الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لكل -ماخور- أهل يرعونه!

فاديا سعد

2014 / 6 / 7
الادب والفن


لكل "ماخور" أهل يرعونه!
فاديا سعد

كانت الساعة قد تجاوزت ساعة البلدة المتوقفة عقاربها على التاسعة وعشر دقائق بخمس ساعات، حين مرّ السيد "خليل" على بقالية متواضعة وسط صف طويل من المحال متنوعة البضائع.
صاحبة البقالية عجوز معروفة بصراحتها وعصاميتها، وكانت تخصص بقاليتها لبيع الألبان والأجبان.
حين ولج "خليل" البقالية كانت منهمكة بتصفية الحليب تحضيرا لوضع القدر الكبير على النار. ومن غير أن ترفع بصرها عن حركات يديها أو تجيب على تحيته، طرحت سؤالها بلا مقدمات:
- تذهب كثيرا للمقهى يا سيد خليل؟
- أي مقهى؟ أجاب مروان من غير أن يفهم هدف السؤال.
- ذاك المقهى الذي على زاوية الشارع ففهم اشارتها إلى الكافي نت.تابعت العجوز:
- الذين يقولون عنه كافي نووت. أثار لفظ نووت حين صدر من فم العجوز ابتسامة خليل:
- أييي. قالها هكذا ممطوطة تشبه طريقتها في مط كلمة نووت، وفيها استفسار أكثر من أي أمر آخر
- أنت شخص محترم..
- والكافي نووت يا خالتي؟! قاطعها خليل.
- إنه......"مقهى للرزيلة" ولم تكتفي بهذا التوصيف عن مقهى النت بل تبعتها بجملة أخرى جعلت كرش خليل يهتز من الضحك والانفعال حين عبرت بطريقتها المميزة: "و يرتاده أشخاص سيئون... وتلعثمت لأول مرة وفقدت شجاعتها المعروفة عنها...هكذا... أشخاص... من لديهم ميول .. ماخورية.."
ابتسامة السيد "خليل" تحولت إلى دهشة ثم قهقهة رهيبة:
كافي نوووت.. وماخورية دفعة واحدة؟ تتعلمين اللغات والثقافة معا ياسيدتي!!
أتسخر؟ سيدتي ها........
ولا يكاد يبتلع ضحكته، حتى ينفجر من جديد بضحكة أقوى، مما أربك بائعة الألبان والأجبان، وهددت بالسكين الذي كانت تحمله لتقطيع الجبن: قلت لك لا تسخر.... سيدتي!
حين هدأ قليلا ومن غير تعليق إضافي بسط السيد "خليل" كفه لها مودعا إياها.
ولكنه قبل أن يترك المحل ويخرج: ماذا عن أسعار الجبن اليوم؟
وصل إليه نتف من جمل حديث: الأبقار.......بقيت واحدة... المزرعة... المهم السلامة...... ما... أن... الحليب وصلت قيمته
كان من الممكن أن ينسى مروان هذا الحديث لولا أن القول المأثور حول الماخورية تكرر مرة أخرى على لسان شخص آخر، وإذ ذاك ضيّق خليل عينيه، وأطلق صفرة ممطوطة من بين شفتيه:
مع أني عادة لا أقدم تفسيرا يا أخ حول تصرفاتي، لكن القذارات التي تفيض بها هذه المنطقة ليس لها حد ، وأعرف كيف أرد على من يحاول رمي .....سفالاته عليّ.
بدت الحياة في بعض الأماكن ومنها هذه المنطقة ،كأنما جنون مطبق، وكان عليه أن يتصرف بمنطق أهل المنطقة وجنونهم، فكتب قصة خاصة بالمقهى والماخورية وأشياء أخرى، متسائلا في نهاية الديباجة: فأين هذه الماخورية التي تتحدثون عنها؟ واصما إياهم بالتهمة نفسها: لا يوجد "ماخورية" إلا في عقولكم!
بعد كتابة الديباجة طبعها عشرات النسخ، وأخذ يلصقها على جدران بيوت المنطقة الساكنة، وقرب كوة الفرن، وبجانب باب الكنيسة وسط البلدة، وفوق طاقة المزار في الأراضي الزراعية، وعلى جدار الجامع الجديد وحتى نهاية الأزقة المودية إلى المركز الثقافي.
مع ذلك لم يستطع خليل إلا أن يقنع عددا صغيرا من الناس بأن مقهى النت ليس ماخورا، ففي النت كانت هناك فضائح متعددة الأشكال والاتجاهات....... شخصية على صعيد الدوائر الصغيرة، عامة على صعيد السياسات... ماخورية على الطريقة الدينية.......
فعاد الى العجوز بائعة الأجبان والألبان، ومن غير سلام ولا كلام: وغنى ذاك المقطع الذي أصبح مشهورا في دائرتي الصغيرة :
يا ماخور الساعة اتنعشر يا مسافر للبعيد
خبر هالساحر أنو السمّ اللي في النت رجعلك على الكعب...
حبينا النت يجمعنا ونتبادل الورد ......
الماخورية كانت أقوى وتبادلنا بالهرة والهريرة، وبعدين مات الورد!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد فوز فيلمها بمهرجان مالمو المخرجة شيرين مجدي دياب صعوبة ع


.. كلمة أخيرة - لقاء خاص مع الفنانة دينا الشربيني وحوار عن مشو




.. كلمة أخيرة - كواليس مشهد رقص دينا الشربيني في مسلسل كامل الع


.. دينا الشربيني: السينما دلوقتي مش بتكتب للنساء.. بيكون عندنا




.. كلمة أخيرة - سلمى أبو ضيف ومنى زكي.. شوف دينا الشربيني بتحب