الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدستور والاستفتاء

خالص عزمي

2005 / 7 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


ارى ان الجدل حول التفاصيل الفرعية؛ اكثر من الغوص في الفصول الجوهرية؛ وان التحدث عن الدستور
في مجمله ؛ انشائية موسعة مشرعة الابواب تحول دون التبصر في القواعد الدستورية التي يجب انتقاؤها
بدقة متناهية. وان الاسراف في الفتاوى والتأويلات النابعة من الرغبات الخاصة هو هدر للوقت في مقابل
كل ثانية يحتاج اليها القانوني من اجل الابحار في خضم المواد التشريعية التي تقتضي جدية المراجعةوالبحث
والاستقراء والاستنباط ثم الاعداد التقنيني والصياغة الختامية .
هناك جمهرة واسعة ( اكثر مما يجب )اراها تتصدى لتشييد عمارة الدستور على اسس رملية... لانها بالاصل
ليست ذات اختصاص لا في التصميم ولا بالتنفيذ ولا حتى ( بالديكور) مما يهدر معه العمل التشريعي فيترهل
باللغو الانشائي كما آل اليه قانون بريمرحيث وقع واوقع الكثيرين معه في شباك التفاصيل الملغومة.؛ وبحيث
اختلطت اوراق اللعبةما بين ايدي مهرتها الحاذقين وبين اصابع الجهلة المتفرغين للعبة الكراسي. هكذا ارى
معظم الذين يهرفون بما لا يعرفون ومثلهم كمثل الراقص على الحبال وهويثرثرمحاضرا عن جراحة المخ.
ليعلم البعض جيدا ؛ ان الدستور ليس صيغة من انتخاب عاجل تم في غفلة من الزمن لايعرف فيه الناخب
مرشحه ولا دائرة انتخابه ولماذا ينتخب هذه المجموعة دون غيرها.....111 اذ المفروض في الدستور الدائم
ـ من الناحية القانونية على الاقل ـان لامكان فيه للاثنية والعرقية والطائفية والعشائرية... الخ ولا مكان فيه
لحروف التواطؤ وازدواجية المعايير وضغوط الاحتلال. دستور يكتبه الوطنيون الاوفياء لتراب العراق
ووحدة شعبه وارضه والجليل من مقدساته . دستور لاتخطه اصابع المحاصصة والتوافقات الآنـيـــة
الضيقة في آفاقها المحدودة والغارقة في مفاهيمها الشخصانية.
من هذا المنطلق يتوجب التوقف بأناة وحكمة امام القواعد الدستورية التي اتمنى ان يعدها المخلصون من
جهابذة القانون وفقهاء الرأي التشريعي وخبراء التطبيق القانوني الذين يتحكمون في عقولهم وهي في
القرن الحادي والعشرين ولايهم في اي قرن سحيق تتركز اقدامهم ولكن الاهم ان لايكون العكس ...
هنا اطرح االاسس الواقعية والعلمية التي يتوجب الاعتماد عليها عند وضع مشروع الدستوروعلى
الوجه التالي: ـ
1 ـ ان التعاريف التي توجز المعاني الموسعة والمكررة في المتن هي مهمة واساسية في المشروع
لانها ترتبط بالاهداف والمرامي التي يقصدها المشرع وبالتالي يتوجب الحرص على صياغتها بمنتهى
الدقة والعناية من حيث اللغة القانونية والصياغة. ولتوضيح المقصد ..؛ اروي هذه الواقعة القانونية:
في السبعينات من القرن الماضي كنت اتولى مسؤلية الهيئة الثانية في رئاسة التدوين القانوني
( مجلس شورى الدولة حاليا ـ يقابل مجلس الدولة في بعض الاقطار العربيةـ ) حينما عرضت
وزارة المالية على المجلس لائحة لابداء الرأي والتعديل في نصوص مرتبكة من قانون الجمارك.
فعقدنا عدة جلسات للتوصل الى سبب الارباك ؛ فاتضح لنا بان ركة المعنى في التعريف ابتداءا
ادت الى التداخل في جملة لغته فانسحب ذلك على النص الذي كان يهدف في حقيقته الى ضرورة
اعادة الاموال المستحصلة الى الخزينة العامة لا الى خزينة الجمارك . واتضح من كل هذا ايضا ان
حرف الجر ( من) قد غير القصد فاستبدلناه بحرف الجر( الى ) فاصبح النص كالاتي:
ومحصلة تلك الاموال لاتعاد الى الجمارك( اي تعاد الى الخزينة العامة كما في التعريف الاساس).
2 ـ هناك فصول ومواد متفق عليها لا نقاش حولها؛ كتلك المتعلقة بالحريات العامة والخاصة ومباديء
حقوق الانسان والفصل ما بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية والمحاكمة العادلة وقواعد
تسليم المجرمين والقضاء على جميع اشكال التمييز بسبب الجنس او اللون او العقيدة او العرف او
العرق. ... وحقوق المرأة في المساواة وغيرها مما متعارف عليه دوليا كقواعد ثابتة في الدساتير.
3 ـاما ما يتوجب التوقف عنده ومناقشته بصبر واناة فهو ما تبقى من المواضيع الشائكة لذاتها او
التي يراد اثقالها بكم هائل من المشكلات والمعوقات والتناحر تحقيقا لقاعدة ( فرق تسد) فأن الامثلة
عليها تنحصر في نماذج منها: ـنظام الحكم ؛ الفيدرالية ؛ حقوق المرأة ؛ الدينيون والابتعاد عن سلطة
الحكم او بما نعرفه بـ ( سمو الدين عن دهاليز السياسة الحاكمة) .......
ومما ذكر في هذا الجزء من هذا البند يتضح جليا انه انه ليس بالامكان اعداد الدستوربصيغة احادية جاهزة
و( معلبة)بغية طرحها للاستفتاء( كحزمة) مشدودة بحبل القاعدة القانونية المعروفة بـ ( التعسف
باستعمال الحق) ؛ لان طرح مشروع الدستور بهذه الروح المتعالية الاجبارية سيؤدي الى نسف
القيمة الحقيقية للاستفتاء من جذوره , ذلك لان المواضيع الشائكة تقتضي طرح البدائل لكي
يترك للشعب اختيار الاصح او الارجح من بينها عند الاستفتاء.
ان تبرير الاصرار على تثبيت هذه النصوص او تلك ضمن مواد المشروع بذريعة انه سبق الاتفاق عليه
بين هذه الجماعة او تلك خارج نطاق الاستفتاء عليها من قبل كل الشعب ؛ انما هو اصرار فردي تعسفي
يستهزأ بمباديْ الديمقراطية و يحتقر الاسانيد القانو نية المشروعة التي يتباها بها الكثيرون هذه الايام؛
وعليه فما هي البدائل وما هي الامثلة الموجزة التي تضرب للتدليل على اهميتها بالنسبة للاستفتاء
... هنا نستطيع ان نضعها كنماذج بسيطة في حالتي السلب او الايجاب و على الوجه التالي: ــ
هل توافق على نظام الحكم الملكي ( ) هل توافق غلى نظام الحكم الجمهوري ( )

