الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محترفو الادعية

محمد الذهبي

2014 / 5 / 31
الادب والفن


محترفو الادعية
محمد الذهبي
استيقظ احمد صباحا وادى صلاة الصبح، ودعا ربه ان يوفقه هذا اليوم، انها مهمة عسيرة هذه المرة، ايقظ امه واخواته ، وصار الدعاء الجماعي، الام تطلب من الله ان يعود احمد سالما هذا اليوم، ارتدى ثيابه وجهز السيارة، وضع تحت الكشنات ماوزنه اكثر من 50 كيلوغراما من التي ان تي، وزعها بشكل ذكي وقام بوضع ساعة التوقيت، مع مشعلة تحتوي على رقاقة معدنية، تتحمل ضغط النابظ لمدة نصف ساعة، ومن ثم تبدأ بالذوبان، مايعني ان نصف ساعة ستستغرق السيارة حتى لحظة انفجارها، كانت الام تدعو بحرقة الى الله: اللهم وفق احمد بعمله، ولاترجعه خائبا، اخواته بدأن يشعلن الشموع لاولياء متعددين، وامه مسحت وجهه بالقرآن، ووضعت في جيبه مختصرا للادعية المهمة، على الطرف الآخر من الوقت استيقظ احمد طالب الكلية الوحيد لاهله، وقلبه ملآن بالامل، وقام بايقظ امه ان تعد الفطور وتدعو له دعاء الصباح، فاليوم امتحان مهم جدا، يالهذه الخرسانة التي اتعبته طوال السنة الدراسية، هو يرى العمال يوميا حصى ورمل واسمنت تكون الخرسانة فلماذا هذه الدراسة المتعبة عزوم قوى وقدرة تحمل وفحوص، يا الهي كم ان الهندسة مهنة صعبة، راحت امه تدعو الله ان يعيده سالما فهي تعلم ان الامتحانات صيد خصب للارهابيين، فالطلبة يحضرون الى كلياتهم في هذه الايام دون تخلف واحد منهم لاداء الامتحانات، انها فرحة نهاية السنة وتعب نهاية السنة ايضا، اجتمعن اخوات احمد حوله يشجعنه ويدعون له بالنجاح، كل واحدة منهن احضرت شمعة واشعلتها للاولياء، وكان الهدف نجاح احمد وعودته سالما، الامتحان يبدأ في الساعة الثامنة ، هيا يا امي اريد ان اصل قبل الوقت لاتمكن من مراجعة المواد المهمة.
حزم امره ورفع ملازمه من على منضدة الامس المليئة بقصاصات الورق، ارتدى باناقة ثيابه واتجه نحو الباب، فرمت امه خلفه قليلا من الماء ليعود سالما ظافرا، في الجهة الثانية غادر احمد الدار وسط دعاء امه ونداء اخواته بالعودة سالما خصوصا في مهمته التي يقول عنها انها عسيرة، راحت امه ترمي خلفه الماء وتدعو بصوت شجي، الساعة التاسعة ستكون مهمتي، راقبي الوضع يا امي وادعي ربك ان يكون بعوني في هذا اليوم بالذات، زمجرت سيارة احمد في هذه الجهة، وفي الجهة الاخرى قرع سائق سيارة الخط اليومي المنبه لتنبيه احمد للخروج والذهاب الى الجامعة، هرع احمد مسرعا وسط تسبيحات امه وصوت بسم الله الرحمن الرحيم والادعية المؤثرة الشجية، في الساعة التاسعة بالضبط دوّى صوت انفجار كبير هز العاصمة، الانفجار في احد ابواب كلية الهندسة، هرعت سيارات الاطفاء، واغلق الشرطة جميع المنافذ، وجاءت سيارات الاسعاف، كانت ام احمد قد سمعت صوت الانفجار، وراحت تدعو الرب بحرقة، انها مهمة صعبة قال عنها، يارب اعد ابني سالما، وهناك كانت ام احمد قد ارتعبت من صوت الانفجار فراحت تدعو الرب ان يحفظ احمد ويوفقه خصوصا في درس الخرسانة، مر الوقت بطيئا وام احمد بالانتظار، اتصلت به عدة مرات بالهاتف فكان الهاتف خارج نطاق التغطية، واستمرت واستمرت الى ان يئست من الدعاء والاتصال، فغادرت البيت بحثا في الطرقات دون طائل، ومن ثم راحت تعرج على المستشفيات، كان الانفجار شديدا، واودى بحياة الكثيرين، احد الشرطة قال لها: ان الكثير من الجثث تبخرت في الفضاء ، وتطايرت الارجل والايدي، اذهبي الى داخل المستشفى ربما وجدت بقايا او شيئا تعرفينه، ربما تجدين قميصا او ساعة او ربما كتابا، وبعد تعب مضنٍ لم تجد ام احمد اي شيء، حتى كتب الخرسانة احترقت، ومختصر الادعية احترق هو الآخر، لم تكن الشموع ولا الادعية لتفعل شيئا بالنسبة لشقيقاته اللواتي ارتدين الاسود لحظة انفجار السيارة المفخخة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمسيات شعرية - الشاعرة سنية مدوري- مع السيد التوي والشاذلي ف


.. يسعدنى إقامة حفلاتى فى مصر.. كاظم الساهر يتحدث عن العاصمة ال




.. كاظم الساهر: العاصمة الإدارية الجديدة مبهرة ويسعدنى إقامة حف


.. صعوبات واجهت الفنان أيمن عبد السلام في تجسيد أدواره




.. الفنان أيمن عبد السلام يتحدث لصباح العربية عن فن الدوبلاج