الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
- لنا الصدرُ دون العالمين أو القبر-!
فلورنس غزلان
2014 / 6 / 7مواضيع وابحاث سياسية
لنا الصدر دون العالمين أو القبر"
" خير أمة أخرجت للناس"
" حِنا شرق المجد، وانتم أغرابَه وحِنا هَل التاريخ، وانتم به أغراب"
قائمة الفخر والنفخ تطول ولا تتوقف مع النكبات والعثرات...ويظل النفخ بقِرَبٍ مقطوعة أو ممزقة مستمراً طالما أن الشِعر لساننا، والكلام صنعتنا الأولى ، تمر أمامي أحداث وألحظ نكبات على صعيد الممارسة اليومية لحياة الفرد والجماعة منا خاصة في بلدان الاغتراب، فأكتشف أن الحسبة طويلة وتكاد تكفي لنشر كتاب في تعداد مثالبنا، التي لانراها ــ وهنا تكمن مصيبتنا الأكبر ــ ، والتي تقف حائلا دون تقويمنا وتطورنا ، وحين نُحاصر في زاوية ضيقة ..نلقي بالمسؤولية على عاتق الآخر ...الذي يريد بنا شراً أو يتربص على الدوام للإيقاع بنا...وكأننا طٌعم شهي ..وبهذا نضع أسباب هزائمنا وكبواتنا وتردينا على الآخر...الذي يمكن أن يكون دولة أو مجموعة من الدول...بل يتقلص ويَضمُر ليصبح " طائفة " أو مجموعة تختلف بسحنتها عمن يريد " الوطن" له وحده كملكية حصرية.
1ـــ تصعد إلى الباص ...هاتفها على أذنها، تحاور ، تضحك بلهجة بلادها مع الاستمرار في مضغ " العلكة" والطقطقة بأعلى صوت ممكن.
لايهمها الناس من حولها، بعضهم يحمل كتاباً، وآخر يقرأ صحيفة...تظل مستمرة على هذا النحو ، بينما يستمع لحديثها المرتفع وغير المفهوم لأكثرهم والمخلوط بين عربية وفرنسية كل ركاب الحافلة ...إلى أن تصل إلى المحطة الهدف...فتهبط بينما ترتفع خلفها تنهدات الفرج من الركاب!..
ــــ يقضم سندويشته ويرتشف من زجاجة الكولا...يسير ببطء إلى أن ينتهي من تناول غدائه، فيقذف بورقة السندويشة جانباً على الرصيف!، وبعد مسافة قليلة ينتهي من الكولا فيرميها بنفس الطريقة، يعج الشارع بسلال القمامة، كما تصادفك الكثير من الكراسي الخشبية وبجانبها أيضا سلة يمكن للفرد ان يجلس ويأكل ثم يلقي بقاذوراته ويذهب حيث يشاء...يفعل هذا مواطننا في بلده الأم...يمكننا القول منطلقين من حسن نية أنه يفعل هذا ...انتقاماً وحقداً على حكومة تسحقه كإنسان...أما هنا ...فلماذا؟ ..ربما يعاني من شعور التفرقة العنصرية التي تصادفه " بعض الأحيان" ، لكنها أقل عنصرية مما يمارسه حكام بلده عليه..تحميه قوانين تمكنه من الحصول على حقه مهما كان وأينما كان..فلماذا يريد للعالم أن يرى تخلفه ؟ ويساعد هذا العالم على ممارسة العنصرية عليه؟..
ــ يدخل مستطيراً، متعجلاً...تدور عيونه على جميع من في القاطرة...يتخذ من الكرسيَين المطويين مكانا للجلوس ومد القدمين كأنه في صالون بيته!...يشعل سيجارته ــ بالطبع التدخين ممنوع داخل ممرات المترو والحافلات ــ لايأبه بالنظرات المستغربة والتي ترمقه باحتقار ثم تُدير الرأس بعيداً عنه..إحدى الفتيات تجلس قبالته، يبدو أنها لاتحتمل الدخان...تجول بعينيها عن كرسي فارغ...تنهض وتجلس قبالتي بينما تنفض رائحة الدخان المتطاير متخذة من يدها مروحة أمام وجهها...تنظر إلي وتبتسم ثم تبرم شفتيها...استجبت لها برفع حواجبي..وهز رأسي..لكنه يستمر وينتظر أي تعليق من شخص ما ...كي يفجر حقده فيه...بات السكان يفهمون هذا النوع من الإستفزاز...فيفضلون الصمت على مضض..
