الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المجتمع السوري و التطرف

احمد عسيلي

2014 / 6 / 2
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية


ما هو سبب انتشار العنف و التطرف بهذا الكم المخيف داخل المجتمع السوري ؟؟
هل المجتمع السوري بطبيعته ذو تكوين عنيف و متطرف ؟؟
هل للثورة سبب في ذلك ؟ أم أنها فقط هيأت الظروف المناسبة لإخراج المكبوت ؟
أعلم أن هذه أسئلة راودت جميع السوريين ، فحجم العنف الذي اشتعل فجأة داخل المجتمع قد أربكنا جميعا ، فلم نكن نتوقع وجود هذه القدرة الكامنة الوحشية على الهدم و القتل ، و خاصة نحن الجيل الذي تربى دون أن يسمع طلقة نار واحدة ، و كانت جريمة قتل مفردة كفيلة لإصابة مدينة بأكملها بالوجوم و التوتر ، فكيف تفجر هذا الكره و التطرف فجأة ؟؟
لدراسة أسباب التطرف يمكن لنا أن نقسم هذه الحالة إلى مجموعتين :
1ـ المجموعة الأولى : متطرفون يلجأون إلى هذا الأسلوب الحياتي ضمن شروط اجتماعية طبيعية ، من توفر الأمن و الرفاه و الكفاية الإقتصادية ، و هذه المجموعة متواجدة في كل المجتمعات ، و بنسب متفاوتة ، لكنها غالبا نسبة قليلة لا تزيد عن 1% ، كالنازيين الجدد في ألمانيا ، والولايات المتحدة الأمريكية ، أو المتطرفين القومييين في فرنسا ، و هنا تكون الحالة ناتجة عن أمراض نفسية و عصابية ، لا مجال لشرحها هنا ، و يلزمها علاج نفسي ، قائم على العلاج الجماعي و الفردي لهؤلاء الأشخاص ، هذه المجموعات كانت متواجدة داخل المجتمع السوري قبل الثورة ، بنفس النسب العالمية تقريبا ، و لم يكونوا يشكلون أي مشكلة حقيقية داخل بنية المجتمع
2ـ المجموعة الثانية : التطرف في الحالات الحرجة ، و المصقود بذلك المجموعات التي تلجأ إلى التطرف في حالات الشدة ، كحالات انهيار الأمن ، و الركود الاقتصادي ، أو الإضطرابات السياسية ، و هو تطرف طبيعي ، سببه الخوف و الفزع ، و قد ذكر في كتاب علم النفس السياسي ( تأليف مجموعة من المؤلفين ، ترجمة عبد الكريم ناصيف ، دار التكوين 2012) أن علماء النفس قاموا بتجربة على عدد من طلاب المدارس الكندية ، وصوروا لهم فيها حالات من الإنهيار الاقتصادي ، و الإجتماعي ، و فقدان الأمن ، و طرحوا عليهم مجموعة من المشاكل لحل هذه الأزمات ، ولاحظوا أن هؤلاء الطلاب قدموا حلول متطرفة و عنيفة لهذه المشاكل ، فالإنسان دائما يلجأ إلى العنف في حالات فقدان السيطرة على الذات أو على المجتمع ،
و هذا ما يخص حالتنا السورية ، فالمجتمع السوري ليس عنيفا ، بل هو مجتمع هادئ و مسالم ، لكن عنف النظام السوري في قمع الثورة ، و فقدان الإنسان للأمان هي التي دفعت بالعديد من الشباب لهذا الخيار .
و هذا ما ينطبق أيضا على كل المجتمعات ، و قد رأينا كيف انزاح المجتمع الفرنسي إلى اليمين المتطرف في الإنتخابات الرئاسية الفرنسية عام 2002 ، و منح 6 مليون فرنسي صوته لجان ماري لوبان ، كنتيجة طبيعية عقب أحداث 11 أيلول 2001، و إحساس الغربيين بالخوف من هجمات مماثلة ، لكن هذا التطرف سرعان ما تراجع ، و لم نشهد هذا الصعود لليمين المتطرف في انتخابات 2007 ،
فالتطرف نتيجة طبيعية جدا و متوقعة جدا لحالات الخوف و انعدام الأمن ، و هو ما يتوفر في الحالة السورية نتيجة غياب القانون و الدولة كمفهوم و أداء ، و انتشار حالات التشبيح و الإعتدءات ، و استهانة نظام الأسد بحياة المواطنين .
لكن هل يعني هذا الكلام أن العنف سيقى في الحالة السورية ؟
دلت التجارب النفسية و التاريخية أن العنف سيبقى ما بقي المسبب ، و سيتراجع تلقائيا بعد القضاء على العوامل المولدة له ، و هذا ما وجدناه بالحالة الفرنسية من تراجع اليمين المتطرف في انتخابات 2007 حين عاد الإحساس بالأمان إلى المجتمع الفرنسي .
إذن لا خوف على المستقبل السوري ، لكن بشرط إسقاط نظام الأسد بأسرع وقت ، فكل يوم يمضي على هذا النظام في السلطة ، سيؤدي الى دفع المزيد من السوريين إلى العنف ،و ستتعقد مشكلة بناء سوريا ما بعد الأسد بشكل أكبر ، و سينتج المجتمع أعداد أكبر من المتطرفين الذين لن يقتصر تأثيرهم على الحالة السورية ، لذلك يجب أن أن تتضافر جهود العالم كلها كي تقضي على هذا المسبب ، و إلا عم الخراب جميع الأركان ، و هو ما لا نتمناه لوطننا و لا لعالمنا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. على خطى حماس وحزب الله.. الحوثيون يطورون شبكة أنفاق وقواعد ع


.. قوة روسية تنتشر في قاعدة عسكرية في النيجر




.. أردوغان: حجم تجارتنا مع إسرائيل بلغ 9.5 مليارات دولار لكننا


.. تركيا تقطع العلاقات التجارية.. وإسرائيل تهدد |#غرفة_الأخبار




.. حماس تؤكد أن وفدها سيتوجه السبت إلى القاهرة