الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطريق إلى العولمة

محمد امين المحاسنة

2014 / 6 / 3
العولمة وتطورات العالم المعاصر


شهدت مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية واثناء الثورة الصناعية الثالثة (الثورة العلمية التكنولوجية الأولى ) تغييرات هائلة في العلاقات الدولية حيث أخذت التكنولوجيا المتقدمة الرقمية للاتصالات من بعد تحدد مدى انتشار تكنولوجيا المعلومات عن طريق الانطلاق إلى آفاق متلاحقة من السرعة وكفاءة النقل مع مزج متقن بين نقل الصوت والصورة عن بعد .
فالعالم اليوم يشهد تفجراً معرفياً وتدفقاً في عالم المعلومات لم يشهده في أي وقت مضى، بل فاق كل التصورات وتخطى كل التكهنات, فحجم المعلومات اليوم يتضاعف بخطوات سريعة تجعل طالب العلم يقف أمام سيل عارم من هذه المعلومات والحقائق تفوق كل ما كان يتعرض له أجداده طوال فترة حياتهم, فهناك عشرة آلاف مقالة علمية تأخذ طريقها يومياً إلى النشر عبر وسائط تكنو الاتصالات .
فان إصدار مليون كتاب ومليون دورية سنوياً في مختلف دول ولغات العالم. ما هو إلا دليل على ثورة هائلة في المعلومات صاحبها تطور تكنولوجي للتعامل مع هذا الكم الهائل من المعلومات، مما أدى إلى إيصالها وتدفقها إلى كل من يحتاجها بكل يسر وسهولة, فتعددت بذلك صور وأساليب التقنيات التي تستخدم في التعامل مع المعلومات.
وسط هذه التحولات شهد العالم قفزات كبيرة في استخدام التقنيات الاتصالية التي ساهمت بدورها في اندماج وارتباط مختلف الأطراف العالمية في منظومة مالية وإعلامية ومعلوماتية واحدة، فالعالم يسير باتجاه المعلوماتية والتكنولوجية والتحديث، وستزداد إمكانية الارتباط بشبكات عالمية وأقمار حديثة الأمر الذي يمهد لجعل العالم وبالرغم من اتساع رقعته الجغرافية يعيش وكأنه قرية صغيرة بما توحي به كلمة القرية من علاقات قرابة وجوار ومحدودية في المكان والزمان . والمقاربة الاقتصادية السياسية التي فحواها العولمة (التمدد النوعي ).
ان تكنلوجيا العولمة , وعولمة التكنلوجيا هما موضوعين يصلحان للبحث التفصيلي فتكنلوجيا العولمة يمكن ان ينصرف في جانب منه الى تكنلوجيا المعلومات والاتصالات والتجارة الالكترونية , والثاني يمكن ان ينصرف في جانب منه الى نقل التكنلوجيا الحيوية والدوائية بهذا فتكنلوجيا العولمة ينبوع للفرص المحتملة (تولد رغبات الافراد في استغلال موارد تكنلوجية لتحقيق الذات والاتصال الاجتماعي الطبيعي ) .
فالمتغير الرئيسي لمفهوم العولمة يتضمن أدوات الاذاعه المسموعة والصوتية التي اثر فيها البث الاذاعي تأثيرا" كبيرا" على مصير الثقافة العالمية وعلى المشاعر حيث عززت عواطفهم , كما ان لها تأثيرا نفسيا اجتماعيا كبيرا" على مستمعيها كالسلوك الفردي والجماعه والاراء والتصورات .
لذلك فان امكانيات الثورة الاعلامية في ازدياد يوميا" , فظهر مؤسسات اعلامية تعمل عبر الدول وتتحكم هذه المؤسسات عبر الدول في قنوات الاتصال في الدول الساعية للنمو , فيتم انسياب الرسائل الاعلامية والثقافية من المركز , أي من الدول المتقدمة الى الاطراف الساعية للنمو . وهكذا يتم نشر ثقافات اجنبية فيها ما يسهم في جعل الثقافه الوطنية غريبة في بلدها وهو المؤشر الذي يشير الى تحول جذري ادخلته التكنلوجيا الى جوانب الحياه المختلفة والاتجاه نحو النمط الواحد( الدمج الثقافي ) وهو الذي يشكل مفهوم العولمة .

