الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في نص- عباءة جدتي القديمة- للشاعرة أملي القضماني/ جوتيار تمر

جوتيار تمر
كاتب وباحث

(Jotyar Tamur Sedeeq)

2014 / 6 / 7
الادب والفن


قراءة في نص" عباءة جدتي القديمة" للشاعرة أملي القضماني/ جوتيار تمر
النص للشاعرة: أملي القضماني
عباءة جدتي القديمة
--------------
سقف وباب
بقايا نافذة
واشباه جدران
وقطة
تمووووء
**
عباءة جدتي القديمة
سبحتها
منديلها
عكازة تشققت
من همها
وضوؤها,ابريقها
سجادة تآكلت احلامها
وحانة روَّادها خرسان
دلو ماء يتدلى
بين عيني العطش
اقدار تغيرت
ووطن
مجروح
**
يشتد عصف الوالدة
كلنا نختفي
نسكن جفنها
نشتهي حكاية
تقرا افكارنا
تأتي بزهرة رمان
كأنها عرفت
أنَّ صبحا سيبزغ
من اصبع الظلام
5/3/2014
القراءة: جوتيار تمر
عباءة جدتي القديمة
--------------
يثير العنوان عبر وظيفته الانطولوجية الاحالية هوية النص ومكانته في الوجود الفعلي سواء للذات الشاعرة او للمتلقي باعتبار ان العنوان هنا هو تعريف وتحديد وتوصيف وطبيعة يمكن الحوار معه تبعاً للعلاقتين الامتدادية بانتشار العنوان نصاً والارتدادية بارتداد النص عنواناً وهكذا بالتبادل كل واحد يحيل على الاخر بالعنوان يحيل على النص والنص يحيل على الهنوان ضمن عملية تفكيكية تكشف قيمة التآمر البنيوي والدلالي بين النصين في المستوى الاحالي بينهما، وعلى هذا الاساس نلامس في " عباءة جدتي القديمة" تلك الوظيفة الانطولوجية المعرفية التعرفية الاحالية التي تجعلنا نعيش وقعها وفق مستويات تعددية يمكن تأويلها بمطعيات زمكانية ومادية ونفسية تراكمية وهي في مضمونها تحيلنا الى صور معلقة بعضها في ذاكرتنا والاخرى لم تزل منعشة وفعالة تمهد للاتي الذي ننتظره وينتظرنا على حد سواء.
سقف وباب
بقايا نافذة
واشباه جدران
وقطة
تمووووء
هذه الالتقاطات المادية التراكمية تضمن للتراكيب البلاغية قيمتها الاستشعارية ضمن مساحات استعارية رامزة وبعيدة في تمفصلاتها عن مؤشرات العنوان من الوهلة الاولى، لكنها كمضمون ومشهد واقعي تعيدنا الى ملازمات العباءة القديمة حتى اذا ما اسقطنا "جدتي" عنها، سنجدنا امام مشهد يستمد روحيته من القديم وهذا ما سيؤولنا بالتالي الى المعايشة مع هذه الرصد المشهدي " سقف وباب...بقايا...اشباه... قطة...." انها لحق ترسم في مخيلتنا تلك المشاهد التي كنا نركن اليها في الماضي حيث تلك الازقة الضيقة التي كانت الحياة تنكمش في اروقتها بصفاء.. وهي في الاجمال رصد واقعي عميق للحالة التي تريدينا الشاعرة ان نعيشها قبل ان تجبرنا على تتيع خطاها تحت مؤثرات العنوان نفسه.
**
عباءة جدتي القديمة
سبحتها
منديلها
عكازة تشققت
من همها
وضوؤها,ابريقها
سجادة تآكلت احلامها
وحانة روَّادها خرسان
دلو ماء يتدلى
بين عيني العطش
اقدار تغيرت
ووطن
مجروح
