الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البرلمان والثورة ....... وثالثهما الشيطان

ابراهيم العزب

2014 / 6 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


بسم الله الرحمن الرحيم

البرلمان والثورة ...... وثالثهما الشيطان

دفعت الثورة المصرية دفعا قويا نحو واحد من مفترق الطرق التى لا تصادفها الا على الارض المصرية ، أى تلك التى تعوزها الارشادات والعلامات والاشارات والبيانات والاتجاهات والتجهيزات المعاونة والاحتياطات اللازمة للطوارىء وما الى ذلك من لوازم السير الأمن والصحيح ، واذا كانت الثورة قد استطاعت حتى الان وعلى مدار ثلاث سنوات ونصف من عمرها أن تجتاز الكثير من المنحنيات الخطرة وأن تعبر العديد من المفترقات الوعرة فقد بلغت اليوم هذا المفترق الرئيسي ، الذى قد يكون هو الاخير فى مسيرتها التى لم تكن أمنة فى يوم ما ، وهو الاخطر بكل تأكيد والمصيرى دون شك لتعلقه باجابة باتت مستحقة وغير قابلة للتأجيل والتسويف عن سؤال وجودى هو هل تكون الثورة أم لا تكون ؟ والامر لا يتعلق فى الحقيقة بالتمنيات الطيبة ولا بالامال المتفائلة ولا تجيب عنه العبارات الساذجة من قبيل الثورة مستمرة والثورة فى الميدان وما الى ذلك ، ولكنه يتمحور حول الحقائق الصلبة المكونة للواقع وهى دون أى مواربة حقائق صادمة ، ذلك أن الثورات لم تكن يوما - كرنفالات شعبية – ومن ثم فان الثورة التى لا تحكم وتمسك بالسلطة من اجل التغيير وتحقيق اهدافها التى خرجت الجماهير الثائرة من اجل تحقيقها وخاطرت بحياتها ودفعت بالفعل ثمنا باهظا لها من دماء وارواح ابنائها لا يمكن ادراجها فى عداد الثورات ، وانما قد تكون أى شىء أخر ، فقد تكون هبة أو انتفاضة شعبية أو حركة جماهيرية أو حتى ( هوجة ومعدية ) أو سمها ما شئت الا أن تكون ثورة ، والثورة المصرية قد جرى تنحيتها عن السلطة بقصور فى التكوين و بفعل فاعل غير أمين ، واذا كانت السلطة فى أى دولة تجسدها مؤسسات ثلاث ، تنفيذية ( رئاسة وحكومة ) وتشريعية ( برلمان ) وقضائية ( محاكم بدرجاتها ) ، فقد افلتت فى الحقيقة سلطتان من يد الثورة المصرية حتى الان ، هما القضائية التى احكمت تحصيناتها فى وجهها ( قد يقتضى الامر تفصيل ذلك فى اطلالة خاصة ) والتنفيذية ، ممثلة فى رئيس جمهورية منتخب ، قادم من خارج ميادين الثورة ، وقد لا يستطيع – فى ظل توازنات القوى الفعلية داخليا وخارجيا - أن يستند الى تكويناتها أو يتبنى أطروحاتها بشكل كامل أو واضح ، وحكومة سوف يتم تشكيلها بمعرفته وعلى عـينه عقب حلفه اليمين وتقلده مهام منصيه ، وهكذا لم تعد هناك سوى سلطة واحدة من سلطات الدولة هى السلطة التشريعية والتى يجرى الان الاعداد للانتهاء من أمرها أيضا ، هى التى يمكن القول نظريا بأنها مازالت متاحة أمام الثورة والثوار ، فاذا افترضنا فرضا جدليا ولاغراض التحليل النظرى فقط أن هذه الثورة قد استطاعت اللحاق بتلك السلطة – وهو ماتنفـيه الاجراءات والاوضاع على الارض – فانه لن يتسنى القول حينئذ أيضا بأنه قد بات للثورة سلطة تمكنها من انفاذ مشروعها فى العدالة والحرية والكرامة ، فهذا على ما يبدو سهم قد نفـذ ومطلب قد فات أوانه كما يشير التحليل السابق وغاية ما يمكن قوله عند ذاك هو أنها قد باتت شريك فى الحكم بحصة ما ، واذا كان هذا هو القدر المتاح حاليا فانه فى الحقيقة غير متيسر أو سهل المنال ، فهو مهدد بقوة أن ينفلت أيضا من بين يدى الثورة ليشهد الثوار بأعينهم انذاك القضاء علي ثورتهم قضاءا مبرما ، ولتصيح مرشحة – فى أحسن الاحوال - لان تكون مجرد ذكرى قد يحتفى بها صانعوها ودارسوها وبعض نجومها ولكن بعد تغيير اسمها رسميا لدى مصلحة الاحوال المدنية بوزارة الداخلية المصرية الى ( انتفاضة شعبية ) كانتفاضة يناير من العام السابع والسبعين التى كادت ان تطيح بالسادات وتمسك بزمام التاريخ لولا أن كان للقوة والسلاح رأى أخر ، هذا وقد يبدو أن القوى المضادة للثورة والمتنفذة حاليا قد استطاعت أن تحدد للشباب صانع الثورة ووقودها تلك الساحات والمساحات التى سيتاح له مستقبلا أن يمارس تجربته ضمن سياجها كالمحليات التى سيكون عليه أن يلعب ( عروسة وعريس ) فى حواريها وازقتها بعد تلوينها بفرشة جير ، أو أن يقدم من بين صفوفه عددا ( من المقربين المشتاقين ) ليكونوا نوابا أو مساعدين لبعض الوزراء حتى