الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في قصة - ارتديتك غيابيا -

سعيد رمضان على

2014 / 6 / 7
الادب والفن


قراءة في قصة " ارتديتك غيابيا "
لنسمة العكلوك " غزة"
---------------
سعيد رمضان على
-------------


مدخل :
------
نسمة عكلوك من سكان مدينة غزة، تجمع بين الرياضيات والكتابة ، نشرت عدد من الروايات ، واستفادت من تجربة الغربة ، تطرح في قصتها التي نتناولها هنا سؤال أبدى:
هل يسمح للإنسان بالمقاومة أم الاستسلام للعجز؟؟
وأثناء الإجابة, تكشف عن الوحدة والغربة، ومن خلال اعتماد بنية الفقد , تكشف عن التمزق والمعاناة .
------------
القراءة :
------
يكتنز عنوان القصة " ارتديتك غيابيا " بكم كبير من طقوس حياة أخذت ملامحها في الغياب ، مع الحرص على بقاءها .. حتى لو كان هذا البقاء في حيز المتخيل .
والعنوان يحمل دالين : دالا حاضرة ودالا غائبة .. وكأن العنوان يدعو المتلقي للتساؤل : كيف يمكن ارتداء شيء ما غيابيا ؟
ومع التوغل في القصة .. ستنفتح لنا مغاليق السؤال . ونكتشف أن اجتماع الدالين معا .. الارتداء والغياب.. ينقلنا إلى أفق الفقد، الذي تنعكس أشاراته إلى السرد وتوجه مساراته إلى مناطق تكشف عن الشخصية وعلاقاتها بركائز القصة .
" دخلت إلى مطعمي المفضل ، ليس لجودته ، وإنما أثاثه أصيل يعرفني منذ تطأ قدماي بابه ، يحتويني بجدرانه الزرقاء."
" صعدت الدرج لأجلس على طاولتي المفضلة بجانب النافذة "
فهذا الطقس، طقس المكان، يساعد لمقاومة الظاهرة الذي فرضها الغياب لإيقاف ظواهر التغير الذي تطرأ على الحياة ، وتؤدى إلى الغربة ، إنها تعود إلى مكان مألوف يحمل الأصالة .. والأصالة لها تاريخها وتراثها الثقافي , وبذلك فمقطع:
" أثاثه أصيل يعرفني منذ تطأ قدماي"
تكون دخلت إلى مكان يربطها بعمق تاريخها الشخصي،في محاوله لأعاده ترميم ذاتها واكتشافها ونفى حالة الغربة .
أما الطقس الأخر الذي يساعد في مقاومة التغير فهو تحولها لتعيش مع الغائب في الحاضر:
" رايتك تبتسم لي وتدعوني للجلوس بجانبك وقد اجتليت مقعدي المفضل "
" ونسيت بان سبب خروجي جعلني ألقاك دون موعد مسبق"
" ألن تخرج بصحبتي"
أن البنية العميقة للفقد تعتمد البدائل، لتقليل وطأة الفقد.. أنها تختلق وجود الغائب لتدفع ملامح الغياب بعيدا ، طالما أن الغائب غير موجود ولا يتحقق وجوده في الواقع .
فإذا رجعنا للعنوان سنجد بعد إيغالنا في السرد أن ما تم ارتداءه هو الغائب .. ومهما كان هذا الغائب فقد تم فقده بشكل ما .. لكن ليس بالموت .. فليس هناك إشارة مباشرة أو ضمنية لذلك والإشارة اللونية الحمراء في مطلع القصة : "
" ارتديت بلوزتي الحمراء ..."
لا تشير للموت .. ربما بالجرح أو الأسر أو غير ذلك .. لكنها لا تعنى الموت .. .. فيكون مدخل السرد الذي يظلله غيمة قاتمة للعنوان ،هو بنية الفقد التي شكلت الداخل النفسي للشخصية.. وهو ما دفع لسيطرة الأحاديث النفسية على القصة , أحاديث ترتبط ببنية الفقد كما ترتبط ببنية الوحدة .. فالشخصية رغم وحدتها تتأمل الخارج وتحدث الداخل وتستدعى الغائب , و الغائب هنا يحتل موقع القوة القاهرة , التي تزيح الشخصية إلى منطقة العذاب.
والقصة تفيض بمأزق التجربة الإنسانية .. تبدأ القصة بالوحدة وتنتهي عندها .. ومن البداية للنهاية يجسد النص حياة مغلفة بالمعاناة .. والخروج من البيت دون شعور حقيقي بالوقت وفى ظلام الليل ، هو تعبير عن رحلة حياتية بحثا عن معنى وعن سبب وعن حل للمشكلة.
انه مسار قد يرمز لرحلة منفردة في الاغتراب .. والاغتراب مثل الألم لا يمكن الإحساس به بشكل جماعي .. الألم والعذاب والغربة والمعاناة كلها تتم بشكل منفرد .. ومتوحد .. ومادهشه الجرسوون وقوله "
آنستي، مع من تتحدثين؟! لايوجد أحد هنا!"
سوى تعبيرعن المعانة بشكل منفرد ومتوحد.
لكن المشكلة لم تكن الوحدة .. فالوحدة نتاج لحياة مرفوضة أصلا .. لكننا أمام عزل الفاعلية الإنسانية عن العالم .. فنحن هنا أمام كائن محاصر، يقاوم عزل فاعليته ومشاركته الحياة ببدائل .. حتى لو كانت متخيله .. فالمقاومة حتى لو كانت باستحضار الغائب والتحدث معه واعتباره موجود بالحياة .. هو رفض ثوري لتلك العزلة وعدم القبول بالعجز .
--------------
مراجع وإحالات:
1- " ارتديتك غيابيا –نسمة العكلوك " غزة"- أصوات عبر المتوسط – مركز الصداقة الفلسطيني للتنمية - وزع الكتاب في العيد السنوي لصالون نون بغزة 2014.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟


.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا




.. صباح العربية | الفنان السعودي سعود أحمد يكشف سر حبه للراحل ط


.. فيلم تسجيلي عن مجمع هاير مصر للصناعات الإلكترونية




.. جبهة الخلاص الوطني تصف الانتخابات الرئاسية بالمسرحية في تونس