الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رؤية نقدية حول نشوء الطبقة العاملة المغربية وبداية مغربة الحركة النقابية.

توفيق أكياس

2014 / 6 / 2
الحركة العمالية والنقابية


كان المغرب من نصيب الاستعمار الفرنسي حيث دخل رسميا في 30مارس1912 تحت نظام الحماية الذي شهد المجتمع المغربي في ظله تحولا على مستوى نمط الانتاج بهيمنة نمط الانتاج الرأسمالي.وتعرضت أنماط الإنتاج التقليدية للتفتيت التدريجي بفعل التدخل العنيف للرأسمالية .التي لم تظهر في المغرب نتيجة للتطور الطبيعي كما كان الحال في اوروبا. و إنما نتيجة نمط انتاج جديد خاضع في نشوئه وتطوره إلى حاجيات المركز المهيمن على قوى الانتاج وعلاقاته.
وفي ظل هذه المتغيرات نشأت قوى إنتاج جديدة،انحدرت منها طبقة عاملة مغربية .ستنخرط تدريجيا في المدرسة النقابية الفرنسية التي ساهمت في تثقيفها ،و تأطيرها ،ومساعدتها على تحقيق بعض المطالب.لكنها بالمقابل لعبت دورا في صرفها عن انشاء نقابات خاصة، وحاولت ابعادها عن الانخراط في صفوف الحركة الوطنية. فمن اين انحدرت النواة الأولى للطبقة العاملة المغربية؟ وما هي المراحل التي قطعتها في ظل الحركة النقابية الفرنسية قبل أن تصل إلى مرحلة المغربة؟
إن دراسة الحركة العمالية والنقابية يقدم لنا دراسة مهمة في مجال التاريخ الاقتصادي والاجتماعي والسياسي للمغرب. تؤرخ لانتقال المغرب من اقتصاد عتيق ذو نمط إنتاج تقليدي إلى اقتصاد تحكمه علاقات الإنتاج الرأسمالي الاستعماري.وما صاحب هذا الانتقال من تكون النواة الأولى من الطبقة العمالية المغربية من أبناء البوادي المفقرين الذين هاجروا إلى المدن بسبب استيلاء المعمرين على أخصب الأراضي، ومن صغار الحرفيين الذين قضت عليهم منافسة السلع الأجنبية. والذين شكلوا يدا عاملة رخيصة لقطاعات الصناعة والخدمات التي يحتاجها الرأسمال الاحتكاري الاستعماري لنهب خيرات المغرب:مثل الصناعات الاستخراجية بالمناجم ،النقل العمومي،و البناء.
عاش العمال المغاربة في قراهم ومدنهم الجديدة ظروفا اقتصادية واجتماعية بئيسة ساهمت في ظهور مدن الصفيح(كانت تسمى مدن الوحل) بجوار المدن الصناعية و المنجمية. وبداية خروج المرأة إلى العمل ...... وقد صاحب هذه النشأة تزايد كبير للجالية الأوروبية، التي كان لها السبق في انطلاقة الحركة النقابية والعمالية وانتشار الوعي النقابي. وأدخلت معها أنماطا فكرية جديدة خاصة الفكر الاشتراكي والفكر الشيوعي. بتياراتهما المختلفة التي تسابق كل منها إلى استقطاب العنصر المغربي واستغلاله لتقوية صفوفها وتحقيق مطالبها الخاصة. ورغم الدور المهم الذي قامت به هذه التيارات في تأطير وتوعية العمال المغاربة، فقد كانت السمة الغالبة على التيارات التي طبعت نشأة الحركة النقابية المغربية هي تغليبها لمصالح برجوازيتها المتروبولية فوق مصالح الطبقة العاملة المحلية ،مستغلة شعارات التضامن الطبقي و الأممي لتضليلها.