هل توافق على نظام الحكم المركزي ( ) هل توافق على نظام حكم فيدرالي للاقاليم ( )
هل توافق على نظام حكم فيدرالي للمحافظات ( )
هل توافق على حق ناخبي ثلآث محافظات برفض مشروع الدستور ( ) هل توافق على حق الاكثرية بقبول مشروع الدستور ( )

وهكذا تاخذ البدائل طريقها الاعدل والاصوب في نطاق ديمقراطية الاستفتاء
4 ـ الابتعاد عن التفاصيل الجزئية واحالتها بحسب الاهمية الى تسلسلها التشريعي في
القوانين فالانظمة فالتعليمات فالبيانات... لكي لا تضيع هيبة الدستور بامور سطحية خارج
نطاق مستواه القانوني الرفيع.
5 ـتترك امور الصياغة الى هيئة قانونية متخصصة تعنى باللغة القانونية ( وهي بالطبع غير
اللغة الادبية ) وسبك بيانها وتحديد مصطلحاتهاواسلوب تسلسل موادها وبنودها وفقراتها
ونسجها جميعا ضمن وحدة موضوعية متكاملة الجوهر والشكل

وبهذه الطريقة فقط يكون مشروع الدستور جاهزا للاستفتاء المنضبط النزيه تحت سيطرة
ارادة الشعب وباشراف الامم المتحدة والجامعة العربية ومجموعة امينة من ممثلي منظمات
حقوق الانسان واتحاد المحامين العرب واتحاد الحقوقيين ومنظمات حقوق المرأةوما الى
ذلك من تجمعات لها تأثيرها الدولي وقدرتها على ضبط صناديق الاستفتاءمن اي تزوير
او انتهاك لحق العراقي في ابداء رايه بكل حرية وعدالة ,, وخارج دائرة الابنزاز والتهديد
والمحاصصة والعرقية والطائفية والعشائرية وتبادل المنافع الضيقة. لان المفروض بهكذا
دستور ان يكون مصدر نبعه العراق ومصب ثغره العراق .
لو كتب الصاغة دستورا بمداد من ذهب واطّروه باحجار الماس ثم تولت الحكومة حمايته
باقوى ما تستطيع من حماية لتكون له ضمانة محصنة ؛ فلن يكون له البقاء دون ارادة
الشعب ورغبته في الحفاظ عليه. لقد كان الدستور قي العهد الملكي محروسا بعناية البلاط
وهيبة الحكم والبرلمان ؛ بل ومسنودا من قبل دول حلف بغداد( امريكا وبريطانيا وايران
وتركيا وباكستان) اضافة الى الاتحاد الهاشمي ؛ ولكونه لم يكن صادرا عن ارادة الشعب
ولا مستندا لرغبته وضمانته ؛ فقد طار كالريش في عاصفة كاسحة صبيحة 14 تموز.
لهذا يتوجب الاقتناع التام من قبل كل اطراف اللعبة السياسية ان مواد الدستور اذا لم تكن
صادرة عن الاستفتاء الحقبقي النزيه واقعا وعملا وبرغبة العراقيين كافة فلن تكون الا
كلمات عابرة لايتشرف بها اى تشريع لانها لم تلد من صلب اقرار العراقيين بشرعيتها.
واخيرا ... فان الجميع يعلم لاشك بان الحكومات زائلة والدولة باقــية وان
لاضمانة الا ضمانة الشعب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سيناريوهات خروج بايدن من السباق الانتخابي لعام 2024


.. ولادة مبكرة تؤدي إلى عواقب مدمرة.. كيف انتهت رحلة هذه الأم ب




.. الضفة الغربية.. إسرائيل تصادر مزيدا من الأراضي | #رادار


.. دولة الإمارات تستمر في إيصال المساعدات لقطاع غزة بالرغم من ا




.. بعد -قسوة- بايدن على نتنياهو حول الصفقة المنتظرة.. هل انتهت