الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شاهد على جريمتين

مهدي الحسناوي

2014 / 6 / 7
مواضيع وابحاث سياسية




قدري إن أولد في زمن بائس يسمى ب(زمن الزيتوني) أوفي (زمن بيت الترباس) لم يكن بيت الترباس بيتي ,ولكن بمرور الزمن أصبح بيت الترباس بيتي ,لأنني تعلمت فيه بندقية عيار 7.62ملم,هذه خلاصة العمر,ولدت وانأ لم أفهم في حياتي إلا قرقعات الحروب وصدى الانتصارات المتوالية والتي ,أصبحنا فيما بعد منها أسياد العالم بالغربة واللجوء السياسي وكثرة المقابر الجماعية وكثرة من بترت أذانهم بسبب رفضهم دخول بيت الترباس ويلعقوا معنى حلاوة النصر كما ذاقها الآخرون,مايقودني إلى كتابة هذه الكلمات هو هذه الحادثة ,بالأمس وانأ استقل سيارة تاكسي لسائق ذاق حلاوة النصر في حروب (حارس البوابة الشرقية) فعندما سلمت عليه قال أنا لا افهم شيئا مما قلته أنت.. وهذه مشكلتي فقلت لماذا.. إنها حالة غريبة.. ,قال السائق أنا كنت جنديا ودخلت ثلاث حروب متتالية ولا أجيد إلا الرمي بالقاذفة(أر بي جي 7) ومن كثرة ما استخدمت هذا السلاح في انتصاراتنا المحسودين عليها قال أصبت بمرض غريب إلا وهو إنني لا أميز الكلام ولكن اسمعه ,..أنا أحس عندما تتكلم معي أنت ألان ,أحس بأصوات متعالية كأنها قرقعات الحروب ومتألم كثيرا في حياتي .حدقت فيه متأملا وقلت مالذي جناه هذا المسكين من قادسياتنا الثلاث سوى مرض غريب لاتستطيع مختبرات العالم المتطورة إن تكشف علاج لهذا العراقي البائس ,ولكن هذه نتيجة حتمية يجب أن نقر بها ونقف عندها إلا وهي إذا الحاكم جاهلا فهو يخلف الجهل والخراب والحروب .

بعد انتمائي في سنوات مبكرة في مرحلة الدراسة المتوسطة بداية الثمانيات ,انتمائي إلى (حزب الدعوة الإسلامي)عن طريق الشهيد البطل السيد نعيم علي إدريس,والذي القي القبض عليه في دولة الكويت منتصف الثمانينات عن طريق المخابرات العراقية وأعدم في مفترق طريق سوق بصرة,وقتها فكرت بترك العراق ولكن لم اترك العراق ,فكان الوطن حاضرا بين يدي دائما ,في كتاباتي وقلبي,وبدأت العمل مع صفوف المعارضة وكنت شاهدا عيان لجريمتين عالميتين ارتكبهما(قائدنا الضرورة)آنذاك أولى هذه الجريمتين هي جريمة قصف حلبجة بالأسلحة الكيماوية ,وكنت حاضرا مع صفوف المعارضة إثناء قصف طائرات (علي كيماوي )هذه المدينة و رأيت شعب يباد ورأيت خلاصة جرائم العالم ,كنت وقتها احمل بيدي اليمنى طفل فقئت عيناه واحمل واقتاد باليسرى رجل عجوز ,كانت بالنسبة لي حدث مرعب علما بأنني كنت في مقتبل العمر ,وكان الحادث بالنسبة لي قضية أخرى ,فأصبت وقتها بالسلاح الكيماوي وكانت نسبة الإصابة 38 بالمائة ,ومازلت أعاني من هذه المواد ,بعدها وفي مرحلة التسعينات مرحلة الموت البطئ بالنسبة لشعبنا المظلوم ,تم تجفيف اكبر بيئة طبيعية عرفها العالم والمستشرقون الأجانب ,تم تجفيف الاهوار ودخلت العراق سرا عن طريق إحدى الدول المجاورة ورأيت شعب يباد وحياة جميلة تحتضر وماتت الاهوار وانتهت الحياة فيها ,وماتت البيئة التي عاشها
(وليفرد ثسيجر)الرحالة البريطاني والذي كتب كتاب رائع عن بيئتنا الجنوبية ,وماتت معشوقة( ليدي دارور المستشرقة الألمانية وكنت الشاهد ,فبعد هاتين الجريمتين كان لدي طموح أن أوثق هكذا جرائم فباشرت في عام 2000 بتأليف كتاب عن الاهوار وانتهيت من تأليف الكتاب عام 2002 وفي عام 2003 سقط (الرئيس)وعدت إلى الوطن وكتاب الاهوار مخطوط معي ,فذهبت به بعد إحداث سقوط (الرئيس )عام 2004 إلى وزارة الثقافة لكي يطبع ولكي يقرأ العالم ويستذكر بأن (الرئيس القائد)ارتكب جريمة كبرى اسمها جريمة( قتل الاهوار),وقتل الاهوار ليس قتل البشر فقط
وإنما قتل النبات والحيوان والحياة وكان للكتاب صدى لأبأس به بعد طبعه .
أما جريمة قصف حلبجة فأنني مازلت متواصل بالكتابة عنها لأنني أريد أن أوثق مرحلة مهمة من تأريخنا العراقي,أوثق ليس الجرائم فحسب ,وإنما أوثق لحظة موت, كان الشعب يذبح وكان البعض يمدح والبعض الأخر يردح والاخريصدح ,واقصد شعراء .وردا حين وغجر ,ولكن كلمة غجر قليلة بالنسبة لهولاء ,لأن الغجري أحيانا عنده ثوابت وقيم ,ولكن هولاء عديمي الثوابت والقيم ,وربما رأى الكثير من ابنأء شعبنا إحدى جرائم فدائيي صدام وهم يقطعون الرقاب ومتلثمين بالملابس السوداء ,ورأى شعبنا كيف هتفوا بأهازيجهم حينما ذبحوا احد أبناء مدينتنا الناصرية ,وهذا الفلم عرض على شاشة قناة العراقية ,صدقوني وقتها قلت بعدما شاهدت هذا الفلم ,قلت إنها إحدى محاور (ثقافة العنف في العراق)والتي هي إحدى منجزات (القائد الضرورة ) يذكرني هذا الفلم بطقوس الهنود الحمر وتخلفهم والذي أصبح مادة إعلامية دسمة لا فلام شركات هوليود الأمريكية

كاتب وشاعر عراقي
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قتلة مخدّرون أم حراس للعدالة؟.. الحشاشين وأسرار أول تنظيم لل


.. وكالة رويترز: قطر تدرس مستقبل المكتب السياسي لحركة حماس في أ




.. أوكرانيا تستهدف القرم.. كيف غيّرت الصواريخ معادلة الحرب؟| #ا


.. وصول وفدين من حماس وقطر إلى القاهرة سعيا لاستكمال المفاوضات




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - وفد من حماس يصل إلى القاهرة لاستكم