الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تقاعد اضطراري ..... رسالة وجدت على ضفاف نهر دجلة

محمد الذهبي

2014 / 6 / 7
الادب والفن



تسلم امر تقاعده وهو بعد لم يبلغ السن القانونية للتقاعد، ترك سيارته بمرآب الوزارة، وذهب الى دجلة، فرج المدير العام في وزارة النفط العراقية، باول خطوة وضعها على شاطىء النهر العتيد، عادت به الذكريات مزدحمة، كم احب العر اق، كنت في الستينيات والسبعينيات، اترك شوارع ومراقص لندن ونظافتها لاحظى برؤية مدينتي البائسة، او لاسهر سهرة واحدة في العطلة الصيفية على ضفاف دجلة، لم يكن الجواهري بمفرده يعشق دجلة، جميع العراقيين يعشقونها، ويتغنى بها كل منهم على طريقته، وها انذا استعجل في انهاء مشواري لاغادر العراق، وهذه المرة من الممكن ان تكون مغادرة اخيرة، لاعودة الى عالم اللصوص والعصابات، كنت اخشى منذ البداية ان تتحول وزارة النفط الى مأوى للصوص والمفسدين، وكنت ليلتها ابات في الوزارة، حين توقفت اولى الدبابات الاميركية، وبدأت تحمي نفط العراق كما تدعي.
لابقى مع النهر والذكريات الجميلة، او ربما اسطر بعض الكلمات والقيها في دجلة، ربما يجدها من يجدها على الضفة الاخرى، لنكون شركاء في هذا الهم الذي احمله بمفردي، انا فرج من الجنوب ولدت في بغداد، جنوبيتي بقيت تلازمني على الرغم من انني قضيت معظم حياتي في النمسا اعمل في الاوبك، وفي لندن لدراسة البكلوريوس والماجستير، تفانيت من اجل وطني، وكل مرة كنت اصطدم بصخرة الانتماء، امتلك سجلا نظيفا جدا، وكفاءة يشهد لي بها زملائي، ساغادر العراق، فقد اخترت التقاعد، لانأى بنفسي عما يمارسه البعض، لقد تعرضت لعدة تهديدات، في الماضي كنت ارفض الهجرة، واقول: لمن اترك العراق، اما الآن فانا قد وصلت الى قناعة تامة، ان العراق بات مصدر هم لابنائه وانا واحد منهم، لقد استفحل امر اللصوص والقتلة والمفسدين، وغادر الكثيرون، وها انذا اتبعهم في المغادرة، لو تعرف ايها القارىء كم تعبت لاخرج من عائلة فقيرة جدا، واكون مصدر فخر لعائلتي وحتى لابناء منطقتي، تعبت كثيرا لاحافظ على بلدي في دراستي وعملي، وكنت مستعدا ان اكون الشخص المخفي الذي يكتب الدراسات الكبيرة والخطيرة، وبعض الاحيان المقالات، وكنت مقتنعا بأي شيء يكون خدمة للعراق افعله، حتى وان اخفيت اسمي او كفاءتي، ايها القارىء الذي وجد رسالتي من اي طائفة كنت، او من اي دين، وانا ارجح ان تكون عراقيا مثلي، في اي وقت ستجد رسالتي انظر حولك ستجد دجلة مختلفا عن عادته، سيكون دميما وضحلا وكأنه ساقية قديمة من سواقي ايام زمان، عندها ستقرر انني كنت صادقا، ومضطرا للتقاعد، اتعرف انني كنت ادخل مكتبي في المؤسسة التي اديرها، فاجد الاميركان والمعممين، فاجهد في اخراج الصنفين من المكتب، واحتج بان الاوراق والملفات الرسمية غير مسموح لاي احد ان يقرأها ، لانها ملفات سرية، اتعرف لقد رشحوا مكاني مديرا آخر يرحب بالاميركان والمعممين عندما يجد الصنفين في ذات المكتب يفتشون الاوراق الرسمية والعقود على هواهم، لقد استبدلوني ياقارئي فاضطررت الى التقاعد، وساترك لك بعض الوثائق التي تؤيد كلامي، هذه اول وثيقة رسمية وجدت على ضفاف دجلة بعد الاحتلال الاميركي بثلاث سنوات، رسالة من متقاعد مضطر، على ضفاف واد عريق بالحضارة، وشعب علم الناس الكتابة والحروف، لكنه لم يعلمهم النزاهة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمسيات شعرية - الشاعرة سنية مدوري- مع السيد التوي والشاذلي ف


.. يسعدنى إقامة حفلاتى فى مصر.. كاظم الساهر يتحدث عن العاصمة ال




.. كاظم الساهر: العاصمة الإدارية الجديدة مبهرة ويسعدنى إقامة حف


.. صعوبات واجهت الفنان أيمن عبد السلام في تجسيد أدواره




.. الفنان أيمن عبد السلام يتحدث لصباح العربية عن فن الدوبلاج