الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإحتلال هو اكبر اعتداء على الحرية الفردية و هو مصدر كل الدكتاتوريات

ثائر دوري

2005 / 7 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


هل يمكن أن يكون علاج الداء بمزيد منه ؟
هذا السؤال الذي يجب طرحه على من ينتظرون إحلال الديمقراطية على يد الأمريكان . و خاصة بعد أن اعترفت كوندليزا رايس في زيارتها الأخيرة للمنطقة أن حكومتها قد دعمت ، فقط لمدة ستين عاماً ، الأنظمة الدكتاتورية في المنطقة و في النهاية قالت إن هذا الأمر كان خاطئاً . و ما هو الحل الذي تقترحه كوندليزا رايس .
هنا لا نحتاج أن نستمع لأقوالها بل يكفي أن ننظر لأفعال بلدها في العراق . و لا نحتاج إلى أن ننتظر لنرى الديمقراطية التي تعدنا بها في سوريا و مصر لنحدد موقفنا منها بل يكفي أن ننظر إلى العراق . مستلهمين المثل الشعبي ،الذي يقول :
- ما متت شفت اللي مات ......
عن هذه الديمقراطية يقول محمد الرحو، نائب عميد كلية الحقوق في "جامعة الموصل في شهادته أمام المحكمة الشعبية التي عقدت في استنبول لمحاكمة الغزاة :
(( الحاكم الأميركي بول بريمر انتهك جميع أركان القانون حين نصّب نفسه الحاكم المطلق على العراق، واستحوذ بموجبه على السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية. أعقبت ذلك سلسلة قرارات ألغت القوانين العراقية النافذة، وانتهكت اتفاقية جنيف، التي لا تسمح لقوات الاحتلال المس بقوانين البلد المحتل. ويُعتبر إصدار ما يُسمى "قانون إدارة الدولة العراقية المؤقت" أخطر انتهاك للنظام الدستوري. فهذا القانون، الذي استندت إليه سلسلة القوانين والإجراءات لتشكيل الحكومة الحالية والانتخابات وصياغة الدستور "وضعه أشخاص معظمهم غير عراقيين، وصدر خلال أيام معدودة، خلافاً للقواعد القانونية الشكلية والموضوعية، وتضمّن مبادئ وأحكاماً غاية في الخطورة على مستقبل وسيادة العراق ونظامه القانوني ووحدة أرضه وشعبه وهويته الوطنية))
و يتابع شارحاً تفاصيل انتهاك حرمة وأماكن العبادة والمستشفيات والدوائر، خلافاً للقواعد الدستورية، التي تمنع المساس بتلك المحرمات، إلاّ بإذن القاضي ووفق إجراءات معينه، وارتكاب سلطات الاحتلال جرائم خرق النظام التشريعي القانوني للعراق, وانتهاك قاعدة سريان القانون العقابي على جميع القاطنين في العراق, وتعطيل قواعد مبدأ الاختصاص الإقليمي للقانون الجنائي العراقي، وفرض حصانة غير شرعية على قوات الاحتلال والعاملين معها، وتعطيل قانون العقوبات، وقانون أصول المحاكمات الجزائية، وقانون إيجار العقار، وسنّ تشريعات باطلة، كقانون منازعات الملكية العقارية، وقانون اجتثاث البعث، وقانون الانتخابات، وقانون حلّ الجيش العراقي ووزارة الإعلام، وقانون سوق الأوراق المالية.
أما عن الفساد الذي هو بلاءنا الآخر إلى جانب غياب الديمقراطية فحدث و لا حرج . لقد بلغ الفساد مستويات قياسية فحجم الفساد في عقود هاليبرتون زكم أنوف اعضاء الكونغرس الأمريكي إلى حد أنهم شكلوا لجنة للتحقيق به دون أن يستطيعوا وقف هذا الفساد و النهب .
فما مارسه بول بريمر من سطو على أموال العراق صار من الأسرار الشائعة أما من جاء بهم الإحتلال و نصبهم حكاماً للمنطقة الخضراء فقد أوغلوا في الفساد إلى حد تشعر بالغيرة منه أشد الحكومات العربية فساداً. لقد فعلوا في عامين و نيف هما عمر الإحتلال ما عجزت الحكومات العربية الفاسدة المدعومة من واشنطن أيضا ، عن فعله خلال ستين عاماً و لمن لديه أدنى شك عليه أن يراجع ملف التهم التي يتبادلونها فيما بينهم و أوامر منع السفر التي طالت وزراء في حكومة علاوي .