يتعلموا أصول الروتين الحكومى وكيفية التعامل مع الجهاز البيروقراطى المصرى العتيق العتيد وفقا لشروطه وهم المنوط بهم تغييره لا تعلم أساليبه ، أو أن تكون له كوتة غير محددة ضمن الفئات المهمشة الاخرى وقد يشارك فيها المرأة التى انتهك عرضها فى الميادين وهى تمارس فعل الثورة وتمنح الوطن خلاصه ، واذ بالامر ينتهى بها الى كوتة تحوزها فى العادة الراقصات منهن و المزغردات ، وقد يبدو وفقا للترتيبات التى تجرى الان على الارض أن الامر قد أصبح على هذا النحو نهائيا وانه قد يمثل قدرا ، اذ هو أقصى ما قد تجود به تلك القوى المضادة المتنفذة ، وهو فى ذات الوقت أقصى ما قد تستطيع أن تستخلصه لنفسها قوى الثورة من فتات فى ظل حال ضعفها الشديد وتشرذمها الذى لم بسمح لها حتى الان بالوحدة أو الشعور بالقوة والقدرة على التأثير الا سلبا أى حين تتخذ موقفا مقاطعا لاستحقاق سياسي ما ، واذا كان القانون هو اداة السلطة فى صنع حالتها وفرضها على المجتمع أمرا واقعا ، فان قانونى الانتخابات البرلمانية ومباشرة الحقوق السياسية اللذين تسارع السلطة فى تمريرهما حاليا هما دون شك وبما يحملانه من توجهات مؤكدة نحو اعادة انتاج نظام ما قبل يناير الفين وأحد عشر يمثلان أخطر اداتين فاعلتين فى الاجهاز النهائى على قوى الثورة وفض بكارة الثوار من ذوى الاحلام الوردية ، ذلك أنهما يعيدان تكريس ذات الامراض والاوجاع الانتخابية من العصبيات القبلية والجهوية وسيطرة رأس المال السياسى وما الى ذلك من عوامل غير مواتية ديمقراطيا ، ومن ثم فانهما يعيدان استدعاء ذات النتائج التى تمثلت من قبل فى تصدر ذلك الخليط الغير متجانس للمشهد السياسى من نواب الخدمات والفسدة والجهلة وعديمى القدرات الذهنية وحائزى الثروات مجهولة الهوية وممثلى المصالح المالية الكبرى ، صحيح أن عملية اعادة الانتاج هذه قد تكون مصحوبة باستبعاد الوجوه القديمة أو بعضها ولكن مع التمسك بكافة سمات وملامح وخواص النظام القديم دون تفريط ، حتى وان استدعى الامر فى حالات معينة السماح ببعض عمليات التجميل هنا أو هناك ، ولكن المشهد اذ يبدوا هكذا شديد العبثية فانه قد لايمثل فى الحقيقة سوى خيارا شيطانيا ، والهاوية قد تكون سحيقة اذا ما بات الشيطان ثالثهما بالفعل ، ذلك أن اندفاعة فلول النظام القديم المتعطشة للاستحواز والاقصاء سوف تصطدم حتما ان عاجلا أو أجلا بالقوى الرافضة والمتضررة وقد يكون الصدام مدويا كما كان فى يناير أو أشد دويا ، ومن ناحية اخرى فان اقصاء الثورة واستبعاد الثوار من دائرة أخر استحقاقات السلطة القادمة سيدفع بها وبهم حتما الى هامش لا خيار فيه بالضرورة الا اعادة انتاج الانفجار ، ومن ثم فقد بات متعينا على العقل الدولتى ( عقل الدولة البارد ) أن يسارع الان ويبادر الى العقد للثورة والثوار على البرلمان القادم حتى وان لم يكن بيدهم مهرا فقد
سبق أن قدموا دمائهم وارواحهم مهرا فضلا عن أن ثوريتهم هى حاجة ملحة للدولة فى المرحلة المقبلة ان ارادت أن تنهض من عثرتها وهذه فى ذاتها مهر جديد ، ولكن الدولة قد لا تريد وان ارادت فقد لاتستطيع أن تنجز ما تريد الا أن يريد الثوار والا أن تتدعم تلك الارادة بالاصرار ، وهذا قد لا يستقيم وفعل المقاطعة الذى استهوى الثوار واستلبهم ، وانما الفعل الثورى الايجابى الفاعل هو فقط القادر الان على استرداد الحقوق والدفاع عنها ، والمعركة الانية المطروحة فى المعترك السياسى القائم هى معركة قانونى مباشرة الحقوق السياسية وانتخابات مجلس النواب واللذين يستبعدان الثوار كما أسلفنا وينحازان انحيازا واضحا للعهد البائد ، وهو ما يتعين على الثوار أن يشتبكوا معه بشكل مباشر، وان يتكتلوا ويحشدوا كل انصارهم ضد هذين القانونين وان يخوضوا معركة سياسية وثورية بكل الخيارات والفنون المتاحة لاجل مطالب محددة وبغرض تغيير انحيازاتهما لصالحهم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اليمن.. حملة لإنقاذ سمعة -المانجو-! • فرانس 24 / FRANCE 24


.. ردا على الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين: مجلس النواب الأمريكي




.. -العملاق الجديد-.. الصين تقتحم السوق العالمية للسيارات الكهر


.. عائلات الرهائن تمارس مزيدا من الضغط على نتنياهو وحكومته لإبر




.. أقمار صناعية تكشف.. الحوثيون يحفرون منشآت عسكرية جديدة وكبير