الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإسلام ليس ماركة مسجلة والإسلامويون ليسوا الوكلاء الحصريين

حسين كركوش

2014 / 6 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


لا اتحدث في هذه السطور، والتي تليها لاحقا، عن الإسلام وإنما عن (الإسلاموية Islamisme)، ولن أتحدث عن المسلم وإنما عن (الإسلاموي Islamiste ). فالإسلاموية والإسلامويون شيء، والإسلام والمسلمون شيء أخر. وقبل أن أفصل الفرق بين هذه المصطلحات أرى من الضروري جدا جدا التأكيد على ما يلي:
لا توجد في الكون كله جهة تملك الحق ولا القدرة على شطب الأديان وإلغاءها أو تمنع المؤمنين من أصحاب جميع الديانات السماوية والوضعية عن أن يؤمنوا ويتعبدوا ويمارسوا طقوسهم الدينية بكل أشكالها وأنواعها، مهما اعتبر البعض هذه الطقوس متعصبة ومتطرفة ومغالية ومتخلفة وغريبة وشاذة.
من حق أي إنسان، من حقه الطبيعي، ممارسة الطقوس التي يؤمن بها: أن يفلق رأسه بسيف ويلهب ظهره بالسياط والحديد ويقطع مئات الأميال مشيا على الأقدام لزيارة مراقده المقدسة، كما الشيعة. أن يلتهم الزجاج ويثقب خاصرته بسيخ في حلقات الدروشة، كما السنة. أن يزحف على ركبتيه بخشوع وبخضوع لطلب المراد، كما يفعل ملايين الحجاج المسيحيون سنويا عند مزار لورد في مدينة (لورد) الفرنسية، ومزار (فاتيما) في البرتغال. أن يطيل شعر رأسه ويجعله ظفائرا ويلبس السواد ويضع قبعة على رأسه ويشعل الشموع ولا يمارس بعض المهن يوم السبت، كما عند اليهود. أن يحج إلى نهر الكنج، كما يفعل سنويا ملايين الهندوس. أن تغطى جثته بالثلج أولا ثم تحرق لاحقا، كما عند البوذيين .. الخ.
هذه طقوس مختلفة وهي مقدسة عند من يمارسها، وربما رأت كل ملة أن ما تفعله هو الصحيح الذي لا يصح غيره وكل طقوس غير طقوسها، عجيبة غريبة معقدة وخرافات تثير استغرابها. وهذه الطقوس ولدت من رحم الدين وليست لها علاقة بالسياسة، لا من قريب ولا من بعيد. هي طقوس دينية، ومن المستحيل ثني المؤمنين بها عن ممارستها، ولا يحق لأي جهة السخرية منها والاستهزاء بها.
وإذا ظهرت قوة كهذه تعادي الدين، أو لنقل تعادي الإسلام ما دمنا نتحدث عنه، وتسخر منه وتحاربه وتحارب المسلمين وتمنع الطقوس التي يمارسونها ويطبقونها، تحت أي ذريعة مهما كانت، فأنها لا يمكن أن توصف ألا بأنها قوة فاشية، ديكتاتورية، غاشمة، ظالمة.
وبالمقابل ستوصف بالفاشية كل جهة تمنح نفسها حق فرض تصورها الخاص عن التدين والإيمان الديني على الناس فرضا. وستوصف بالمكارثية أن هي اجبرتهم على تغيير قناعاتهم الضميرية الشخصية ومعتقداتهم الفكرية أو اضطهدتهم بسببها، مهما كانت هذه القناعات و المعتقدات. أو أن تمنح نفسها حق الوصاية الإلهية على البشر، أو تبيح لنفسها حق منح تأشيرات لدخول الجنة لمن تشاء وتحرمها عن من تشاء.
لكل إنسان أن يؤمن أو لا يؤمن. والخالق وحده، وليس البشر، هو من يعاقب ويحاسب الناس على أفعالهم. والخالق وحده هو الأعلم بما تنطوي عليه نفس المخلوق ونواياه. نعم الخالق وحده، وليس أي مخلوق آخر مهما عظمت منزلته الدينية. والحديث النبوي الشريف يقول (الخلق كلهم عيال الله) وليس عيال (وكلاء) الله الذين يجعلون من أنفسهم ظلال الله على الأرض، سواء كان هولاء الوكلاء أفرادا أو جماعات، أحزابا أو هيئات.
والقران الكريم واضح في سماحته وفي تسامحه، و واضح في ما يخص حرية الخيارات التي تركها الخالق للمخلوق الفرد. فالآيات القرآنية تقول: ( قل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر.الكهف:29) و ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء. النساء:48) و (لا أكراه في الدين فقد تبين الرشد من الغي. البقرة:256) و (أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين. النحل: 125) و (ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين. هود: 118). و ( ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم أجمعين أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين. يونس:99) و (إن هذه تذكرة فمن شاء أتخذ إلى ربه سبيلا. المزمل:19) و (إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا. الإنسان:3).
ولقد نبه الخالق، بوضوح، المخلوق لعواقب الخيارات التي يتخذها في الحياة الدنيا، والنتائج المترتبة عليه في الآخرة.
ورد في القرآن الكريم: (إنا اعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها وأن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمنهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا. الكهف:29) و(فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم. البقرة:256) و( إنا اعتدنا للكافرين سلاسل وأغلالا وسعيرا. الإنسان:4).
وهكذا فأن الخالق بين للفرد ما عليه أن يفعل وترك للفرد وحده أن يتحمل مسؤولية خياراته ونتائج أفعاله بعد أن نبهه لعواقب أفعاله: إن فعلت كذا ستحصل على كذا وإن فعلت كذا تحصل على كذا، دون إيكال تنفيذ الأمر الإلهي إلى (وكلاء)، أي لأحزاب ولجماعات ولمليشيات، أو لأي جهة أخرى، مهما كانت. وبالتالي فأنه ليس من حق أي جهة، فردا كانت أو جماعة، أن تقول: (أنا الوكيل الحصري للإسلام) و غيري ماركة مزيفة.

يتبع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. على خطى حماس وحزب الله.. الحوثيون يطورون شبكة أنفاق وقواعد ع


.. قوة روسية تنتشر في قاعدة عسكرية في النيجر




.. أردوغان: حجم تجارتنا مع إسرائيل بلغ 9.5 مليارات دولار لكننا


.. تركيا تقطع العلاقات التجارية.. وإسرائيل تهدد |#غرفة_الأخبار




.. حماس تؤكد أن وفدها سيتوجه السبت إلى القاهرة