الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماساة العمل النقابي -الجزء 1-

علي المغربي

2014 / 6 / 3
الحركة العمالية والنقابية


من الدفاع عن حقوق الشغيلة والطبقات الفقيرة الى الزج بالمناضلين الى غياهب السجون، هكذا غيرت نقاباتنا وظيفتها الاساسية واختارت التامر و التخاذل بدل النضال و الصمود، ومن اطارات جماهيرية ديمقراطية تقدمية ومستقلة كما تدعي تحولت الى زوايا صممت على مقاس هواجس و مصالح شيوخ اصروا على ان يكونوا قيادات حتى و لو تطلب منهم الامر اختيار اتباعهم واحدا واحدا، يعلم الجميع ان دور النقابات غالبا مايكون حاسما في توجيه مسار الحراكات الاجتماعية في هدا الاتجاه او داك و لا يمكن تعويضه باي شكل من الاشكال النضال الاخرى في مراحل معينة من الصراع الطبقي، لهذا تعمل الانظمة الديكتاتورية جاهدة على افراغ النقابات من مضمونها الكفاحي وتحويلها الى كيانات صورية تزين بها الواجهة الخارجية وبما ان كل نضال نقابي هو في حد ذاته نضال سياسي يمارسه ويفعله جموع المناضلين والمنخرطين بحسن نية في الاطارات النقابية فكل التنظيمات السياسية والاحزاب الاصلاحية العاجزة بطبيعتها على خوض المعارك الكبرى ضد السياسات العامة للانظمة تجد ضالتها في الهيمنة على الاطارات النقابية واخضاع النضال النقابي برمته الى حساباتها ومصالحها الحزبية الضيقة، و بين رهانات الاول و انتهازية الطرف الثاني تصبح النقابات قادرة على فعل اي شىء الا الدفاع عن الجماهير الشعبية وتبني مطالب اجتماعية لمصلحة الشغيلة والمنخرطين.
ان ماساة العمل النقابي هي حين تصبح الاطارات النقابية جزء من الكومبارس الذي تعتمده الانظمة لاضفاء نوع من "الواقعية" على مخططاتها في محاولة منها ضبط المشهد السياسي واحتواءه، وتصبح معه القيادات النقابية اداة فعالة للجم كل تحرك نقابي قد يحرجها امام "السلطة" ويهدد "السلم الاجتماعي"، وفي حالتنا المغربية و الاستثنائية جدا، لا يحتاج المرء الى كثير من الذكاء ليقف على ما الت اليه النقابات من تعددية مشبوهة ومن انعزالية قاتلة و بيروقراطية تنظيمية جعلت من النضال النقابي خارج السياق ودون تأثير في محيطه العام وفي النضالات الجماهيرية، والحال ان هذا الوضع هو نتيجة لمسار اريد له ان يكون كذلك، على الاقل في العقدين الاخيرين ومنذ انطلاق جولات ما يسمى الحوار الاجتماعي في منتصف التسعينات، فبعد تقرير البنك الدولي لسنة 1995 حول المغرب و التوصيات التي اقرها خصوصا ما يتعلق بالاقتصاد و التعليم والادارة ودعوته الصريحة الى تشجيع الخوصصة وتفليص نفقات الدولة حتى يتمكن المغرب من تجاوز السكتة القلبية كما سماها الحسن الثاني انذاك،فما كان عليه الا الامتثال والتطبيق الحرفي لذات التوصيات، ولانجاح العملية كان من الضروري البحث عن شعارات سياسية تحقق "الاجماع" وتؤمن الهجوم الذي سيعرفه القوت اليومي للفئات الشعبية، كان من ابرزه اقحام النقابات في مسلسل الحوار الاجتماعي الذي ستتمخض منه ومند جولته الاولى )التصريح المشترك لفاتح غشت 1996 (التزامات من طرف القيادات النقابية تميل الى التوافق مع الباطرونا والحرص على" السلم الاجتماعي" مع النظام والحوار ثم الحوار و لا شئ غير الحوار، ولتذهب مطالب الشغيلة ومعارك الجماهير الشعبية الى الجحيم.