ــ خرَجَت في باريس عدة مظاهرات تنديداً بالرسومات الدانيماركية المسيئة للرسول، وخرجت مثلها مظاهرة ضد نائب في البرلمان الهولندي ، وضد الفيلم الأمريكي ...الخ والعديد منها ضد منع الحجاب في المدارس الرسمية...،شاركنا التونسيين الفرح والتظاهر بثورتهم، كما شاركنا المصريين والليبيين، ولم نترك مظاهرة لفلسطين لم نكن فيها إلى جانب أخوتنا الفلسطينيين، لكن ....
لم تخرج مظاهرة واحدة ضد براميل الأسد، وضد الموت اليومي للسوريين، لم يشاركنا منذ 3 أعوام في مظاهرتنا الأسبوعية، إلا شخصيات نعرفها وتربطنا بها صداقات وتوافق سياسي ، وجميعها لاتكاد تتجاوز العشرين في أحسن الأحوال!.
هكذا تجتمع العروبة والإسلام ..على التكبير قبل التفكير! ، تجتمع العقول التي تريد لفرنسا أن تتحول لدولة مسلمة!، مع أن من يريدها لايستطيع أن يغير في بلده شيئاً ، يهرب من الخوف والقمع والسجن والجوع...ويأتي بثقافته وعاداته يمارسها بحرية، ويريد للمجتمع الفرنسي أن ينصاع له مستغلاً قوانين المساواة والتسامح رافضاً الاندماج !، مستفزاً لكل المظاهر التي لاتعجبه، رافضاً قوانين العلمانية التي تحميه وتحمي حرية ممارسته لشعائره الدينية .
ــ سبق لساركوزي في إحدى النقاشات على الهواء مباشرة في القناة الفرنسية الأولى ، أن وجه حديثه لفتاة تظاهرت ضد الحجاب وأدلت برأيها مهاجمة رأي وقانون ساركوزي، قال لها بهدوء:ــ...عندما تتمكنين من التظاهر في بلدك كما تتظاهرين هنا ...وعندما يحق لك أن تقولي لرئيس بلادك ماتقولينه لي ...ربما أنظر بعين الاعتبار لرأيك، لكني لاأسمح أن تستغلي قوانين العلمانية والمساواة والحرية كي تمنعي عن المرأة حريتها في التعامل مع جسدها وحريتها في التعلم ، ونحن لانمنعها من التحجب ــ مثلك تماما الآن ــ عندما تصبح بالغة راشدة في الجامعة، أما في المدرسة...فنحن نحميها من تسلط الوالدين أو الأخ وفرض رأيهم عليها. كما لانسمح بالإساءة لعلمانية فرنسا ووضعها موضع خوف وشك من الغد ــ.
ــ سوريو فرنسا وحدهم يحتاجون لكتب تتحدث عن تناقضاتهم، الجميع يؤمن بالديمقراطية، الجميع يريدها لسوريا، لكن السؤال الأهم: هل يمارسها في محيطه؟!، كلٌ ينتقد الآخر،وكلٌ يوقع اللوم على الآخر..هذا الحزب وذاك التجمع وتلك التشكيلة..كلٌ يعتبر نفسه الأوفر حظاً في القيادة، كل يعتبر نفسه الأجدر والأكثر خبرة واستقطاباً للناس...لأنه يجيد الخطاب..كما يجيد الدس، أما الفردية والازدواجية فحدث ولا حرج..الأقنعة متوفرة والكلام لاثمن له...مع أن قوله مرتبط تماماً برجولة المرء واحترامه لذاته...وكي لانعمم ونظلم..لاشك أن هناك بعض الاستثناءات...لكنها وحدها كأفراد لاتستطيع أن تقاوم مخارز ترقبها وتنهش لحمها لو تصدت...فكيف تستقيم أمور معارضة..تعيش في بلاد حقوق الانسان والقوانين، التي تحمي الانسان وتقدس حياته بينما تمارس عكس ما تطرح ؟!...
