الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اعلام امريكا في خدمة مشاريعها الامبريالية

فريد جلّو

2014 / 6 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


عندما اردت ان اكتب في هذا الموضوع فكرت كثيرا من اين ابدأ وأخيرا سأبدأ من سوبرمان .
يتذكر الكثير من جيلي كان هناك مجلات امريكية موجهة لمرحلة عمرية معينة تطبع انذاك في بيروت ومصر ومنها على سبيل المثال مجلة سوبرمان التي كانت تروي قصص عن رجل خارق يقدم الخدمات للناس ويحميهم وقادر على ان يطير ولديه نقطة ضعف واحدة تكاد تقتله ولكنه في كل مرة يجد وسيلة لاستعادة عافيته وكان ذلك السلاح الذي طالما استخدمه الاشرار من اعدائه وهو عبارة عن صخرة من نيزك فيها معدن غير معروف يؤثر على قدراته , كانت تلك المجلة موجهة للفئة العمرية من 9 سنوات تقريبا الى 13 سنة وكان سعرها باهض لا يستطيع الفقراء شرائها , اذاً كانت موجهة لتربية جيل من ابناء الطبقات الميسورة الذين سيكونون في المستقبل تكنوقراط وقادة البلد , وكما اتذكر كان الكثير من اصدقائي يتابعوها بشغف شديد ويتأثرون بتلك الشخصية الى درجة ان بعضهم كان مقتنع بوجود مثل هذه الشخصية ويتمنى ان يكون مثلها , كما كانت هناك مجلة اسمها ريدز دايجست ونسختها العربية اسمها المختار وعلى العكس كانت اسعارها معقولة بالرغم من حجمها , وكانت موجهة للفئة العمرية من 20 الى 50 سنة , مقالاتها وقصصها كانت تمجد النظام الرأسمالي وتحارب النظام الاشتراكي وبأساليب متمكنة جداً في الاقناع وقد قرأت قسما منها وفي مرحلة لاحقة اكتشفت كيف تدس السم بالعسل ولا ترعوي عن سوق الاكاذيب .
اما افلام الرسوم المتحركة ( الكارتون ) الموجهة للأطفال طبعا فأيضاً كان يضخ لعقل الاطفال بان الزنوج ما هم إلا عبيد والهنود الحمر السكان الاصليين هم اناس قتلة واكلي لحوم البشر , وجاء الاوربيون لإنقاذهم وإرجاعهم لمصاف البشرية كما تنوعت اساليب قهر عقول الاطفال وجعلها في متناول اليد للسيطرة عليها , فمثلا قصة توم وجيري الفأر والقط كانت تمجد اساليب الاحتيال للفأر وتغلبه على القط الغبي باستمرار حتى يخضع القط , ومثال اخر هما زوج من الطيور من نوع الغراب تؤذي الاخرين وتستهين بهم دون ان يستطيع احد ايقافها عند حد , اذاً فقد تمت تغطية كل الفئات العمرية بالإعلام الامريكي .
هوليوود مملكة صناعة السينما في العالم يشاهد افلامها الملايين من البشر منذ العشرينات ومازالت وتستقطب خيرة الممثلين والمخرجين والتقنيين من كل انحاء العالم ويحلم كل فنان او تقني في هذا المجال ان يعمل في هوليوود , ولاحقا اصبحت افلام هوليوود ومسلسلاتها هي المفضلة لدى اغلب المتلقين حول العالم للقدرات الموجودة تحت يدها وأصبح التلفزيون والبث عبر الاقمار الصناعية وسيلة سهلة للوصول الى اي بقعة في الأرض حتى نلاحظ ان صناعة السينما في دول العالم تراجعت بشكل كبير لصالح هوليوود , والمحاور التي سنتناولها للأفلام والمسلسلات والبرامج يمكن توزيعها الى التالي :
1- وهو الاهم دائما هناك الشرطي الامريكي او جندي المارينز او عنصر مخابرات يمكن بقدرات فردية لأشخاص متميزون من هؤلاء ان يحل اي مشكلة مهما كانت صعبة ويمكن بمفرده ان يتغلب على جيوش وحتى دول اي ان العمل الفردي افضل من العمل الجماعي .
2- الكوارث الطبيعية وأعمال الارهاب مما تجعل الانسان في خوف دائم من مصير مجهول , وطبعا هنا في هذه الافلام والمسلسلات والى اخره المتلقي امريكي ايضا .
3- السحر والشعوذة والبدعة الامريكية مصاصي الدماء .
4- الاستهانة بقدرات الشعوب وتاريخها وهنا يدخل العامل النفسي للأمريكي , فهو تاريخه يمتد فقط الى بداية الاستيطان .
5- محور الجنس والجريمة المنظمة والمخدرات, حيث تسطح تأثيرها على المجتمعات.
6- افلام الخيال العلمي : تتلاعب بهذا المفهوم بحيث تستخدمه احيانا لزرع الرهاب من التقدم العلمي وأحيانا اخرى تضعه في خانة الجريمة .
7- محور امكانية العمل والثراء الذي يطرح فيه فكرة النموذج الامريكي والرفاهية وعادة ليس العمل المنتج هو الجالب للرفاهية لكن عمل المضاربات والتجارة هو الافضل وهذا ايضا يعبر عن حقيقة كون ان الاقتصاد الامريكي ومنذ فترة ليست بالقصيرة بدأ يؤشر انخفاض في نسبة مساهمة قطاع الانتاج الصناعي والزراعي للدخل القومي مقابل تحول امريكا الى مصرف عالمي .
8- محور قيادة العالم وهنا تجتمع كل تلك المحاور لتسهيل مفهوم قيادة امريكا للعالم لأنها المتقدمة تكنولوجيا ولأنها الاكثر انسانية والأكثر قدرة على حل مشاكل العالم المستعصية والى اخره من ترهات .