هكذا انخرطت القيادات النقابية في استراتيجية ضبط الاحتجاجات التي كان من المنتضر ان تؤججها "الاصلاحات" التي سيقدم عليها النظام في عديد من القطاعات الحساسة، وخروجه بأقل الخسائر في مرحلة اشتدت فيها ازمته البنيوية والاقتراب من السكتة القلبية في النصف الاخير من التسعينات مقابل استفادة احزابها السياسية من كعكة الحكومة تحت شعار حكومة التناوب، واستمر مسلسل الحوارات بعد ذلك وجاءت اتفاقية 23 ابريل سنة 2000 بنفس المضمون ونفس الخلفيات واعتبار ما سمي بالسلم الاجتماعي هو من مسؤولية النقابات وخرجت كما سابقتها بعديد من الاتفاقيات والالتزامات من طرف الباطرونا و الحكومة بقيت حبرا على ورق، والتحقت بها فيما بعد اتفاقية 30 ابريل 2003 دون ان يتحقق شئ يذكر للطبقة العاملة، بينما واصل النظام مسلسل الاجهاز على المكتسبات التاريخية ومست الخوصصة كل القطاعات الحيوية من صحة وتعليم، و اصبحت معه الممارسة النقابية شبه موجهة وخاضعة لامر الواقع واكتفاءها بالنضالات القطاعية، الشئ الذي نتج عنه تراجع مصداقية العمل النقابي و تقلص قاعدته الجماهيرية، لم يتوقف الامر عند هذا الحد بل سيزداد الشتات النقابي مع انشقاق بعض الاطارات النقابية و ظهور اخرى جديدة بنفس العاهات ونفس النزعة البيروقراطية.
الخلاصة ان النضال النقابي الذي يبقى نضالا سياسيا في اخر المطاف، له دور حاسم في تطور وقوة الحراك الجماهيري، وقادر على التاثير في سيرورة تطور الصراع الطبقي، لدلك يعمل النظام على عزله وتسفيهه وتنقيته من العناصر الثورية بكل الاشكال، ولنا في تجربة حركة 20فبراير خير مثال، وكيف تموقعت التنظيمات النقابية خارج الحركة منذ الوهلة الاولى، اعتبرها من اكبر الضربات التي تعرضت لها الحركة كانت بمثابة المشاركة الفعلية في عزل حركة 20 فبراير عن محيطها العام، فعوض ان تعتبر مطالبها جزء من مطالب الحركة والدعوة الى الالتحاق بالمتظاهرين، اختارت الحوار يوم 26 ابريل 2011 بموازاة مع الاحتجاجات التي كانت تعم كل ارجاء البلاد.
هناك حكمة تقول حين يبدا التنازل لاينتهي، فمسلسل التنازلات من طرف القيادات البيروقراطية انطلق منذ مدة طويلة اشرنا الى بعض محطاته سابقا، فمن الوهم الاعتقاد ان هذا المسلسل سيتوقف،وقد شهدنا اخر محطاته الزج بمناضلين فيرايريين الى السجن ذنبهم الوحيد انهم شاركوا في مسيرة مرخصة دعت اليها ثلات نقابات يوم 6 ابريل 2014، دون ان نسجل اي رد فعل من طرف ذات النقابات يكون في مستوى الادانة لما مورس في حق المعتقلين، والعمل على الفضح والتشهير بالاعتقال السياسي وتبني معركتهم وذلك اضعف الايمان، لكنها اختارت اسلوب تصفية الحسابات مع الحركة في شخص مناضليها لاسباب عدة نورد البعض منها :
• حركة 20 فبراير زرعت الروح في النضال الاحتجاجي بينما القيادات البيروقراطية النقابية عملت على قتله.
• حركة 20 فبراير اخرجت المطالب الاجتماعية الى الشارع بينما القيادات البيروقراطية النقابية ادخلتها الى الارشيف.
• حركة 20 فبراير اختارت الساحات والشوارع لايصال مطالبها بينما القيادات البيروقراطية النقابية اختارت المقرات و الحوارات وراء ابواب مغلقة.
• حركة 20 فبراير قياداتها شباب مل من الديماغوجية والشعارات الجوفاء بينما القيادات البيروقراطية النقابية شيوخ ساهموا في صياغة ذات الشعارات في وقت سابق.
• ......

لكن رغم كل محاولات العزل الذي تعرضت لها الحركة، وجب الاقرار بانها ساهمت بشكل غير مباشر في تعرية واقع البروقراطية الذي يسود كل النقابات، وسرعت بفتح نقاش حول الديمقراطية داخل الاطارات النقابيية، وجاءت النتيجة من داخل بعض الاطارات النقابية التي عرفت اهتزازا تنظيميا كالاتحاد المغربي للشغل و الكنفدرالية الديمقراطية للشغل.



علي طنجة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خبر سعيد للعاملين بالقطاع الخاص.. بدء تنفيذ قرار زيادة الحد


.. تضامن مع فلسطين خلال مسيرات عيد العمال باليونان




.. الإعلام الحكومي في القطاع: ارتفاع نسبة الفقر لأكثر من 90% بغ


.. فرصة عمل وأنت تضحك وتلعب| #الصباح




.. آلاف العمال يتظاهرون في تايوان للمطالبة بتحسين أوضاعهم