وعندما تدخل عميقاً في ملاحظاتك..تجد أن السوري مهما طال به البعد والزمن في بلاد الإغتراب...لكنه حمل معه كل ماهو معطوب ومخَّرب وبالي.. حمل معه خطاب حزبه الميت الحي منذ خمسينات وستينات القرن المنصرم، ومازال يعتقد أنها الأفضل في القيادة والريادة..التجديد والتطوير والتحديث!!!...لايعنيه بقدر مايريد حشرأيديولوجيته في عقول شابة لم تعد ترى فيه وبأحزابه سوى أنها قصص عتيقة تصلح للتسلية والترفيه ، لم يستفد من ديمقراطية فرنسا وثقافتها..إلا الظاهر والسطحي...فكيف إذن نستطيع إخراج وطن يموت ويدفن حياً ؟..كيف نشفيه من مرض مُزمنٍ تربوياً، سياسياً، مجتمعياً... عمره أكثر من نصف قرن؟ وعلى من نُعَوِّل طالما أن من يعتبرون أنفسهم من" النخبة" يمارسون هذه الأدوار؟...المشكلة بعمق هي أن السوري يخجل من الاعتراف بالخطأ والتراجع عنه على الصعيد الشخصي والسياسي كذلك...وهذا ينم عن تعقيد مُرَّكب يرزح تحت نيره...وكل ثقافته لم تستطع تحريره منها..إذن كيف سيحرر المواطن البسيط المنهك والوطن معه؟!
بالتأكيد سوف ترتفع بوجهي مئات الصيحات والانتقادات... أنا واحدة منكم ومن جيلكم..دخلت وشاركت معكم كل تشكيلاتكم قبل الثورة، وتعلمت بعد الثورة أن أبتعد عنها...لأنها كانت الأبعد عن الشعب وعما يريده ويحلم به ..جميعكم تريدون السلطة...لم تتعبوا أنفسكم في لعب دور المثقف المهتم بتثقيف وتوعية المواطن الذي سيقف معه حين يثور ويريد التغيير، لهذا وجدت الثورة نفسها" يتيمة" أيضاً في القيادة الحكيمة...تضيع بين أقدام عسكرة وأسلمة وتيه سياسي ، ومعارضة واهنة ضعيفة غير متماسكة وغير متوافقة على الخطوط العريضة الأهم لتمتين الرابطة الوطنية التي تعاني الأمَرَين اليوم...وتواجه كل أنواع الكراهيات والحقد المدفونة منذ عقود ..خرجت تطفو على السطح مع الانحدار نحو العسكرة والسقوط في مطبات النظام ومخططاته، ولم تجد جدراناً صلبة من معارضة تمتلك الاحتياطات والتوقعات لدرء مثل هذه المخاطر وتجنيب الثورة مزالقها...وهذه النتائج تبدو واضحة أمامكم ومآلات الثورة لاتحتاج لكثير من التوضيح أو الاحتمال.
مصيركم ومصير الوطن بين أيديكم وحدكم أيها السوريون المُبعَدين عن الفعل والمصابين بداء النظام والمعارضة، كلاهما يحتاج لمعالجة...كي ينجو الوطن والمواطن ..كي تنجو سوريا...فلنبدأ بسلوكيتنا، بأخلاقنا، بعلاقاتنا مع بعضنا...بتآخينا...بأولادنا...ببيتنا...ومنه إلى البيت السوري الكبير.
ــ باريس 07/06/2014
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. هل تحكم حلب هيئة انتقالية؟.. الجولاني يكشف خطته في سوريا
.. جندي كوري جنوبي ينحني معتذرًا لمواطن بعد نزولهم لفرض الأحكام
.. محللان: موسكو وطهران تضغطان على الأسد واجتماع الدوحة سيكون م
.. مصادر طبية للجزيرة: 36 شهيدا جراء الغارات الإسرائيلية على قط
.. ما حظوظ نجاح جهود التوصل لوقف إطلاق النار في قطاع غزة؟