الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القومية العربية - السقوط الاخير

نضال الابراهيم

2014 / 6 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


قد يكون من ابرز ما اثارته الهبات والثورات العربية ، في هذا العام ، عام الربيع العربي ، سؤال كان مسكوت عنه في الخطاب الرسمي العربي ، وفي مؤسسات المجتمع المدني ، حتى ان هذا السكوت طال المثقفين العرب بمختلف انتماءاتهم الفكرية ، لان الاجابة الجاهزة على السؤال ، وهي حسب هذا الخطاب لا تحتاج الى نقاش حتى ؟ ، اننا عرب اولا ومسلمين ثانيا ، وفي اتجاه اخر اننا مسلمين أولا وعرب ثانيا ، حتى اصبحت ، المواد الاوائل في اغلب الدساتير العربية ، النص على هذه " الهوية الملتبسة " ، فالدين الرسمي للدولة ، هو الاسلام ، والشعب جزء من الامة العربية ، ولنترك امر دين الدولة جانبا ، الان كونه موضوع ، يجب ان تفرد له دراسات وحوارات فكرية معمقة ، حتى نستطيع الوصول لنتيجة ، فيما اذا كان للدولة دين اساسا ؟ ، او ان الامر مرتبط بالخلفيات التاريخية ، والقوى الاجتماعية ، التي ارست البنى الاولى للدولة العربية المعاصرة .
ان الحديث العروبة و ايدلوجيا القومية العربية ، سؤال يتعلق " - بالهوية - هوية النحن - من نحن " ؟ ، والأيدلوجيات حتى تكون ايدلوجيات ، تقوم على مجموعة من الفرضيات والمسلمات ، التي تنطلق منها لاكمال ( بنائها الايدلوجي ) ، بحقوله الفكرية والثقافية والإعلامية التعبوية ، وغيرها من مكونات ، هذه الايدولوجيا .
واني ادعي هنا ان (ايدلوجيا القومية العربية قد ماتت) ، وخرجت من اطر ، الفعل الوجودي ، خروجاَ تاريخياَ للأيدلوجيات الحية الفاعلة ، وان الذي بقي من القومية العربية ، هو عبارة عن ، ( التاريخ - تاريخ الايدولوجيا ) اي تاريخها هي ، وبعض الوجود الغير ، فاعل لبعض الاحزاب السياسية ، او الذي بقي من هذه الاحزاب ، ايدلوجيا وتنظيميا ، وبعض الجماهير والمثقفين ، الذين لا زلوا يعيشون ، (حالة الوهم ) المسكونه بهم ، بان كل الانكسارات والنكسات والهزائم التي لحقت بالقوميين العروبيين ، بعد وصولهم للسلطة ، وبنا من بعد ( أي النحن شعوب المنطقة ) ، في بعض الحقول ، على امتداد العالم العربي ، وإنا اقصد استخدام كلمة " العالم " ، وليس " الوطن " ( الوطن العربي الوهم ؟ ) حسب اعتقادهم الايدلوجي ، لم تكن إلا سقوط لحزب سياسي ، او زعيم من زعماء هذه الايدولوجيا ، وهو سقوط وتراجع مؤقت ، لان القومية العربية ، ليست حزب البعث او جمال عبد الناصر او صدام حسين ، لذلك فهم ينتظرون ( المهدي القومي المنتظر) ، الذي سوف يملاء وطنهم العربي عدلا ، بعد كل الجور والظلم ، الذي وقع عليه ، مع ان هذا الوطن العربي ، لم يكن قائم |، ولا زال غير قائم ، إلا في اذهانهم ومخيلاتهم ، لا نظير له في الواقع ، ولم يكن له نظير منذ وجود ، ( العرب كمجموعة بشرية ) ، عاشت في منطقة الجزيرة العربية ، وقبل ان احاول تشخيص الوعي القومي ، للقومين وأفكارهم وأحلامهم وآثامهم ايضا. اجد من المناسب اثارة عدد من الاسئلة ، التي اظن انها وجودية للقومية العربية ، حتى نتيقن فيما اذا كانت على قيد الحياة ، او في حالة غيبوبة ، او ماتت ، كما ادعي ولكن من اين تكون البداية ؟
هل نبدأ من هزيمة حزيران ، وانكسار الحلم الناصري ، وحالة الصدمة التي انتابت شعوب كاملة ، لعدم قدرتها ، على استيعاب ، ما جرى الاسباب النتائج المستقبل ، وإزالة اثار العدوان ، وهو شعار ، ما بعد الهزيمة ؟ ، ام من حزب البعث العربي الاشتراكي ، والتيار الناصري ، ومشاريعهم الوحدوية ، التي ماتت قبل الولادة . ام من انقسام حزب البعث ، وهو الممثل الاكبر لهذه الايدولوجيا ، والذي نتج عنه صراع القطب العراقي ، والقطب السوري ، وهو الصراع ، التي تجلت كثير من نتائجه ، الان بانهيار الدولة القومية في العراق ، ووقوع الدولة السورية في براثن الجماعات الارهابية ، والهبات الشعبية المطالبة بحريتها وحقوقها ، المسلوبة ، في دولة حولها البعث والفئات التي تعتاش على وجوده ، الى دولة بوليسية ، تسرق حتى احلام الاطفال .

هل نبدأ بالممارسة والواقع والتطبيق ، للفكر القومي العربي في الاقطار ، التي طبق بها ونتائج من هذا التطبيق ام من قيام الدكتاتوريات القومية والفساد المرافق لها بكل اشكاله ، وخنق الحريات ، ان الاسئلة والآثام كثيرة لا يتسع لها مقال ، قد تكون البداية في شعارات القومين الثالوث المقدس ، ( وحدة - حرية - اشتراكية ) وقد يكون الحديث في هذه الاقانيم حديث يجيب عن بعض ، ما سبق .

الوحدة

الاقنوم الاول ، وهي نقيض الانقسام القائم ، في وطنهم العربي ، من المحيط الى الخليج ، والوحدة هنا توحيد كل ( الدول – الكيانات - الاقطار) العربية ، في دولة واحدة ، هي ( دولة العرب الكبرى ) هذا التوحيد ، كان يجب ان يتم بالتبشير والدعوة الى الوحدة ، بين الجماهير العربية ، حتى يدخل الايمان اليها بها ، او باعتلاء الاحزاب القومية لهرم السلطة ، في الدول العربية و / او بالقوة العسكرية في بعض الاحيان ، وقد قاموا بكل ذلك ، على مدى النصف الثاني من القرن العشرين ، وأكثر منه ، فما هي النتيجة التي وصلوا اليها ، وأوصلونا معهم ؟ بقاء الدول العربية كما هي ، لم يتم توحيد ايا دولتين من دول العرب ، بل على العكس ازداد التشظي في الدول العربية ، التي قادها ويقودها قوميين ، وتلك ايضا صاحبة الانظمة التقليدية ، والمتأثرة بالوهم القومي ، وذلك ببروز النزعات الطائفية والمذهبية والقومية الشوفينية ، داخل العديد من الدول العربية ، حتى وصل الامر ، الى امكانية اقامة دويلات جديدة ، داخل دويلات وطنهم العربي ، تتخذ شكل قومي انفصالي وتراجع الشعار والفعل ، على مدى الاحداث الجسام التي حلت بهذا الوطن حتى بدأت تتشكل عند بعض منظريهم ، ارهاصات فكرة الاتحاد كبديل مؤقت ، عن الوحدة التي استنفذت كل وسائلها للتحول الى واقع نهائي للوطن المثالي المتصور . وهو تحول مهم على الصعيد النظري ، لم يصل الى مرحلة مراجعة ونقد الذات الشاملة ، عند القومين وذلك بسبب طبيعة ، الايدولوجيا الايمانية ولان ( المسلم الايماني ) ، اغلب الاحيان غير عقلاني ، فهو يستند في تشكله ووجوده على ( قداسة ) الفكره والهدف ، والمقدس الايدلوجي لا يختلف كثيرا في المضمون ، عن المقدس الديني ، فالتشكيك به او نقده يشكل في الحالة القومية (خيانة ) ، وفي الحالة الدينية ( كفر ) ، لذلك يصعب على القومين ، ان يقوموا بمراجعة مسلماتهم ، لان هذه المراجعة العقلانية ، التي تستلهم قوانين الحراك الاجتماعي ، وقراءة التاريخ ، وإعادة انتاج الفكرة القومية ، وما يتعلق بها من مفاهيم الهوية ، بعيدا عن الايدولوجيا ، قد تتسبب بانهيار ايدلوجيا القومية العربية ، في رؤؤسهم وعليها اغلب الظن .
لذلك يبقى الحال على ما هو عليه ، حتى يتجاوزهم التاريخ كما يفعل الان ، وبالعودة الى مسلم الوحدة ، الذي كان ولا يزال شعار قاومه الواقع بكل اشكاله ، بحيث لم يعد له اي مضمون فعلي فما الذي ، يوجب عليهم وعلينا الايمان به بعد الان ؟ .

الحرية

اما الاقنوم الثاني ، وهو الحرية التي تم " ادلجتها " ، ودخلت القاموس السياسي للأحزاب ، والأنظمة السياسية الحاكمة ، في العالم العربي ، وكم تم تزويرها وتحريفها ، ويكفي لتدليل على نفوق هذا الشعار ، ان نعلم واغلبنا يعلم كيف تطبق وتمارس الحرية ؟ في الدول ، التي او لا زالت ترفعه ، فإذا كانت هذه الحرية التي وعدنا بها ، ان كانت فردية او اجتماعية ، هي ألاف المعتقلين والمعذبين في سجون ألأنظمة ، والقتل وخنق الحريات ، والقائد الاوحد والحزب الاوحد ، فبئسا لهذه الحرية البائسة ، التي تتجلى الان ، في جرائم الحرب ، التي ترتكب في بعض دول ، التي ثارت شعوبها ، هذه الشعوب التي لا تريد القصاص من احد ، ولا تريد المكرمات ، بإلغاء القوانين الظلامية ، والقمعية والوعود في اصلاحات هيكلية ، لا تطول بنية الانظمة ذاتها ، بل تريد حرية بمفهوم انساني ، يحترم الانسان بها لمجرد كونه انسان ، حرية في في تقرير مصير وطنهم ، ومن يحكمهم ، حرية لا تجعل من الحاكم هو الدولة والمجتمع ، هو السلطة والمعارضة ، حرية ليس شرطها الايدولوجيا ، وإنما شرطها الوحيد ، الحرية بكل ما حملت هذه الكلمة من تاريخ انساني .

الاشتراكية العربية

الاقنوم الثالث ، الاشتراكية العربية اختراع ايدلوجي قومي عروبي ، لم يضيف للفكر الاشتراكي شيء ، لكون الاشتراكية ، فكر انساني يهدف الى تحقيق العدل والمساواة بين البشر ، وما ان طبعت القومية العربية طابعها الخاص ، لهذه الاشتراكية ، حتى تحولت الى " ستالينية " بأبشع اشكالها ، مع انها كانت في عداء مع التيار الشيوعي ، سطره التاريخ بالدم احيانا ، في اغلب الدول ، التي وجد بها التياران ( القومي و الشيوعي) عربية وغير ، عربية . ماذا بقي من اشتراكيات العالم الان ، قد لا يحتاج السؤال الى اجابة طويلة ، وهذه ليست دعوه ، لتبني نظام السوق الحر الرأسمالي ، بكل مفاهيمه ووجه اللاانساني ، الذي يطحن كل شعوب العالم الان ، بقدر ما هي دعوة للتبني وخلق انظمة اقتصادية اجتماعية تحقق العدالة ، بعد اصلاح خلل بناء الدولة والمجتمع من جديد ، على مفاهيم منفتحة ، تقبل تجارب الاخرين ، في غرس وتحويل مجتمعاتنا ودولنا ، الى دول منتجة ، تحقق العدل الاجتماعي والمساواة ، بإقامة مقومات الحد الادنى ، من العيش الكريم للشعوب ، وليس الأمعان في جعل دولنا اسواق وشعوبنا ، مجرد مجموعة من المستهلكين ، لبضائع الغرب والشرق .

الامر يحتاج الى اكثر من تساؤلات وإجابات مقتضبة في مقالة ، ولكن على الاقل ، يجب ان نبدأ بأسئلة الهوية ؟ ، وحتى يستقيم الامر ، بفهم حقيقة صراعاتنا الداخلية والخارجية ، وإعادة النظر بمفهوم القومية العربية ان كانت بصيغتها القومجية ، او صيغتها الاعرابية ، كما تطرح من الانظمة التقليدية في العالم العربي ، فهل نحن امة عربية ؟ ، وقبل ذلك والاهم هل نحن امة اساسا ؟ ، وإذا سقطت المقولات الايدلوجية للا فكار ، نظريا ، وفي الواقع والتطبيق ، كما هو الحال مع ايدلوجيا القومية العربية ، بمختلف تياراتها وأحزابها ، ماذا يتبقى لنا ننتظره ، للحكم عليها بالخروج من التاريخ ؟ ، اعلينا ان ننتظر النتائج التي سوف يكشفها المستقبل القريب ، او نساهم عمليا في الخروج من مأزق الانتماء والهوية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رفح: اجتياح وشيك أم صفقة جديدة مع حماس؟ | المسائية


.. تصاعد التوتر بين الطلاب المؤيدين للفلسطينيين في الجامعات الأ




.. احتجاجات الجامعات المؤيدة للفلسطينيين في أمريكا تنتشر بجميع


.. انطلاق ملتقى الفجيرة الإعلامي بمشاركة أكثر من 200 عامل ومختص




.. زعيم جماعة الحوثي: العمليات العسكرية البحرية على مستوى جبهة