الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عندما يتحول حق حرية الفكر إلى نقض الحق المقدس في الحياة.

محمد أولوة

2005 / 7 / 26
الارهاب, الحرب والسلام


المعركة ضد الإرهاب الفكري والإبداعي لاتقل دراوة ضد القمع والاستبداد والتسلط، ومهما يحاول الظلاميون، يائسين، الوقوف ضد المسار الطبيعي للتطور التاريخي وتطور العقلانية، فإن الإنسانية لن تظل أبدا في متاهات ظلمات التخلف، وستتجاوز حتما الأفكار الخرافية اللاهوتية والإنهزامية المتوارثة عن أجيال الظلام والانحطاط وستنتمي إلى عصر العقل، وستتصدى بمفكريها المتنورين للقوى الظلامية التي تسعى دوما إلى تكريس الخنوع والخضوع وإلى اغتيال العقل وممارسة الإكراه العقدي وتسييج البشر داخل حقول منظومتها الإيديولوجية والثقافية العقيمة والمنغلقة والتي لا تنتج إلا الإنتحاريين والإرهابيين. فالواقع العربي الإسلامي لن يتوقف عن إنجاب مبدعين ومفكرين حداثيين، عقلانيين وتنويريين من أمثال حسين مروة ومهدي عامل وفرج فودة... يسترخصون حياتهم في سبيل إعادة قراءة الثرات العربي الإسلامي بشكل صحيح وكشف حقائقه الضائعة وإبرازالجوانب المظلمة في التاريخ الإسلامي وتشوهاته المسكوت عنها التي يحاول الظلاميون طمسها حماية لمقدساتهم الخرافية وتأبيد الجهل. فسيظل هؤلاء الشهداء نموذجا للصلابة والشجاعة في الدفاع عن فكر الحرية والعقل والإبداع الذي تعلو فيه كرامة الإنسان، ورمز للصمود والوفاء للعقلانية والحقيقة والقيم الإنسانية. وسيظل رصيدهم الفكري والمعرفي منارة لمفكري اليوم والغد على طريق إنجاز أهداف الإنسانية ومطامحها في الإنعتاق من الجهل والقهر والظلامية والعبودية... إن جرائم اغتيالهم لتعبر بوضوح صارخ كيف يتحول الحق في حرية الفكر والتعبيرعن الرأي إلى نقيض حق من أقدس الحقوق، ألا وهو الحق في الحياة، وتبين أشد الصور عنفا وهمجية لما يتعرض له المفكرون الأوفياء للقضايا الفكرية والإبداعية لعالمنا العربي الإسلامي، والمخلصون للعقل والحقيقة إلى درجة تصفيتهم جسديا، وتهديد آخرين بالاغتيال من طرف نفس شيوخ التطرف والتكفير وأمراء الدم. وهو التهديد الذي يتعامل معه الحكام بصمت وتجاهل مستفزين، عوض أن يعتبروا الإفتاء بالقتل أو التهديد والتحريض عليه جريمة ويحاولوا شل حرية الحركة التي يتمتع بها هؤلاء المجرمين، في حين يتغنون فيه بشعارات مزيفة من قبيل "احترام حقوق الانسان" وضمنها حرية الفكر والتعبير...إلى غير ذلك من الشعارات التي لا تعدو أن تكون مساحيق لتلميع واجهة ديمقراطيتهم المزيفة.
إن المعركة ضد الإرهاب الفكري ليست بالهينة كما يتوهم من ينزع إلى التبسيط أو الإختزال. فهي صراع من أجل قراءة الفكر العربي الإسلامي وإعادة تشكله الكاذب، وذلك لذاته وليس كما ترعرع في أحضان المؤسسة والسلطة في صراعها الحضاري مع الآخر، باعتبار أن المؤسسة والسلطة تشكلان أزمة الإبداع العربي المنفي والمهمش وبالتالي وجب تخريب القواعد المؤسستية الرديئة والبئيسة لإعادة تشكيل الفكر العربي الإسلامي والاستمرار بنقده ومناقشته الواعية من جديد. وهي مواجهة أيضا بشكل مباشر مع الحركات الظلامية التي تسعى جاهدة إلى تأبيد الواقع المتخلف الموروث، وذلك من خلال محاولاتها اليائسة الرامية إلى شل قدرات المفكرين التنويريين على الابداع، وترهيبهم ومصادرة حقهم في حرية الفكر والتعبير، بل الرجوع بالإنسانية من خلال الإفتاء بالاغتيال إلى الحقبة التاريخية التي كان يدبح فيها الفنانون والفلاسفة والشعراء.
إنها معركة محسومة مسبقا لصالح العقل وفكر الحرية والديمقراطية، وأن نسف الفكر الخرافي وإبطال مفعول "القنابل والمتفجرات الفكرية" التي ينتجها شيوخ الحركات الظلامية لا محيد عنه لإحداث الخلخلة المنشودة في نمط التفكير السائد والمتجدر بطاغوته وسداجته المعرفية، وتفجير النفق المظلم الذي وضع فيه الواقع العربي الإسلامي بكامل القسوة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو يُظهر ما فعلته الشرطة الأمريكية لفض اعتصام مؤيد للفلسط


.. النازحون يعبرون عن آمالهم بنجاح جهود وقف إطلاق النار كي يتسن




.. مسؤول عربي لسكاي نيوز عربية: نتنياهو ولأسبابه السياسية الخاص


.. ما آخر التطورات وتداعيات القصف الإسرائيلي على المنطقة الوسطى




.. ثالث أكبر جالية أجنبية في ألمانيا.. السوريون هم الأسرع في ال