الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحن والمجتمع الدولي ( 3 7 )

رياك وور

2014 / 6 / 7
السياسة والعلاقات الدولية


من الأفضل أن نستفيد من تجارب الدول التي نشبت فيها خلافات سياسية مع المجتمع الدولي، ومثال لذلك السودان. ومن نتاج خلافات الحكومة السودانية مع الدول العظمة أن أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة بإعتقال الرئيس السوداني عمر البشير.

الدول الكبرى التي نتهمها بأنها لا تعرف التعامل الدبلوماسي معنا هي نفس الدول التي كانت تقف مع قضايا شعب جنوب السودان في المحافل الدولية والإقليمية، خاصة في زمن الحرب الأهلية مع السودان، هل تعلم أن المنظمات الإنسانية العاملة في البلاد تتلتقى الدعم من الدول العظمى؟

يموت مواطنو الصومال من الجوع رغم وجود المنظمات الإنسانية وعلى رأسها منظمة الغذاء العالمية، ويعتقد بعض الناس أن وراء المجاعة في جمهورية الصومال نقص المواد الغذائية، لكن هنالك عوامل أخرى، منها الإجراءات البيروقراطية، وتأخير تصديق المساعدات الإنسانية إلى الصومال، حيث يعتقد الغرب أن الحكومة الصومالية لا تتعامل وفقاً للنظام العالمي الجديد، فقد فشلت السلطات فشلا زريعا في مقاومة الإرهارب الذي تقوده الجماعات الإسلامية المتطرفة، إضافة إلى أن النظام السياسي ذو توجه إسلامي متطرف، لذا يتم تأخير المساعدات ويخشى العاملون في العون الإنساني على أرواحهم من تواجدهم هناك.

من هذا تخوفنا من الآثار السالبة التي تنتج من خلاف الحكومة مع المجتمع الدولي، لأن المتضرر في النهاية هو المواطن الذي يحتاج إلى المساعدات الإنسانية، أما القيادات فأغلب أسرهم مقيمة في الخارج في أماكن آمنة.

في وقت الحرب والمحن والسلام تصل المنظمات الإنسانية إلى المناطق النائية في المقاطعات، الفيامات والبومات في الولايات والمناطق التي تنعدم فيها المرافق الصحية التابعة للحكومة.

وفرت المنظمات الإنسانية كميات من المواد الغذائية لعدد كبير من المواطنين عقب وصولهم من رحلة العودة الطوعية من السودان إلى مناطقهم الأصلية، وساهمت أيضا في ترحيل العائدين إلى جنوب السودان بعد انتهاء الحرب الأهلية مع السودان التي استمرت لأكثر من نصف قرن من الزمان.

حذر المراقبون الحكومة من أن تتجنب لغة التصعيد مع المجتمع الدولي، لأنهم كانوا على يقين أن الخلاف مع المجتمع الدولي ذو نتائج غير متوقعة، فإعادة العلاقة المتدهور إلى مجاريها أمر مكلف للغاية، والأفضل منه التعامل بروح الحكمة والسياسة النائمة، وليس التنازل عن السيادة والكرامة الإنسانية، ولكن للحفاظ على مصالحنا العليا التي يمكن أن نخسرها فالدولة الحديثة تواجه تحديات جمة، منها ملفات تحتاج إلى دعم دولي، لذا نحتاج إلى أن لا نفقد أي علاقة دبلوماسية في هذا الزمن الغدار الذي نسى فيه البعض يوم الغد. لدينا قضايا خلافية مع السودان، متمثلة في الحدود، ملف أبيي والبترول، ونسينا فكرة تصدير نفط البلاد عبر الطريق البري إلى إثيوبيا، أو بناء خط أنابيب عبر الأراضي الكينية حتى ميناء لامو.

قبل الإستقلال كان حزب الحركة الشعبية لتحرير السودان الحاكم يتمتع بعلاقات دبلوماسية وطيدة مع دول الترويكا والغرب، وقد أقرت الحكومة السودانية واعترفت وقتذاك بأن الغرب يساند ويدعم الحركة الشعبية، ويدعم قضايا الجنوبيين، لذلك كنا نتوقع أن تتستثمر الحكومة تلك العلاقات لمصلحة الشعب جنوب السودان.

لاحظ علاقة الولايات المتحدة مع جنوب السودان، لم تكن كما كانت في السابق. وافق الكونغرس الأمريكي على زيارة أعضاء حزب الحركة الشعبية في أسرع وقت، ونستدل بلقاء رئيس الجمهورية الفريق أول سلفاكير ميارديت أكثر من مرة مع رئيس الولايات المتحدة بارك حسين أوباما، أما الرئيس السوداني عمر البشير فلم يصافح أوباما أبدا.

أفاد بعض المحللين بأن علاقة جنوب السودان مع أمريكا متدهورة، بينما من جهتها تنفي وزارة الخارجية ذلك، ومن المتوقع أن يزور وزير الخارجية الأمريكي جون كيري البلاد، وهي تكنهات سياسية.

