الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تهافت التهافت

ناصرقوطي

2014 / 6 / 7
الصحافة والاعلام


تهافت التهافت..
ناصر قوطي

لسنا بصدد كتاب الفيلسوف ابن رشد ذائع الصيت " تهافت التهافت" الذي جاء رداً على كتاب تهافت الفلاسفة للغزالي. الذي يعنينا هنا تهافت الكثير من الأسماء المرموقة على نشر نتاجاتهم وان كانت ضحلة. هؤلاء الكتاب؛ ولعدم شعورهم بمسؤولية الكتابة، تراهم يتباكون على سرعة نشر موضوعاتهم وان كانت سقيمة، وكأن العالم سينهار ان لم تنشر نصوصهم وتظهر اسماؤهم في الصحف، بالرغم من تاريخهم النضالي وحصيلتهم المعرفية التي تتعدى الحدود واسماؤهم التي تتردد على كل لسان. وفي الوقت ذاته يفاجئنا الكثير من الشعراء والقصاصين وكتاب المقالات بمهاتفات تلفونية أو على صفحات الفيسبوك والتيوتر يسألون عن موادهم التي بعثوا بها إلينا أوإصداراتهم الجديدة. لم يع كلا الطرفين النخبويين منهم وأنصاف الكتاب، أن الإبداع والانتشار يقتضيان احترام النص المنشور، لأنه يمثل ذات الكاتب، فالشهرة لاتجيء من نشر مادة كتابية أو صورة شخصية، أو إصدار كتاب، بقدر مايكون النص مؤثراً ويمد جذوره في الحاضر ليستشرف المستقبل، ويتحدى تقادم الزمن، ويوازي النصوص العالمية والمحلية ان لم يتجاوزهما. الإبداع الحقيقي يشتغل في الظل.. في منطقة الغياب مثل امرئ يرمي أحجاره في البئر، وسيسمع صدى صوت حجارته أحد الحداة ويرتشف من ماء ورضاب كتابته سواء كانت قصيدة أم قصة أو أي جهد فكري. النص المؤثر مثل لقية مندثرة تحت التراب سرعان مايعثر عليها الباحثون عن اللقى ومقتفوا الأثر. بعض الكتاب راح يكتب عن تولستوي وديستويفسكي وهمنغوي، و..ازرا باوند، وغيرهم الكثير من عمالقة الأدب، متخيلين ان بكتابتهم هذه سيلفتون النظر اليهم. أحد الشعراء أهدى للجريدة كتابا شعريا، وحين دخل الى غرفة تحرير الثقافية في جريدة " طريق الشعب" سألنا واحدا واحدا : ما أسمك وما عملك فأعطيناه ما أراد، علما نحن الثلاثة لم نكن نكرات في الوسط الأدبي. كان كتابه " الشعري" عبارة عن قصائد تجاوزت المئة وكانت كل قصيدة تحمل اسما لأديب وإعلامي ورئيس منظمة مجتمع مدني وأسماء سياسيين وقوات طوارئ من كل نوع حتى انه لم يميز بين صفتهم الكتابية ووظائفهم وأسمائهم . هذا الشاعر "العظيم" كتب عنه دكتور وناقد، يثنون على نتاجه. هذا التهافت وهذه العلاقات الاخوانية، مزدهرة في الوسط الثقافي العراقي أكثر من ازدهار الأسواق الشعبية، وأسواق البورصة، والعتيق الذي وصلنا من الكويت، وراحت العوائل العراقية تتهافت عليه، في الوقت الذي تكاد ميزانية البلد تنفجر من احتياطيها الهائل. المبدع الحقيقي كما أسلفنا يشتغل في نصه لانه يصب روحه فيه، مثل صائغ الذهب حين يبتكر قلادة العروس. فلم يكن الروائي "خوان رولفو" بروايته الوحيدة "بيدرو بارامو" التي فتحت الباب واسعا أمام كتاب الواقعية السحرية، وحصدوا جوائز نوبل من بعده إلا موظفا بسيطا في شؤون الهجرة. الكتابة الحقة لاتجيء من فراغ ما لم تصاحبها التجربة، والمخاضات العسيرة، وعليه يجب أن نتعلم العبر والدروس من أجيال الكتاب، والمعرفيين منهم، والثوريين. الغاية من الكتابة هي تنوير وفضح.. تنوير في تصادياتها مع الجمال.. وفضح للقبح والاستبداد. هي رسالة خطيرة لا استجداء ولاتهافت فيها ولامنفعة مادية تجنى منها، فهل سيتعلم ويعي كتابنا ويقرؤون سير الماضين .. وهل سيسمحون لنا أن نقول عبارة لا أكثر، رددها الكثير من الكتاب قبلنا "عليكم ان تتركوا بصمتكم وتمضوا " ، فلم يترك سقراط الحكيم كتابا ولم نر صورته وظل خالدا لانه كان متوحدا وصادقا مع نفسه وآرائه فكُتِبَ له الخلود.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بلينكن ينهي زيارته إلى الصين، هل من صفقة صينية أمريكية حول ا


.. تظاهرات طلابية واسعة تجتاح الولايات المتحدة على مستوى كبرى ا




.. انقلاب سيارة وزير الأمن الإسرائيلي بن غفير ونقله إلى المستشف


.. موسكو تؤكد استعدادها لتوسيع تعاونها العسكري مع إيران




.. عملية معقدة داخل المستشفى الميداني الإماراتي في رفح وثقها مو