الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القوى المدنية الديمقراطية و إعادة إنتاج عناصر التغيير

دينا الطائي

2014 / 6 / 3
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


القوى المدنية الديمقراطية و إعادة إنتاج عناصر التغيير

من خلال قراءتنا لنتائج الإنتخابات البرلمانية .. نلحظ تمكن قوى الطائفية السياسية من السلطة في العراق و إستحكام القبضة على الوضع العام بالشكل الذي يقلقنا جدا على مستقبل الأجيال العراقية للعقود القادمة .. و هذا يحذونا للقول مجددا أن ما أفرزته الإنتخابات البرلمانية هو إنعكاس للذهنية المجتمعية السائدة التي تتفشى فيها اليوم الامية و الجهل و الفقر و البطالة و الصور النمطية عن الأخر هذا من جهة .. و من جهة أخرى تفشي ظاهرة (الشقاوات) بحلة جديدة يغلب عليها طابع الابتزاز بإستخدام العنف و المال السياسي.

و رغم نمو الحركات المدنية في العراق من جديد و ملامح إستعادة القوى المدنية الديمقراطية عافيتها .. من خلال الحراك المدني و التظاهرات الشعبية التي شهدها العراق خلال السنوات الثلاث الماضية المطالبة بالحقوق و الخدمات .. بالإضافة الى الفوز بمقاعد برلمانية خلال الدورة الجديدة بعد غياب كامل للقوى المدنية الديمقراطية في الدورة البرلمانية الماضية .. لكنه ارغم كل ذلك لم تحضر في المشهد السياسي هذه المرة بالشكل المطلوب و المرتجى أو المتوقع بتعبير أخر .. و أعزو سبب ذلك لأسباب فوقية تضمنت تدخلات خارجية و داخلية سافرة و محددات وضعت لتغيير مسار العملية السياسية و تشويه ملامح الدولة المدنية الحديثة .. منها القوانين التي حجمت الإرادة الوطنية و المطالب الشعبية التي سعت لها القوى الخيرة منذ عقود .. كقانون الإنتخابات المجحف على سبيل المثال و غياب قانون الاحزاب .. كذلك الإستناد الى عناصر محدودة الإمكانيات و أليات عمل بحاجة الى تحديث لتجاوز المزاجات في قيادة دفة التغيير لتوجيهها الى الوجهة الصحيحة ليتناغم مع مطالب الواقع و مسؤولياته ...

لذا فإن الإنتكاسة التي نشهدها اليوم بعد مرور إحدى عشر عاما على التغيير في العراق .. سمتها هو محدودية الامكانيات للقوى المدنية الديمقراطية و التعكز على سياسات و اليات عمل قد إندثرت .. و تفشي ظاهرة الإبتزاز عبر إستخدام العنف و المال السياسي ... و هاتين السمتين هي التي ستسهم في ولادة الحكومة العراقية القادمة .. و تشكيل الخارطة السياسية الجديدة !...

الفاشلون و الطائفيون و محبو السلطة و الساعون لتكريس حكم الفرد الواحد و الحزب الواحد أو حكم الطائفة الواحدة أو الفئة الواحدة أو المكون الواحد .. هم فقط من أفرغوا فحوى مسمى (حكومة الأغلبية) من غايتها و التي تشكل إحدى مقومات العملية السياسية الديمقراطية الحقيقة و مرتكز أساسي لها لبناء دولة مدنية ديمقراطية .. دولة المواطنة و العدالة الإجتماعية .. لذا خرجوا علينا اليوم بفلسفة جديدة يمكنهم من خلالها ممارسة الخداع و التضليل مع الشعب بحجة أن (الشراكة) هي من عرقلت أداء الحكومة الماضية! .. و هم ربما لا يترددون في العودة لفلسفة حكومة الشراكة الوطنية أو الوحدة الوطنية .. لما إمتلكوه من خبرة في التضليل و التسويف و نكث العهود .. و بالتالي فإن كلا الفلسفتين لا تخرج عن مفهوم تكريس الطائفية السياسية .. و لأنهم ساعون لتمكين أنفسهم من سلطة القرار دون رقيب و الذين هم بأنفسهم رفضوا حتى مبدأ الاستضافة في البرلمان و ليس الاستدعاء و المحاسبة و بالتالي عزلوا تماما السلطة التشريعية عن وظيفتها في مراقبة أداء الحكومة لصالح تمرير ممارساتها و فسادها .. بالإضافة الى التلكؤ و التسويف في اقرار القوانين المهمة للشعب .. و الاسراع في اقرار تلك التي تكرس حكم الطائفية السياسية و تشرعن فسادها و تقننه ...

و لأن القلق يعتلي نفوس العراقيين من البديل المرتجى لهذه القوى الاسلاموية الطائفية أو القوى الحاملة لأجندات الخارج الساعية لتفتيت وحدة النسيج المجتمعي للعراقيين أو عودة أفعى البعث المقبور .. فلا رد على ممارسات التضليل و الخداع و هاتين الفلسفتين الهدامتين في بناء الدولة العراقية بمؤسستيها التشريعية و التنفيذية الا بمراجعة المشهد السياسي و القراءة الدقيقة و التشاور مع القوى المدنية الديمقراطية عراقيا و التأسيس لوحدة الكلمة و الموقف للجم فرص العناصر التي اتكأت عليها سلبيات السياسات الماضية لكل القوى السياسية المدنية الديمقراطية و بالتالي وقف استغلال التفكك و حسن النية في التحاور مع الأخر .

أن قضية الامة العراقية تقف اليوم على المنحدر و أكرر في منعطف تاريخي خطير .. لا يمكن ان نتجاوزه الا بشعار التغيير و فرضه قسرا .. و هذا لن يتم مالم يصل الشعب العراقي الى درجة الوعي الكافية التي ستدفعه الى الاحتجاج الشعبي ليكون الصوت الهادر مع القوى المدنية الديمقراطية .. قوى الخير و السلام المدافعة عن وجود العراق المدني الديمقراطي الفيدرالي .. و ربما سنشهد سيناريوهات أضطرارية لتغيير الواقع المزري بحسب الظروف و المعطيات و الوقائع المستجدة ...

و ختاما ما على القوى المدنية الديمقراطية سوى إعادة قراءة المشهد السياسي من جديد و تعزيز وحدة الكلمة و الخطاب و الموقف .. و اللجوء الدائم و المستمر الى العمل بين الجماهير و الاحتكاك بها و دفعها بإتجاه الضغط على القوى المهيمنة على الدولة العراقية لسن القوانين التي ستسهم في تحريك عجلة التغيير .. و الابتعاد عن السياسات السلبية التي وضعت العصا في الدواليب .. أي بإختصار شديد السعي لتوفير الشروط الموضوعية و الذاتية و اعادة إنتاح عناصر التغيير و تحريك خزين الوعي التأريخي لدى الشعب العراقي لتحقيق التغيير المرتجى لبناء الدولة المدنية الديمقراطية ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. على حلبة فورمولا 1.. علماء يستبدلون السائقين بالذكاء الاصطنا


.. حرب غزة.. الكشف عن نقطة خلاف أساسية بين خطة بايدن والمقترح ا




.. اجتماع مصري أميركي إسرائيلي في القاهرة اليوم لبحث إعادة تشغي


.. زيلينسكي يتهم الصين بالضغط على الدول الأخرى لعدم حضور قمة ال




.. أضرار بمول تجاري في كريات شمونة بالجليل نتيجة سقوط صاروخ أطل