ماهي الدولة التي تمثل الحليف الإستراتيجي لبلادنا من الدول الخمسة الدائمين في المجلس الأمن الدولي؟

أحيانا يقوم الحزب الحاكم بخطوة تُعتبر أمراً عادياً في تقدير أعضاء الحزب، مثلا مذكرة التفاهم التي وقعتها الحركة الشعبية مع الحزب الشيوعي الصيني، والذي لم يعجب الولايات المتحدة، لأنها تعتقد أن جنوب السودان متحالف مع الصين، بينما تعتقد الصين أن جنوب السودان يدعم المواقف الأمريكية في المحافل الدولية والإقليمية، وتبقى لنا أن نردد أغنية الفنان السوداني جمال فرفور (في الحالتين أنا الضايع). لابد أن نضع في الاعتبار مصالح الدول التي لعبت دور فعال من أجل منح حق التقرير لشعب جنوب السودان، وأن نتيح لهم الفرصة للاستثمار في المجالات الاقتصادية المختلفة، وذلك لضمان استمرار مواقفهم ودعمهم لبلادنا.

كانت هنالك مخاوف وأصوات في الولايات المتحدة المتحدة تخشى من انفصال جنوب السودان، إذ تعتقد أن الدولة الوليدة ستكون عقبة وإرهاق سياسي بالنسبة لأمريكا. متى يفهموا أن النظام العالمي الجديد يفهم الديمقراطية والشفافية ومسألة التداول السلمي للسطة من منطلق مخاوفهم أن إقليم جنوب السودان متعدد التركيب الإثني، والولاء للقبيلة أكثر من الدولة وسياسة التبعية للأشخاص. وكنا نقول لأصحاب هذه المدرسة أنهم يقفون ضد إرادة شعب جنوب السودان، لكن مجموعة أخرى كانت تنظر لإقليم جنوب السودان على أنها اليد المنى للغرب وأمريكا، وقد تساعد في منع انتشار الإرهاب في شرق إفريقيا، إضافة إلى الثروات التي منحها الله لنا. وبهذا التفسير وجدنا التأييد الدولي لقضيتنا، لأننا أثبتنا أننا شعب يعشق الحرية والديمقراطية ويرفض الظلم.

إنتقد السكرتير الصحفي لرئيس الجمهورية “أتينج ويك” بعثة الأمم المتحدة، واصفا تقاريرها بغير المحايدة، رافضا التقارير التي تحدثت عن حدوث انتهاكات من قبل الجيش الشعبي.

وقال أتينج في مؤتمر صحفي بالخرطوم مؤخراً، أن الأمم المتحدة تستحق الطرد من جنوب السودان. وأضاف “لولا أننا حكومة ديمقراطية لطردنا بعثة الأمم المتحدة من جنوب السودان، فقد كان ينبغي أن نطرد البعثة”.

من الطبيعي جدا في هذا الزمن الغدار أن ينسى المسؤول مهامه، ويبين الولاء والتأييد في وسائل الإعلام لمؤثرين في صنع القرار في البلاد لضمان استمراره في الوظيفة إذا تم تشكيل الحكومة. لا تندهش عزيزى القارئ، فهي حقبة تأكيد الولاء للشخصيات السياسية.

في يوم 29 من شهر مارس الماضي أصدر السفراء الأجانب بالبلاد بيانا صحفياً شديد اللهجة، نقدوا فيه تعامل الحكومة مع البعثة الأممية، وقد وقع على البيان سفراء الدول الآتية:

1/الولايات المتحدة، 2/المملكة المتحدة، 3/فرنسا، 4/المانيا، 5/هولندا، 6/أسبانيا، 7/السويد، 8/الدنمارك، 9/كندا و10/ بعثة الاتحاد الأوروبي.

وبسبب البيان الصحفي استدعى نائب وزير الخارجية والتعاون الدولي السفراء مطالبهم بالتوضيح حول البيان، وقال السيد نائب الوزير الخارجية لوسائل الإعلام عقب انتهاء الاجتماع أنه مندهش من إدانات بيان السفراء للحكومة في وسائل الإعلام دون علم وزارة الخارجية. وأضاف أن الإدانة توجيه سيئ في العلاقات الدبلوماسية، وانتهاك صريح للقوانين والأعراف الدبلوماسية، وتدخل في الشؤون الداخلية للدولة. وذكر فيما جاء في البيان قائلا “إتهم السفراء الحكومة بتقييد حركة المساعدات الإنسانية ومصادرة واعتقال الموظفين”، ووضح أن الإدانة في وسائل الإعلام ليست حلا للخلاف، إنما الحل هو التعاون والحوار البناء. وقال سفير الاتحاد الأوروبي لدى البلاد “سفين كوت” في تصريحات صحفية أن الاجتماع كان بناءا والحوار مفتوح، وأكد أن إصدار البيان حق سيادي للهيئات الدبلوماسية، وأن البيان الصحفي بالنسبة للسفراء حق سيادي، بينما تقول وزارة الخارجية أنه تدخل في الشؤون الداخلية دون استشارة.

نواصل…








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الألعاب الأولمبية باريس 2024: إشكالية مراقبة الجماهير عن طر


.. عواصف في فرنسا : ما هي ظاهرة -سوبرسيل- التي أغلقت مطارات و أ




.. غزة: هل بدأت احتجاجات الطلاب بالجامعات الأمريكية تخرج عن مسا


.. الفيضانات تدمر طرقا وجسورا وتقتل ما لا يقل عن 188 شخصا في كي




.. الجيش الإسرائيلي يواصل قصف قطاع غزة ويوقع المزيد من القتلى و