إن المرض لا يعالج بمزيد منه و إذا كان الأمريكان باعتراف وزيرة خارجيتهم سبب كل كوارث المنطقة خلال ستين عاماً فلا يمكن أن يكون الحل عندهم .
إن الاستبداد مرض يجب الخلاص منه لكن الخلاص يتم باللجوء إلى المجتمع و تعزيز روح المقاومة لديه لخلق مناعة ضد الاستبداد و من ثم بناء علاقات سليمة في الداخل تترافق مع مهمة تحرير الأراضي المحتلة و إنجاز المهام التاريخية لأمتنا كالتحرر و الوحدة و التحديث . أما أن يتم اللجوء إلى من كان سبباً لبلائنا و التعامل معه كمخلص فهذا و لله من عجائب الأمور .
هناك من بات ينتظر الخلاص و لو على يد الشيطان . و نسمع يوميا أصواتا تدعو أمريكا للمجيء كي تخلصنا من هذا الوضع . أنا لا أتوقف عند قائل هذا الكلام أبداً إن كان من عامة الناس . فهذا الشخص يكفر لحظة الغضب و عندما يهدأ يستغفر ربه نادماً على ما صدر منه . كما أن الآلام الحادة قد تعمي البصيرة لكن لا يمكن لنا أن نتعامل مع رجل بهذا الموقف بجدية تامة . فقد يحدث أن يدخل رجل مصاب بآلام مبرحة بيده بسبب وجود التهاب بها صارخاً طالباً من الطبيب أن يبتر له يده كي يخلصه من آلامه . لكن الطبيب لا يتعامل مع طلب البتر هذا بجدية بل إنه لا يفكر به إطلاقاً . فلا يعقل أن يتم بتر اليد من أجل ألم نستطيع التغلب عليه بجرعة من المسكنات و الصادات الحيوية...!!
و هناك نوع آخر من المثقفين الذين يطلقون هذه الدعوات إما نتيجة يأس أو بسبب مطامح شخصية لا داع للخوض بها لأنها معروفة . و هؤلاء يستخدمون الاستبداد ذريعة لتبرير تعاملهم مع أعداء وطنهم و أمتهم بل و أعداء الإنسانية . هذا الفعل الذي لا يمكن أن يطلق عليه إلا وصف الخيانة ، التي لا يوجد شيء في الوجود شيء قادر على تبريرها . إن الاستبداد قد يكون سببا لتوسع ظاهرة الخيانة لكن لا يمكن له أن يبرر هذه الظاهرة أبداً . بل إنا نذكره فقط كي نفهم الظاهرة ، أما الخيانة فهي خيانة ولا يوجد ما يبررها .
إن الرجوع إلى الجماهير و استنهاضها و تعزيز روح المقاومة لديها هو المدخل الصحيح لممارسة السياسة و للوصول إلى الديمقراطية و التحرر أما اللعب على حبال السياسة الدولية فهو يحول ممارسيه إلى لاعبي سيرك قد يقعون على رؤوسهم في أية لحظة . كل شيء يزول و يتبدل إلا الشعب فهو باق . وهذا الشعب الذي يبدو كتيماً خاملاً نائما غير معني بما يجري حوله ، هو على عكس ما توحي به الظواهر . إنه بحر متلاطم الأمواج و على سطحه هدوء ظاهري لكن تيارات عنيفة تتشكل في أعماقه . إنه يراقب و يختزن و يسجل و في لحظة ما لا نقدر على توقعها اليوم سيفاجيء الجميع .
فلنرجع إلى أناسنا و لنحصن أنفسنا بأبناء شعبنا و لنتعلم كيف نخاطبهم و نكف عن الاستعلاء عليهم و التحدث بلغة لا يفهمونها و السخرية مما يقولون مهما كان ساذجاً .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو يرفض ضغوط عضو مجلس الحرب بيني غانتس لتقديم خطة واضحة


.. ولي العهد السعودي يستقبل مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سو




.. جامعة أمريكية تفرض رسائل اعتذار على الطلاب الحراك المؤيد لفل


.. سعيد زياد: الخلافات الداخلية في إسرائيل تعمقها ضربات المقاوم




.. مخيم تضامني مع غزة في حرم جامعة بون الألمانية