والمفارقات التي اود ان اذكرها هو ان الكثير من الفضائيات التي تسوق الاعلام الامريكي هذا هي من رؤوس اموال اثرياء عرب مثل mbc و طبعا ليس فيها اي مردود ربحي , لا اريد ان اظلم صناعة السينما الامريكية المقتدرة اذ ان هناك مراكز اخرى لهذه الصناعة تصلنا منها افلام بين الحين والحين تحكي احيانا عن جشع الراس مال الامريكي وأخرى عن العدوان الامريكي على الشعوب وكذلك ما يخص مجتمعهم نفسه من اضطهاد طبقي واجتماعي وفكري وسياسي وفساد النخب الحاكمة وارتباطها بمصالح راس المال .
هذا غيض من فيض وجاء التقدم العلمي ليسخَر مرة ثانية لمصلحة المشاريع الامريكية , فالانترنت اصبح الحلقة الاهم في بث سموم امريكا .
على المثقفين في العالم اجمع من الوطنيين والديمقراطيين الحقيقيين ان يتصدوا لمهمة ردع الاعلام الامريكي بإعلام مقابل , فمثلا نجد ان السينما الايرانية قد تصدت كثيرا ليس فقط في الحرب على الاعلام الامريكي بل ايضا تصدت لقضايا الشعوب الاخرى , طبعا ليس كل صناعة السينما الايرانية تصب في هذا المجرى وأيضا على الحكومات والدول ان تسخر كل طاقاتها لتفعيل البدائل الوطنية مثل المسرح والمحطات الفضائية من خلال بث افلام هادفة كما تفعل احيانا فضائية الحرية , فضلا عن دعم قطاع الانتاج السينمائي والتلفزيوني من مسلسلات وبرامج ماديا و لوجستيا مع الاخذ بنظر الاعتبار ان توكل المهمة لأناس مقتدرين في هذا المجال .
وأخيرا لقد اصبح الخطر ومنذ فترة طويلة في عقر دارنا , فأيها السيدات والسادة لا تستهينوا به فالأجيال القادمة ستتربى على حب المثل الامريكي عكس جيلنا والأجيال التي قبلنا التي تربت على كره الاستعمار البريطاني والأمريكي والفرنسي والى اخره ........
والى لقاء اخر في موضوعات جديدة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تركيا تعلق كل المبادلات التجارية مع إسرائيل وتل أبيب تتهم أر


.. ماكرون يجدد استعداد فرنسا لإرسال قوات برية إلى أوكرانيا




.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين: جامعة -سيانس بو- تغلق ليوم الجمعة


.. وول ستريت جورنال: مصير محادثات وقف الحرب في غزة بيدي السنوار




.. ما فرص التطبيع الإسرائيلي السعودي في ظل الحرب الدائرة في غزة