الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المعركة عميقا ، الصّراع متواريا ، المقاومة هناك أيضا

رضا كارم
باحث

2014 / 5 / 31
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


التهريب ليس مرتبطا بالإرهاب، التّهريب جزء من مافيا معولمة فاسدة و مبيّضة للإرهاب...
المهربون المتخفّون أدركوا أنّ طريقهم الوحيد للربح السّريع غير المعني بدفع ضرائب أو زيادة أجور، يمرّ عبر "الاقتصاد الموازي"...و لذلك سيطر الطرابلسية على الأسواق المسمّاة" سوق ليبيا" و التي تبيع بضائع مهرّبة يعلم بأمرها البوليس و دولته و رئيسه بن علي.
انهيار شبكة الطرابلسية، لم تعن أبدا سقوط النّظام الرّديف. بل ، تثبت المؤيدات أن أعداد أثرى الأثرياء في تونس نمت بنسبة تفوق 16 بالمائة وفق ما قدّره تقرير صحفي بريطاني...
و إذا كان "الاقتصاد الرّسمي" في مرحلة ركود صريحة، فإنّ نموّ الأرباح و أعداد الأثرياء يكشف أنّ اقتصادا بديلا "مخالفا للقانون المرعيّ" يسيطر على نسبة عالية من الاقتصاد عامّة ، و يشغّل دون شكّ أعدادا كبيرة من المهمّشين، دون ادنى ضمان اجتماعي أو تأمين صحّي أو خدمة تعليمية او سكنية ...
الجهاز الرسمي التنفيذي ممثلا في حكومة العار و الخيانة، ما فتئ يؤكد على أهمّية إدماج الاقتصاد الموازي في الدورة الاقتصاديّة ، لكنّ عوائق "قانونية" و "لوبيات خفية" تحرّكها بورجوازية الكنترة، تصرّ على البحث "عن حلول مختلفة"...يُضطرّ مهدي جمعة إلى بدء ما يشبه المعركة أو مجرّد ليّ الذّراع، مثل الاستقالة المفاجئة لمدير الديوانة بميناء حلق الوادي ، حيث أحد أفضع أوكار الجريمة في العالم. لاحقا، قد يكون مدير ديوانة رادس ، أو مطار قرطاج على رأس قوائم "المستقيلين"، و قد تتحرك نقابة الديوانة لمنع أي تغيير يحاصر أرباح منظوريها العالية جدا...لكن جمعة سينتهي مستسلما لأن المهربين وضعوه في السلطة ، و يجدر به حماية "مصالحهم" أو يرسلون مختلا لزيارته...
الكنترة، تسيطر اليوم على كل القرار السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي. نحن محكومون من الكناترية، ليس من ناقلي البنزين ، بل تجار المخدرات من الزطلة حتى الهيروين و الكوكايين، و تجار الخمور الفاخرة ، و تجار السجائر ، و تجار السّلاح و تجارة الرقيق، و باعة الأعضاء البشرية ، و شبكات الدّعارة ...هؤلاء هم أثرياء تونس الجدد.
البورجوازية النّافذة، و المرتبطة بالجريمة المنظّمة وفق تعريف "القانون الدولي" حتى...
تونس اليوم، بؤرة فساد كبرى، لذلك يُغتال أنيس العزيزي ، و تكتفي السلطة القضائية معلومة الارتباط و الدور و الوسيلة، باعتبار القاتل مختلّا...
يحاول القضاء الرخيص في تونس التغطية على عصابة مافيا نافذة و مرتبطة بالدولة ذاتها.
يُؤكّد أن تونس محكومة من قيس بن علي و شركائه الأخطر و الأفسد في الإدارة المركزية و فروعها في الجهات، في بن عروس مثلا...
الحرس و البوليس لا يلاحقون الكناترية و لا يحجزون بضائعهم ...ما يقدّمونه في الإعلام ،على أنّه عمل جبّار و جهود كبرى لمقاومة التّهريب، صعلكة درامية رديئة الإخراج و الإدارة.
البوليس و الحرس و الديوانة في تونس، أفسد أجهزة في الدولة التونسية ، و يصعب حقا تخيّل أجهزة أخرى في دول أخرى بنفس الدّرجة من الإجرام و الارتشاء و اللامبالاة...