فهي دمج سكان العالم معاً ليشعروا بأنهم في مجتمع واحد او الطريق لتوحيد العالم، بمعنى محاولة الوصول إلى مجتمع عالمي واحد تحكمه حكومة عالمية واحدة، وثقافة رئيسة واحدة، ويشمل العولمة الاقتصادية والثقافية والسياسية وإكساب الشيء صفته العالمية، أي أنه منتشر في كل العالم ومعروف، ويتنقل به.
كما انها مجموعه من النشاطات الضخمة التي تربطها موصلات من المعلومات والبيانات، ويزداد بها التماثل والمحاكاة فما يتعلق بأشكال الإنتاج للأفكار والسلع والخدمات وأشكال التسويق والإعلان والترويج وأشكال التسعير والائتمان وأنظمة البيع المختلفة. ويعرفها انتوني غينتس بانها تكثيف العلاقات الاجتماعية العالمية التي تربط المجتمعات المحلية المتباعدة بطريقة تتشكل فيها الوقائع المحلية بفعل الاحداث البعيدة جدا".
لقد قامت التكنولوجيا بكافة أشكالها ووظائفها في نسج شبكة بين المجتمعات تزداد خيوطها يوما بعد يوم للوصول إلى شبكة لا يمكن الفصل بين مكوناتها لضيق المسافات بين عناصرها وتجانسها , فوسائل الإعلام والاتصال الحديثة ثمرة للمعرفة العلمية ونتاج للثورة التقنية الضخمة التي يشهدها العالم والتي أتاحت للدول الرأسمالية الدخول في دورة اقتصادية جديدة تمنح لها إمكانيات جديدة أضافه الى خلق أنماط تتطلب من الكيانات السياسية التماشي معها ما يمهد الطريق لنمط مشترك ومتعارف علية من قبل مجتمع العولمة الواحد , فتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات محرك للتحولات في السياسة والاقتصاد والفكر والفن والثقافة بل هي محورها ومحرضها، فهي تشكل المعرفة وتخلق المعايير الجديدة وتسهم في تدمير أنظمة القيم التقليدية السابقة للوصول الى تماثل في قيم جديدة ,فالملاحظ في القرن الواحد والعشرين ان التكنلوجيا تعمل على تعميق وتكثيف المعلوماتية بين بني البشر والتي بدورها أحدثت تغيرات كبيرة في خلق واستنباط مواد جديدة وسلوكيات جديدة متداخلة في المسرح الدولي للوصول بذلك الى نمو كبير ومتعاظم في التجارة الدولية والتدفقات المالية والاتصالات الاجتماعية والثقافية والدولية وانماط الحياة المختلفة . فالعولمة عملية ديناميكية مستمرة وسريعة فهي تدور كالعجلة وتخلق وحدات (عناكب ) تنسج دون مسافات وحدود وزمان محدد , أضافه إلى عدم انضباط تلك العملية بقوى تحد او تفصل جزء من فكرتها الربطية , فالملاحظ هو تلاشي السيطرة عليها من قبل فواعل تقليدية كالسلطة (الدولة ). ومما يعزز نشاط هذه العجلة هو ذلك التطور المتسارع في تكنولوجيا الاتصال والمواصلات والمعلومات حيث ان عوامل الربط والتفاعل لهذا التطور اقوى من عوامل الانقسام , فالعولمة لا تتوقف عند قيم معيارية معينة كما انها لا تجبر احد بالدخول ضمن آلياتها فهي تدخل في إطار العبارة الاتيه (Follow Me).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تطبيق يتيح خدمة -أبناء بديلون- لكبار السن الوحيدين ! | كليك


.. تزايد الحديث عن النووي الإيراني بعد التصعيد الإسرائيلي-الإير




.. منظمة -فاو-: الحرب تهدد الموسم الزراعي في السودان و توسع رقع


.. أ ف ب: حماس ستسلم الإثنين في القاهرة ردها على مقترح الهدنة ا




.. متظاهرون مؤيدون لفلسطين يلاحقون ضيوف حفل عشاء مراسلي البيت ا