وقد عانى العامل المغربي منذ بداية هذه التحولات من الاضطهاد العنصري الاستعماري الذي يضاعف من وطأة الاستغلال الاقتصادي. حيث أن الإيديولوجيا الاستعمارية القائمة على النهب والسلب، عملت على ترك اليد العاملة المغربية في أسفل السلم بعد الفرنسيين و الأوروبيين.الذين كانوا يتمتعون بامتيازات مهنية ومعنوية داخل المؤسسة الاقتصادية والنقابية، فأجورهم أعلى ومنحهم أكثر. الأمر الذي جعل ارتباطهم بالنظام الاستعماري وثيقا. هذا الارتباط كان واضحا على توجهات الحركة النقابية الفرنسية التي انطلقت تحت لواء الكونفدرالية العامة للشغل(ك.ع.ش). حيث أن الملتمسات الصادرة خلال المؤتمر التأسيسي للاتحاد الجهوي C.G.T المنعقد بتاريخ 22-6-1930.ركزت على ما أسموه"الدور الحضاري لفرنسا بالمغرب"وكذلك الدور الحضاري للعمال الأجانب". ورغم المساهمة الوازنة للعمال المغاربة في إضرابات 1936جاء ظهير 24دجنر 1936 ليؤكد توجه النقابات الفرنسية حول ممارسة السلطة الأبوية على العمال المغاربة.من خلال دعمها للحق النقابي الفردي تحت ظلها، وإغفالها عن قصد للحق النقابي الجماعي المتمثل في إنشاء نقابات مغربية.بحيث نص هذا الظهير على ان النقابات لا تنشأ إلا بين الأوروبيين.وعلى ضرورة تشكيل المكاتب من الفرنسيين وحدهم. خلافا لما كان عليه الحال في تونس التي صدر فيها قانون منذ 1932 .( مرسوم الباي المؤرخ في16 نونبر1932 ،تونس).نص على أن النقابات بإمكانها أن تؤسس بدون ترخيص من الحكومة، وبأن أعضاء المكتب يجب أن يكونوا فرنسيين أو تونسيين.
ظلت السلطات الفرنسية متمسكة بحرمان المغاربة من الحق النقابي، وساعدها على موقفها غموض موقف المناضلين الفرنسيين.خاصة بعد صياغة كتلة العمل الوطني ل"مطالب الشعب المغربي".وتأكيد النضالات الاجتماعية لسنوات 1936-1937-1938 على تنامي الوعي النقابي للعمال المغاربة من خلال انخراطهم القوي (ك.ع.ش) الذي أعطاهم قدرة تفاوضية كبيرة. فأصدرت ظهير 24يونيو1938 لرفع وتيرة منع الحق النقابي.
وجراء المنع المتواصل تحولت الحركة العمالة المغربية تدريجيا للنضال في إطار الحركة الوطنية.واستفادت من أوضاع الحرب العالمية الثانية لتسير حول مغربتها.
إن دراسة نشأة الحركة النقابية مابين1912و1942 تمكننا من استخلاص مايلي:
• التخلف النوعي لقوى العمل.
• الأصول القروية والحرفية لأغلب العمال المغاربة.
• مساهمة تعدد أجناس التركيبة العمالية في إكساب العمال المغاربة ثقافة نقابية .
• السياسة العنصرية لسلطات الحماية وإدارتها ومؤسساتها، وعملها الدؤوب على إعاقة تطور وعي العنصر المحلي.
• نشأة الحركة النقابية المغربية في ظل نقابات فرنسية غلبت مصالح البرجوازية المتروبوليية على مصالح الطبقة العاملة المغربية.
• استغلال الفرنسيين لشعارات الاشتراكية الأممية، وعالمية الحركة النقابية.لضمان تبعية الطبقة العاملة المغربية وإبعادها عن الحركة الوطنية البرجوازية.
• تحول الحركة النقابية تدريجا إلى المسار الوطني لتعمل جنبا إلى جنب مع الحركة الوطنية، قصد الدفاع عن مصالح الطبقة العمالية الشعبية المضطهدة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - وتعاونوا
كاف موسى ( 2014 / 8 / 26 - 13:12 )
لدي دراسة حول العمل النقابي عموما وعلى مستوى قطاع التربية على وجه الخصوص وبالتالي أنا بحاجة الى كل الدراسات أو كتب أو احصائيات وشكرا

اخر الافلام

.. تونس: نشطاء يتظاهرون أمام بعثة الاتحاد الأوروبي احتجاجا على


.. -اهرعوا إلى مستشفى الكويت-.. مدير المستشفى الوحيد العامل برف




.. طلاب جامعة كامبريدج يواصلون اعتصامهم المفتوح تضامنا مع فلسطي


.. -موت القيم الأوروبية-.. موظفو مؤسسات الاتحاد الأوروبي يتظاهر




.. مغنٍ سويدي من أصل فلسطيني يخترق قوانين يوروفيجن احتجاجا على