الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الى حبيبي ( رسالة من امرأة محتاجة ) ..؟؟

بلال فوراني

2014 / 6 / 2
الادب والفن


أحتاج أن أخطّ لك شيء لم يقرأه أحد من قبل , أحاول دوماً نقش كلمات تليق بجمال ضحكتك , أحاول أن أزرع حروف جديدة في اللغة العربية كي تناسب حجم قلبك , وكثيراً ما أفشل في تشكيل جملة استفهامية عنك لا تنتهي بجواب أحمق , والأكثر أني دوما أقف مثل طفلة صغيرة حين أكتب اسمك فلا أستطيع تجاوزه ولا أستطيع القفز عنه .

أحتاج أن أخبرك أشياء كثيرة تبدأ بشعوري الغريب بأني مثل كوكب مهجور لا يدور حوله قمر , أنتظر فارساً يسكنني , ينظف براكيني ويمشط ودياني ويعبدّ سهولي , يزرع أرضي ويحصدّ مواسم الدراق من صدري , ويستخرج من جوفي كل الكنوز المدفونة ,يعلق في سمائي نجمة مكتوب عليها اسمي فقط , ويهندم عتمة الليل كي تنيره عيوني فقط .

أحتاج أن أخبرك أني أشعر كأني وردة وحيدة , أحتاج أن يتغزّل بي البشر , أن يداعبوا سيقاني ويلامسوا أوراقي ويشمّوا رائحتي ,ويقطفني ذاك الذي لا يخشى الشوك أبدا أن يجرحه , أن يضعني في مزهرية على شكل قلبه الجميل , ويسقيني كل صباح من كلماته كي أنتعش وأفرش أوراقي له , وفي ختام اليوم وعندما يهلّ المساء يلفني بأصابعه الدافئة ويضعني بين دفتي كتاب صغير إسمه ( هذه حياتي ).

أحتاج أن أخبرك بأني مجنونة في نظر الناس , يعتقدون أن جزئياتي مركبة على مزاجهم الكيميائي , فلا هم يتفاعلون مع تصرفاتي ولا أنا أرضى أن أكون نتيجة طبيعية لمزاجهم الأرعنّ , يعتقدون أني ثائرة على كل شيء رغم أني في الحقيقة أتمرد على ذاتي مثل كوكب يتمرد على مداره فيخرج من جاذبية المنظومة ,يعتقدونني متخلفة رغم أن الحقيقة هي أني مختلفة عنهم لا أقل ولا أكثر .

أحتاج أن أخبرك بأني لست امرأة عادية ولا أرضى أن أكون أقل من بطلة من بطلات الروايات أو آلهة في قصص التاريخ أو أنثى غيرت وجه العالم , لا أرضى بأن أصير موسم سنوي لقلب أي رجل ولا أن أكون طقس حب في فصول ذكر ما , لا أرضى أن تتصلبّ مشاعري لأجل نبضّ سيودعني فيما بعد , ولا أن أسكن في قمقم رجل بوصاية ورقة شرعية تباركها السماء , ولا أرضى أن أصير محطة في قطار الحياة لا يتوقف أحد عندي إلا اذا كان منهكاً ومتعباً من عناء السفر .

أحتاج أن أخبرك بأني أبسطّ مما تتصورّ وأعقدّ مما تتخيلّ , في داخلي مجموعة إناث يتصارعن في حرب طاحنة أكون دوماً أنا ضحيتها الجميلة , في داخلي براكين أنثى تشتهي أن يفجرها رجل في عتمة الليل , وفي داخلي أنثى تصلي لربها الفرض وتترك لك النافلة تطوعاً , في داخلي أنثى تعطي للقمر شيء من نورها وللورد شيء من رحيقها , وفي داخلي أنثى كلها خراب تمارس الصمت كي لا تفضح نفسها , بكل بساطة في داخلى مجموعة نساء يتحايلنّ عليّ كي يرثن جنوني وأنا لا أعترف بهنّ في حياتي .

أحتاج أن أخبرك أن الشتاء لا يعنيني بشيء طالما أنك غائب فمتعة البرد لا أشعر بها إلا حين أجد قلباً يبثّ الدفء في صدري , أخبرك أن الوطن لا أعرف حدوده ولم أرى يوما خريطته فقد كان وطني أنت وحدوده أنت يبدأ من شفتيك شمالاً الى أخمص قدميك جنوباً , أخبرك أنك ركني الجميل الذي أنفضّ فيها سذاجتي فلا أخشى أن تتفلتّ مني ضحكة رعناء في غير وقتها , أخبرك أنك بيتي الوحيد الذي أشعر بالصداقة مع جدرانه وبالعشق مع سقفه وبالحب مع أرضه .

أحتاج للأمان في حضرتك ,لا أحتاج كل المظاهر الخداعة التي تزول بعد فترة زمنية ,أحتاج ساعدك هذا كي أنام عليه ليلتي بدون خوف, وأحتاج قلبك كي أسكن فيه من دون أي مراقبة , وأحتاجك أن تكون أبي وأخي وصديقي ورفيقي , أحتاجك أن تكون حبيبي الذي أختصر فيه الحياة , أحتاج أن تمسح دمعتي حين أشعر بالضعف , وأحتاج أن تربت على كتفي حين أشعر بالقوة , أحتاج أن تفهم عطش عقلي قبل أن تفهم جسدي , أحتاج أن تفترس حياتي قبل أن تلتهمني في الليل , أحتاج أن أشعر بأني امرأة لا مثيل لها في الكون , أحتاج أن تكذب علي علي قليلا وتصدق معي كثيرا , لا أريدك ملاكاً فلا يخطئ ولا شيطان فلا يعترف بخطأه , أحتاجك أنسان أتقاطع معه بكل تفاصيله وبكل أشيائه دون أن يلغي وجودي كامرأة لن تتكرر أبدا في حياته .

في ختام رسالتي سأخبرك الحقيقة يا سيدي , أنا امرأة معجونة بالحب والجنون والكبرياء وكل تلك الأشياء الخبيثة التي يخجل المرء من ذكرها , أنا المفقودة على أرصفة الخوف والحيرة , أشعل عود الكبريت في الطريق فيركلني البرد ويطفأها الريح , ألتحف وجعي كل ليلة لوحدي وأنا أنتظر أن يأتي ذو الظل الطويل كي ينتشلني من هذا التيه , أنا التي تعرت القصائد لأجلها وتدثرت قوافي الشعر في غرفتها , أنا المبعثرة والمفقودة والموجوعة والخائفة والضائعة والعاشقة والتائهة والمجنونة والمتمردة والخرساء والمسجونة , أنا كل هؤلاء فأنا كثيرة جداً جداً يا سيدي فهل تمدّ يدك قليلاً كي تلمّلمّني من نفسي قليلاً ..؟؟

-
-
-

على حافة الاحتياج

أوراق عمري تتساقط مثل خريف لا يرحم
بانتظار شتاء جميل أقتات منه قليلا من الدفء
فهل يأتي هذا الموسم وينقذني بمعجزة الهية
كي أنتشي لمرة واحدة بموتي دون أن يقرصّني البرد ..؟؟

بلال فوراني








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غياب ظافر العابدين.. 7 تونسيين بقائمة الأكثر تأثيرا في السين


.. عظة الأحد - القس حبيب جرجس: كلمة تذكار في اللغة اليونانية يخ




.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت


.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر




.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي