الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صهيل الشعر يمطر بهاء المعاني..!

عبدالرحمن مطر
كاتب وروائي، شاعر من سوريا

(Abdulrahman Matar)

2014 / 6 / 4
الادب والفن




أمسية مركز حمد الجاسر الثقافي في الرياض
الشاعرد.حسين الحسن يطلق صهيل المعاني في المقهى الثقافي
_________________________________

شعر الحب والحرية في زمن الثورة، صار علامة هامة في حياتنا اليومية، ووسيلة لم تعد للتعبير عن احاسيس الروح والمشاعر، حيال مايجري..فحسب، ولكن الإبداع اليوم هو بلا شك وسيلة ثقافية لممارسة للحرية التي نواجه بها الاستبداد والطغيان، ممارسة للجماليات الثرّة، في مواجهة البشاعة الإجرامية المذهلة في براعة ابتكار الخراب..
الموعد مع الشعر، لم يكن سوى مع الإبداع والتميز، حلق الشاعر فيها بجناحي الجمال والمعنى، في فضاءات الروح، فأغنى بنسائم البوح حروفاً، تقلبت حيرى بين مهجة مبدعها، ومتعة المتلقي اللّهوفِ للحنِ القصيد الذي جاد به الشاعر، في فيافي الذكريات وحواضر القلق.
كانت تلك انطباعات أولى، عن أمسية الشاعر السوري الدكتور حسين محمد الحسن، الذي أحيا أمسية شعرية في المقهى الثقافي في الرياض، باستضافة مركز حمد الجاسر الثقافي، ودعوة كريمة منه، ضمن برنامج أنشطته الأسبوعية. بحضور لفيف من المتعطشين للشعر، المهمومين بالحياة الثقافية، وجلّهم ممن يشتغل بالنقد والأدب: سعوديون وسوريون.
افتتحت الأمسية بكلمة مسؤول مركز حمد الجاسر الثقافي، الذي أشار إلى أهمية التواصل الثقافي، عبر إقامة الأنشطة والبرامج المختلفة التي يرعاها المركز، وكذلك أهمية استضافة الشاعر السوري الحسن، بما يمثله من مكانة ثقافية متميزة، وبما يحيط بالحالة السورية اليوم، والإنسان السورين من سفك للدماء وانتهاك للحرمات، وتهجير وتدمير..مشيراً إلى أهمية المثقف والشعر في هذه المرحلة.
الشاعر حسين الحسن افتتح الأمسية، بمقطع شعري، لم يكن بمثابة التحية فحسب، بل صورة متبادلة للعلاقة مابين الشاعر والحياة..اليوم:
خـطّ الـزمـانُ على وجـهي مـلامحه ومرجلُ النار في جنبيّ مشـبـوبُ
ما عـدتُ أحفـلُ فـي يومي ومـتـعتِه إن مرَّني عَرَضاً أو فاتني الطّيـبُ
لو جلمدُ الصّخرِ عانى كُربتي لشكا: يا معشرَ الصّخرِ مالي طاقةٌ ذوبُوا
تميزت نصوص الحسن بالصورة الشعرية، التي حملت هموم الشاعر وأحاسيسه، بجماليات اشتغاله على لغة تعبيرية تنهل من معين معرفته اللصيقة باللغة وامتلاكه نواصي وأسرار بيانها وبلاغتها، ليقدم لنا عبر النص الشعري هواجس الشاعر وهمومه، أفكاره ورؤاه في الحب والحياة، في الحنين الى الوطن، وفي انثيالات الروح على غربةٍ أدمنها الشاعر، فلوت ذكرياته .. وجرتها من تل حوذان " قرية الشاعر" على ضفاف الفرات الى الرياض، من حلب الى الصحاري الممتدة عبر أوطانٍ أقام فيها وترحلت قصائده الجميلة في ربوع رمالها وشموسها.
أودعـتُ تـل حوذانَ خيـرَ أحبـتـي وأضعتُ عمري في اشتباكِ دروبي
في غربتي غدتِ الرياضُ مفاوزاً فـعـلامَ تـنـكـرُ سحـنـتي وشحوبي!؟
يـرتـاح قلبي عـنـد ذكـركَ منـبجاً ويـذوب شـوقـاً في نـدى الـتـرحيـب
قدّم الشاعر في أمسيته عشرة نصوص، شُغلت بالهمّ العام للشاعر. الوطن وما يحدث فيه اليوم يؤجج من جمرة الاغتراب عن البلاد، ويذكي شعلة الحنين في الخافقين لرائحة التراب، للمدن..ولتلك الخطى التي مشاها في الدروب مع الأحبة. تجاور الذاتي مع العام، وتداخل عشق الوطن بالهوى والغرام، فما لنص أن يخلو من ذلك، وليس للمتلقي سوى أن يحيل إليه التمازج، مقدرة الشاعر الرفيعة في التصوير والوصف، فيما تحيلنا اليه صورته الشعرية، في كل ركن من قصائده، التي تضجّ بها روح التعبير الحداثي، بأسلوبه ومفرداته، وايحاءاته وإحالاته النصية.
في نصه " أدمَنْتُ حُبَّكِ " مثالٌ على ذلك:
أدمَنْتُ حُبَّكِ والأفراحُ في يَبَسِ
ونلتُ وصلكَ جهراً غير محترسِ
ورحت أعلن عن وجدي بفاتنتي
فصاحب الوجد لايخشى من العسس
كم مجّد الناسُ أياماً بأندلس
واليوم في حلب دهرٌ بأندلسِ
ويُطلق الشاعر لحن الجوى في حروفه، كي يستعيد في ألق البلاد، سر الشموس بعدما كوتها الطواغيت:
يا شام ما نامت الأدواء في جسدِ
إلاّ وأودع سرُّ البُرء في نَطَس
مهلاً بلادي شفاكِ اللهُ من حسدِ
كم أعقبَ الليلَ إصباحٌ لملْتَمسِ
لايغادر الشاعر جنان الياسمين في ظلال عشقِ تعتقت به الروح ، من نص الى آخر، فالذكرى نالت من حروف كلماته، فهصرت قلباً رهيف الهيام..تائه في بيداء المعاني. تلك هي قصيدته " ياجمر دمعتها ..!" التي يهيم فيها بليلى ..والهوى قدرٌ " والحزن في الشام أقدارُ الملايين ". يتغنى فيها الشاعر بأرض الشام، كل جنان الأرض في جنباتها الوارفات بالجراحات التي أسرف الطغاة في وطئ أحلام أهليها، فيهفو الشاعر الى كل مدينة وحيّ وجدول ماء يسقي عطاش الروح فيها:
في كلّ ناحيةٍ ثكلى ونائحةٍ
بلابلُ الدّوح ترمى في الزنازينِ
م مرّ سِرْبٌ من الأوجاع ياوطني
إلاّ تغوّلَ جرحي في شراييني
قصيدته الرائعة " صهيل الخيل " تجهز على ماتبقى للمتلقي من وثباتِ التشوق والمتعة لنصوص الشاعر، وكأن الكلمات..تتدافع على وقع موار الأحاسيس في ضلوعه ..فتتدفق الكلمات في التعبير عن مكنونه الخبيئ ..كخبب الخيول، أو كالصهيل، معنى رفيعاً يلاحق قولَ العَشَّاق البوّاح حرفاً..فحرفا:
تسابقتِ الحسانُ على فؤادي
وجدنَ القلبَ مسكوناً بجدِّ
فما شاغلتُ أروى في قريضي
ولا أوفدتُ مرسالاً لشهدِ
إذا هامَ الشبابُ بحسنِ ليلى
فلنْ يلهو بغير السيفِ زندي
يصونُ النفسَ من يحيا عزيزاً
ونالَ الذّلَ من أودى كعَبْدِ
صهيلُ الخيلِ يقطعُ كلَّ صوتٍ
بغيرِ السّيفِ لن تحظى بمجدِ
هذه انطباعات أولى عن الأمسية لاتفي الشاعر حقه من الدراسة النقدية، ولامن تسليط الأضواء على نصوصه المميزة، وليست هذه الكتابة سوى محاولة للتعبير عن فرحٍ طفولي يحتفي بالقصيدة وما حملته من معانٍ.. من احلامٍ وذكريات، وعلّ قصيدته " طيف الأماني " فيها ما يشعل أرق الحياة في دواخلنا.. فعبّر عنها بأرق الكلمات جمالاً .. وأغناها حسّاً مضمخاً بألم الأيام..وعثرات الصباحات التي نستيقظ فيها من حلم " الرجوع الى أهله " و نقتات فيها فراق أوطان كلما مضينا به، فهو " أمرٌ يصعبُ ".
شكرا لمركز حمد الجاسر الثقافي، هذا النشاط المميز ..وللشاعر حسين محمد حسن بهاء الشعر..ومجد القوافي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت


.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر




.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي


.. شاهد: دار شوبارد تنظم حفل عشاء لنجوم مهرجان كان السينمائي




.. ربنا سترها.. إصابة المخرج ماندو العدل بـ-جلطة فى القلب-