الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكاتب المحلي والكاتب العالمي

أحمد الشريف

2014 / 6 / 10
الادب والفن


عندما كنت محررا في إحدي المجلات, كٌلفت من رئيس التحرير بالاتصال بكاتب ومفكر معروف, كى يكتب لنا الصفحة الأخيرة للمجلة. اتصلت بة ودار بيننا حوارا انتهى برفضه أن يكتب لنا والأسباب كثيرة. علي كل ليس هذا هو الموضوع أو ما أثار دهشتي, الحكاية أننا تكلمنا عن كاتب معين كان قد أرسل لهذا الكاتب والمفكر كتبة ليقراها ويعطيه راية, واخبرني الأخير أنة لن يقرا لهذا الكاتب الآن , لأنة يقرا لكاتب أخر عالمي والقراءة في هذه الحالة لن تكون في صالح المحلي.

بعد تلك المكالمة دارت في راسي أفكارا وتفجرت عدة أسئلة, عن العلاقة أو الفرق أو التعريف الواضح والبسيط للكاتب العالمي, والكاتب المحلي. مثلا لو أردنا تعريف الكاتب العالمي, ما الذي يمكن أن نقوله, هل هو الكاتب الذي تطبع أعمالة عدة مرات وتترجم, علي نطاق واسع ويصير معروفا, في بلده وعديد من دول العالم؟ لكن هل هذا التعريف كاف, يوجد على الساحة كتاب الرواية والأعمال البوليسية التي تحظى في الغرب وأمريكا بدعاية ونسبة قراءة عالية وتترجم وتباع في أكثر من دولة وكتابها من المشهورين الأغنياء أيضا. هل هذا النوع يسمي كاتبا عالميا؟ على الرغم أن هناك في الغرب وكذلك في العالم العربي من يخرج هؤلاء وتلك النوعية من الكتابة من دائرة الأدب, ليس هذا فحسب بل وينظرون بسخرية أو احتقار لهذا النوع من الكتابة. لا باس لنتوقف إذا عند فكرة الترجمة التي تضع الكتاب في بؤرة الاهتمام, وأعني هنا الترجمة التي تصدر عن دور نشر كبيرة وتطبع بالألف وليس الترجمة التى تخرج عن دور نشر صغيرة وتطبع نسخ محدودة للمتخصصين. علي أية حال ماذا لو لم يترجم نجيب محفوظ, هل كان سيظل كاتبا محليا ؟ بالطبع لا, الترجمة ليست مقياسا في حالة محفوظ, وهناك كتابا اعتبرهم ويعتبرهم الوسط الثقافي كتابا قديرين جدا ورائعين جدا لم تترجم أعمالهم أو لم تحظي بالاهتمام والدعاية الكافية, مثل يحيي حقي, محمود البدوي, عبد الحكيم قاسم، وغيرهم، في مصر والعالم العربي وباقي الدول. فهل هؤلاء كتابا, محليين, لمجرد أنهم لم يترجموا أو لم تترجم أعمالهم بالقدر الكافي ولم يحصلوا علي نوبل. هناك الآن كاتبا علي الساحة ترجمت روايته الأولي وتحولت إلي فيلم وصار معروفا في العالم, هل هذا الكاتب المصري أهم ممن ذكرتهم, بالطبع الإجابة لا قاطعة جازمة. ومرة ثانية أو ثالثة أتساءل هل الترجمة والجوائز مقياس العالمية اذكر أن كاتبا بحجم كازنتزاكي صاحب زوربا اليوناني, المسيح يصلب من جديد, والأخوة الأعداء وغيرها من الروائع لم يحصل علي جائزة نوبل, ومع ذلك كان كاتبًا كبيرًا أمتع البشرية وسيظل. لنرجع إلى جذر الموضوع, المحلي والعالمي. فيما يخص المحلي لا أتكلم هنا عن الموروث المحلي والتراث , فكل بلد له موروثة وتراثه, لكنني أتوقف أمام ما يجعل المحلي عالميا وفق تعريف وأراء العديد من الكتاب والباحثين. المحلي الذي يصير او صار عالميا هو المغرق في محليته والضارب في أعماق مجتمعة, محفوظ وماركيز ويوسا كمثال. لكن هناك ألف الكتاب غيرهم كتبوا ويكتبون عن مجتمعهم المحلي وأعماقه وشرائحه البشرية المختلفة. إذا لكي يتحول هذا المحلي إلى عالميا يجب أن يلامس المشترك الإنساني عبر الطابع المحلي. ولكن هناك أيضا كتابا يلامسون المشترك الإنساني بأبعاده الفكرية والروحية ولم يصبحوا عالميين. لماذا لأن النقاد والأعلام والدعاية في بلادهم لم يهتموا بهم ولم يترجموا/ فهل سيظلوا محليين, ونطلق عليهم كتابا محليين. علي الجانب الأخر هل سوف نطلق علي الكتاب الأقل منهم موهبة وإنتاجا,عالميين لأن إعمالهم ترجمت وحصلوا علي جوائز, يعلم الله من ورائها ولأي أسبابا حصلوا عليها, وحتى فكرة المشترك الإنساني تلك رغم رجحانها وحظوتها وقبولها كمقياس جودة, إلا أنها هي فكرة شائكة. لقد استمتعت بقراءة كتابا يصفون ويسردون بشكل بسيط أماكن وأشخاصا في قراهم وبلادهم النائية, يكتبون عن مواقف ومواضيع تخصهم هم وتخص بلدتهم أو قريتهم. لم يطرأ علي ذهني ساعتها هذا المشترك الإنساني, فقط استمتعت بطريقة الكتابة والأشخاص, والأماكن التي كتبوا عنها. ليس هذا فحسب, بل إننى أحيانا أقرا مقالا, أو ريبورتاج صحفي عن مشكلة, أو حدث في قرية بعيدة, أو حتى وسرد لجريمة قتل, واستمتع جدا بالقراءة, واخرج بانطباعات وأفكارا شتي , كما لو إنني اقرأ نصوصا أدبية رفيعة المستوي.

إذا في تصوري الموضوع لا موضوع عالمي أو محلي, قدر ما هو دعاية وترجمة وجوائز. فالمحلي هو العالمي والعالمي هو المحلي, شرط أن يكون الكاتب والفنان موهوبا, يلقي بنفسه فيما يكتبه, يختار ما يشاء, من طرق التعبير والتكنيك ويمتع القراء والجمهور.



التعريف بالكاتب

أحمد الشريف

كاتب مصري يعيش متنقلأ , بين اسكندنافيا , ومصر, نشرت مقالاته وقصصه , في عديد من الصحف والمجلات المصرية والعربية, مجلة سطور إبداع القاهرة , أدب ونقد , المدي, أخبار الأدب, جريدة الحياة , العرب الدولية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مهندس الكلمة.. محطات في حياة الأمير الشاعر الراحل بدر بن عبد


.. كيف نجح الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحسن طوال نصف قرن في تخليد




.. عمرو يوسف: أحمد فهمي قدم شخصيته بشكل مميز واتمني يشارك في ا


.. رحيل -مهندس الكلمة-.. الشاعر السعودي الأمير بدر بن عبد المحس




.. وفاة الأمير والشاعر بدر بن عبد المحسن عن عمر ناهز الـ 75 عام