عندما يصيح بوليس في القصرين بأعلى صوته مؤكدا أنهم أمسكوا شخصا ، أطلق سراحه من فرقة مكافحة الإرهاب بمقابل ماليّ، ماذا يعني ذلك؟
لا شكّ أنّ البوليس صاحب الصيحة يخشى محاسبته من إدارته المركزية على ما يُسمى ارتخاء أمنيا...سيحاسب مع بوليس القصرين، من خارج النقابات أو العصابات المسلّحة .
إن الكنترة اليوم، تشكّل الضربة القاضية للمسار الثوري في تونس. و هي بحجمها الضخم ،تحدّد ملامح الأعداء الطبقيّين و درجة تسلحهم، و تكشف أيضا مستوى تشتّتهم و تشظّيهم و سهولة ضربهم في مقتل...ربما على الحركة الثورية في تونس أن تنتبه الى هذا العمق من المعركة، و أن لا تركّز فحسب على الأداة النهائية للتنفيذ، اي البوليس. حيث ، تمتلك السلطة الطبقية الموازية جميع أدوات تفريخ البوليس. و المختلّون القتلة ، ينتظرون زرّ التشغيل فقط...
ظاهريّا قد يبدو الارتباط منعدما بين بورجوازية بوشماوي، و بورجوازية الكنترة، لكن الواقع المرير، يشي بأن بوشماوي ذاتها زعيمة الكنترة دون شكّ. و ليست بواخر رادس اليومية، غير ناقلة لحاجات مصانع بومشاوي و شركات القتلة من الأقلية الاستبدادية.
إن اغتيال أنيس العزيزي، أكثر خطرا و إرهابا من كل اغتيال سياسي عابر. لقد كشف الإرهابيون عن نواياهم الحقّة، و عن مخطّطهم للاستيلاء المقنّن على موارد الجماهير و مزيد السيطرة عليها ، ربما تأسّيا بزائرهم الفاسد محمد السادس.
و إذا كان المغرب الرّسميّ يتوه تحت ضربات الخوصصة المتوحّشة منذ زمن طويل، فإن بورجوازية تونس عبر بيدقهم في السلطة السياسية ، تريد تعليما و صحة مخوصصين دون أدنى تدخّل من الدولة أو ضمان أو رعاية منها. ما يعني الاستفراد بالجماهير عبر نصوص قانونية ، ستنتخب نفس الجماهير كتبتها و شعراءها و أنبياءها قريبا...
الكنترة ليست مجرّد تعبيرة محرومين ما عن جوع و فاقة شديدين، تضطرهما للمجازفة من أجل الرزق. كان ذلك صحيحا في السابق، عندما احتكر بنو ليلى طرابلسي مسالك التهريب و دروبه، أما اليوم فقد تحول ناقلو البنزين الى ذوات أنوية منغلقة بشدة على منطق ربحي قصووي . المهربون اليوم، يفرضون على أطفال أفرغتهم المؤسسة التعليمية الرسمية من كل قيمة إنسانية، ثم أردتهم عمالا مضطهدين بشدة و ربما ضحايا رصاص الجيش الجزائري أو غازات البوليس التونسي...
قات زمن تجارة بعض علب الحليب و حفنة من السكّر و الكاكاوية. اليوم ، وحدها الزطلة تصنع الحدث. و قليلون جدا ، يمارسون التهريب لكي يضمنوا رزقا يوميا ، فحسب. قليلون أقل بكثير من قدرتنا على عدّهم.
هنا تقع مصيبة مركزية . هنا أزمة 17 ديسمبر العميقة.
ينبغي توضيح التالي:علاقة الكنترة بالإرهاب، تتأسس على علاقة رأس المال بالكنترة.
إنني لا أستعيد خطابا فاشيا من إنتاج مخلفات بن علي و فضلاته ، إنني أتحدث على فوزي اللومي و كمال اللطيف و شفيق جراية و حمدي المدبو وداد بوشماوي الكناترية...
_________________
رضا كارم -قلعة سنان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مواجهات بين الشرطة ومتظاهرين في باريس خلال عيد العمال.. وفلس


.. على خلفية احتجاجات داعمة لفلسطين.. مواجهات بين الشرطة وطلاب




.. الاحتجاجات ضد -القانون الروسي-.. بوريل ينتقد عنف الشرطة ضد ا


.. قصة مبنى هاميلتون التاريخي الذي سيطر عليه الطلبة المحتجون في




.. الشرطة تمنع متظاهرين من الوصول إلى تقسيم في تركيا.. ما القصة