرير ان المقاطعين اساسا اخوان وصحتها ان المبطلين اساسا اخوان


3 - لا أريد تمرير أى شيء أقول الحقيقة
حسن خليل ( 2014 / 6 / 1 - 04:34 )
أستاذ هاني . هذه هي الحقيقة علي الأرض إذا قبلتها فاهلا و سهلا . لقد كان الاقبال متوسطا فعلا و شارك فيه 27 مليون ناخب سواء قبلت ذلك أو لم تقبله و الاصوات الباطلة كانت 4 % اكثر قليلا من مليون و بالطبع هناك قسم منهم نتيجة لان البعض وضع أو كتب علي الورقة دون أن يدري أن هذا يبطل صوته و جزء من الشباب الثوري أبطل صوته عن عمد و جزء من الاخوان أيضا فهم ليسوا كتلة جامدة حينما تقرر المقاطعة يقاطع فعلا كل اطرافها . أما موقفي من ما تسميه (التيار الديني) فقد عبرت عنه في عشرات المقالات بأنه تيار رجعي و متخلف و معادي للانسانية فهي ليست عقدة بالعقل الباطن هذا موقف واضح و هو يتضمن الاخوان و الآن أصبح هذا هو الموقف الشعبي بعد أن راي الشعب حكم الإخوان


4 - 27 مليون(احمد سعيد الماركسي)
هاني عبد العليم ( 2014 / 6 / 1 - 14:56 )
مره اخري يؤكد الاستاذ حسن خليل صحه ما ذهبت اليه واليكم المعادله البسيطه التاليه:
انتخابات 2012=طوابير طويله امام معظم اللجان واقبال متوسط في باقي اللجان
انتخابات 2014=لا احد امام معظم اللجان واقبال متوسط في باقي اللجان
انيتخابات 12 عدد الحضور 25 مليون
انتخابات 14 عدد الحضور 27 مليون
بالمناسبه عدد اللجان الانتخابيه في 12 كان 13100 وعددها في 14 هو 13898بزياده قدرها 7 بالمائه فقط في حين زاد عدد المسجلين بالجداول الي مايقرب من 2 مليون---وهذا للعلم حتي لايتحجج احد بزياده عدد اللجان

ملحوظه:احمد سعيد هو مذيع ناصري شهير باذاعه صوت العرب ابان نكسه 67 وصل بعدد الطائرات الاسرائيله التي اسقطها سلاح الجو المصري الي 180 طائره مساء يوم 5 يونيو في حين كانت المدرعات الاسرائيليه تقترب من قناه السويس

اخر الافلام

.. السيسي ينصح بتعلم البرمجة لكسب 100 ألف دولار شهريا!


.. تونس.. رسائل اتحاد الشغل إلى السلطة في عيد العمّال




.. ردّ تونس الرسمي على عقوبات الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات


.. لماذا استعانت ليبيا بأوروبا لتأمين حدودها مع تونس؟




.. لماذا عاقبت الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات تونس؟