كل الايماءات والايحاءات التي رصدتها ووظفتها الشاعرة هنا تعطينا حقيقة تخص الذات الشاعرة من جهة، والحالة التي تحاول ان توصلها الينا من جهة ثانية، فعلى المستوى نجد مدى الانفعال الفعال الذي يحرك مكنونات الذات لتعيش وقع هذه المرصودات، وتنقلها الينا بهذه الدقة بحيث نشعر معها ان شاعرتنا تبثها الينا مباشرة، وهذا بلاشك يعطني ايضا قيمة التفاعل معها، اما المستوى الثاني فهي الحالة نفسها التي تؤثث لعوالم حقيقة تنبعث منها القيمة الفعلية لما هو حاصل ومؤثر، ولما هو في الاصل لم يكن بصورة ما هو الان، حيث عمدت شاعرتنا على مزج رؤاها الصوفية بالواقعية لتجبرنا على الانقياد لمنطقها المخصوص وتستفز ذاكرتنا بحيث نجدنا نعيش وقعها الفعلي الحركي بدقة.." عباءة،، سبحة،، منديل،، عكازة.." هي ماديات ملموسة مبصرة لكنها منبثقة من وعي شقي هنا ومتشظي في نفس الوقت" تشققت من همها...." وهذا ما الزمها على السير والانجراف وراء هذا التشظي الشقي فاتت بعبارات وكلمات كلها دالة على مدى التأثير الانفعالي التي تعيشه شاعرتنا وهي ترصد وتنقل لنا هذه المشاهد" تآكلت،، خرسان،، العطش ..."، وهي في نسقها الاجمالي صور ظاهرية وضمنية للوحة تكبر شيئاً فشيئاً تغاير في ختمتها نسقها المتوقع لتصبح اكبر مساحة سواء على مستوى الانفعالي" اقدار تغيرت" ام على المستوى الجغرافي" ووطن مجروح" فبهذه التفاعلية تعطينا الشاعرة ماهية التوظيفات التي استدرجتنا الى حيث البؤرة الاكثر فعالية في مسار وحراك نصها الشعري.
**
يشتد عصف الوالدة
كلنا نختفي
نسكن جفنها
نشتهي حكاية
تقرا افكارنا
تأتي بزهرة رمان
كأنها عرفت
أنَّ صبحا سيبزغ
من اصبع الظلام
البدء بفعل مضارع خارج عن النسق " يشتد" لكنه في الوقت نفسه دليل ربط ومزج موفق اعطانا مع الخصوصية في التفصيلات الشعرية الصورية السابقة، طابعاً زمنياً مكملاً وكأنها في حراكها تريد ان تقول ما هو ليس بمكتوب، وتريدنا ان نبحث عنه ونعيشه لنعي كيف نعرفه لانفسنا اولا ومن ثم لمن يريد ان يقرأنا، وهذا بالضبط ما لامسته في " كلنا نختفي،، نسكن،، نشتهي..."، حيث الحكاية هنا ليست مجردة من ماضيها انما هي امتدادات تلازمية اورثتها المواقف والواقع في صورته الحالية بعكس ما تتأمله الشاعرة، فلتجأ الى الرمزية لتضيف بريقاً حاداً على تشظيها الجواني والبراني، لذا نراها تحاول اخذنا الى اتون مغارات تمزج بين الحكاية كموروث شعبي متواتر وبين افكارنا التي تخرجنا احيانا عن تلك المسارات لنعانق بها افاقاً ابعد، وعلى هذا الاساس تأتي الصورة هنا" تأتي بزهرة رمان..." رمادية متشائمة في مضمونها لكنها ناقلة وراصدة للواقع العياني بحرفية وعمق وهذا ما يؤكده" كأنها عرفت.. ان صبحنا سيبزغ من اصبع الظلام.."، السين في سيبزغ مرهونة بمعطيات ومعايير رصدتها الشاعرة نفسها من توغلها في صميم الواقع، وتفاعلها مع صميم الحدث الشعري" الرؤية" هنا، لذا فهي ليست تكهنية انما هي استنبطاية من مجريات تشي وتفضح مكنونها، والظلام مؤشر واضح على ان الشاعرة لاتجد ما تتأمله من الحياة في وطنها المجروح، على الرغم من بزوغ صبح جديد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لقاء خاص مع الفنان حسن الرداد عن الفن والحياة في كلمة أخيرة


.. كلمة أخيرة -درس من نور الشريف لـ حسن الرداد.. وحكاية أول لقا




.. كلمة أخيرة -فادي ابن حسن الرداد غير حياته، ومطلع عين إيمي سم


.. إبراهيم السمان يخوض أولى بطولاته المطلقة بـ فيلم مخ فى التلا




.. VODCAST الميادين | أحمد قعبور - فنان لبناني | 2024-05-07