الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تكتلات سياسية ام تخندق طائفي

فالح الحمراني

2014 / 6 / 3
مواضيع وابحاث سياسية







تكتلات سياسية ام تخندق طائفي

فالح الحمراني



ما نسمعه في من دردشات خلف كواليس المشهد العراقي لا يبعث على التفاؤل. فالساسة المحظوظون بحصد اصوات غالبية اصوات الناخبين لا يتحدوث عن التغيير الجذري المنشود الذي راهن عليه الناخبون ببناء نظام سياسي جديد، وانما هم يفكرون ضمن النهج الذي ادى بالعراق الى حالته الراهنة: تمزق سياسي وجغرافي وانعدام الافق ومجازر يومية يسقط فيها عشرات الابرياء، وتحويل طاحونة الدم الى وجود مستديم، ولم نعرف المسؤول والمقصر. وكانها حكم آلهة يونانية للانتقام من شعب الرافدين على خطيئة ارتكبها.

بين التكتلات على أساس سياسي، والتحالفات على أساس طائفي، هوة واسعة تعكس رؤية متناقضة للواقع والعملية السياسية ومآل مسارها .ان الطائفي يورطنا للدخول في طريق وعر، بينما نحن نحتاج الى حركة للامام لتجاوز الموروث المقيت ودوافع الصراعات والمحن التي مر بها بلدنا .ان تجاوز التكتلات على اساس طائفي هو الممهد الرئيسي نحو انماء شعور الإنتماء الوطني والتضامن بين أبناء الشعب الواحد وتفتح الافاق لتجسيد العدالة وشعور المواطن بضرورة ان يكون له موقف ودور في تطورات بلده، انه يشحذ الوعي السياسي للانسان العراقي. ان تاسيس تكتلات على اساس طائفي تكريس للطائفية بامتياز.
ان نتائج الانتخابات البرلمانية وضعت العراق من جديد امام مفترق طرق في ان يختار الطريق المنشود لإصلاح ما خربته التجربة الاماضية المريرة. او ان القوى التي فازت بها سوف تستجيب لمطالب اغلبية الشرائح بالتغيير نحو الأفضل والعمل باخلاص ونية حسنة ( مع الإيمان بان النوايا الحسنة وحدها لاتحرك السياسي بل الاساس مصالحه) لبناء عراق موحد وتكوين شعب واحد، ام انها ستتخذ من الفوز وسيلة للاستئثار بالسلطة والانفراد ،بها وتقرير مصير مكونات العراق الاجتماعية وفقا لرؤيتها ومصالحها وارادتها، وتهميش الاقلية. ان التوجه في اي طريق من هذه سيتضح بصورة تامة عندما يعلن عن الكتل التي يجري العمل على تأسيسها. ولكن هناك هاجس لا يبعث على التفائل يكمن في ان 80% من نواب المجلس الوطني هم من الدورات السابقة، وثمة اعتقاد ان اغلبيتهم لا تهف للاصلاح والتغيير الحقيقي.
ان التكتلات هي تحالفات سياسية او عسكرية او اجتماعية بين اثنين او مجموعة من القوى لتحقيق اهداف متفق عليها والسير عليها. وتتفق تلك القوى في اطار الكتلة على برامج واضحة تتفق واهدافها المعلنة، لما فيه مصلحة البلد. وتجمع الرؤية السياسية وشكل ادارة الدولة ونظام الحكم الافضل تلك القوى. والاهم من كل ذلك ان تلك القوى تمثل قوى اجتماعية محددة تعمل على تحسين ظروفها الحياتية وتطوير الانجازات التي تحققت، لجعل الحياة افضل. وتتخذ القوى المنضوية في تكتل واحد مواقف تضامنية ازاء التشريعات القانونية والمواقف السياسية من هذا الحدث او ذاك.
وتقف الان امام القوى التي فازت في الانتخابية مهمة خيار المبدأ الذي ستقوم عليها تكتلاتها. ان الفترة الماضية منذ انهيار الدكتاتورية جعلت الغالبية تقتنع بان التحالف وانشاء الكتل على اساس طائفي ومذهبي دفع بالعملية السياسية الى طريق مسدود. ان التجربة البشرية في مختلف انحاء العالم بما في ذلك العربي والاسلامي برهنت على ان التكتل على تلك الاسس خيار ينطوي على مخاطر ذات عواقب وخيمة للبلد. ان الانتماءات الطائفية والمذهبية كقاعدة تخلق مشاعر النفور ورغبة نفي الاخر وعدم احترام خياراته. بل وتستفزه وتدفعه لرد فعل باي شكل من الاشكال لان الاخر مهما كان سيُصَور على أنه منشق منحرف، وتُكال له مختلف الاوصاف. والأهم من كل ذلك ان الكتل الطائفية يمكن ان تمثل شرائح اجتماعية بعقائدها بقناعتها الدينية او المذهبية وليس بمصالحها الحياتية والمعيشية، لذلك وكما دللت تجربة العراق وليس وحده، فانها سرعان ما تتهشم وتتفكك وتدخل في حرب باردة وساخنة، وما يخلف ذلك من تداعيات سلبيات. ان الحياة تجاوزت تاريخيا التكتل على اساس مذهبي وطائفي، وخلقت افقا اكثر رحابة وواقعية لانشاء التكتلات التي تستجيب لمطالب الناخبين الحقيقية.
ان السياسي صاحب البرنامح الموضوعي، وحده في الحالة العراقية قادر على توحيد الشرائح الاجتماعية للعمل المثمر وتحقيق المصالح المشتركة. الشرائح الاجتماعية ستلتف حول هذا التيار او ذلك انطلاقا من مصالحها المهنية ورؤيتها لتطور البلد، مثلا ان مصالح فلاحي المناطق الجنوبية تتطابق الى حد كبير مع مقتضيات ومتطلبات فلاحي الوسط والشمال والمناطق غرب البلاد، لذلك يمكن ان تتشكل حركة بينهم عابرة للانتماءات الطائفية والطبقية وهو الفعل الذي تعجز عن تحقيقة الانتماءات على اساس طائفي ومذهبي لان الانتماء سيتفوق على المصالح المهنية والطبقية.وكما اشير في احد الاعمال العلمية ان " السياسي يكون الحاسم والحاوي على العناصر الاخرى الرافع لها اعلى درجات". ان الاحزاب او الجبهات السياسية هي التي تمثل بحق مصالح هذه الشرائح الاجتماعية او تلك.ان التقسيم السياسي للمجتمع الممثل للتقسيم الاقتصادي هو التقسيم الاكثر موضوعية من التقسيم الاجتماعي على اساس طائفي لانه تقسيم وهمي ومصطنع تاريخيا. والسياسي الواعي بالتاريخ ومستلزمات الواقع والملتزم وطنيا يسيطيع بفعله بناء الدولة الموحدة القائمة على أسس عصرية.











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مكافآت خيالية للمنتخب العراقي بعد التأهل للأولمبياد... | هاش


.. تحدي القوة والتحمل: مصعب الكيومي Vs. عيسى المعلمي - نقطة الن




.. ألعاب باريس 2024: وصول الشعلة الأولمبية إلى ميناء مرسيليا قا


.. تحقيق استقصائي من موريتانيا يكشف كيف يتم حرمان أطفال نساء ضح




.. كيف يشق رواد الأعمال طريقهم نحو النجاح؟ #بزنس_مع_لبنى