الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بارانويا البورصة وشيزوفرانيا الاقتصاد فى مصر

شريف عشري

2014 / 6 / 10
الادارة و الاقتصاد


======================
كثر اللغط في الأيام القليلة الماضية عن ضريبة الأرباح الرأسمالية وتطبيقها على البورصة ...واختلف الخبراء بين مؤيد ومعارض في حين التزم كل من فلول الإخوان و الوطني وجماعات المصالح من الفاسدين الجانب المعارض لا لشيء سوى للرغبة في إلباس الحكومة ممثلة في وزارة المالية لباس الفشل ....بيد أننا نرى العكس تماما لما تم الترويج له... وفى هذا الشأن نسوق مبرراتنا وحجتنا العقلية والمنطقية . بداية نستعرض سريعا مفهوم البورصة ونقول أنها سوق يلتقى فيها البائع والمشترى للورقة المالية محل التداول ..وتشمل تلك الأوراق السهمstock والسندBond واذن الخزانةPromissory note ...الخ .. فالسهم صك ملكية يمثل حق مشاركة حاملة في توزيعات الأرباح وفى حضور الجمعية العمومية المنعقدة كل فترة زمنية معينة وهذا يتوقف على نوع السهم ما إذا كان عادى أو ممتاز ...الخ والسند عبارة عن صك دين يخول لحامله تقاضى فوائد بصفة دورية أو في آخر مدة السند إضافة لأصل مبلغ السند ...وإذن الخزانة عبارة عن سند حكومي محدد المدة ب90 يوم ... وفوق ما سبق تنطوي البورصة على معاملات متعلقة بالسلع أو بالمعادن النفيسة أو بالعملات الأجنبية أو حتى معاملات مرتبطة بالرهن العقاري فالبورصة يتداول فيها اى شيء وكل شيء...وكلها أنواع البورصات مختلفة لكنها جميعا تقع تحت مفهوم واحد .... والذي يقضى في عموميته بأنه آلية معينة أو سوق يجمع المدخر( المشتري) مع المستثمر ( البائع)...فالمدخر هو من لديه فائض مالي يسعى إلى زيادته من خلال البورصة عوضا عن إيداعه بالبنك نظير فائدة معينة ...والمستثمر هو من يبحث عن تمويل لمشروعه الحالي أو لتمويل توسعات فيه لكنه ليس لدية السيولة اللازمة لإتمام ذلك واليد الخفية Invisible hand التي تربط الطرفين وتقودهما للتفاعل هى تحقيق المنافع المتبادلة والبورصة نفسها بمثابة العامل الحفاز catalyst الذي ييسر عملية تدفق المال من المدخر إلي المستثمر والعكس ...ولكي تعمل البورصة بالشكل السليم ينبغي أن تمثل الجسر أو المعبر الذي من خلاله تمر الأموال وتتحول من صورة سائلة لصورة استثمارات حقيقية على أرض الواقع ...لكن الواقع العملي في مصر لا يخبر بذلك بل أن معظم الأموال المدخرة لا تجد طريقها إلى استثمارات حقيقية بل يعاد إدارتها مرة أخري وتدخل في دائرة المضاربات والمقامرات ... فالمضارب مقامر بطبعه A speculator is a gambler وعليه فالبورصة- فى مصر - قد انتابتها نوع من البارانويا.. فقد يتهيأ للبعض أن رواجها وكسادها يمكن أن يؤثر على الاقتصاد ككل ... كما أن الاقتصاد قد أصابه نوع من الانفصام في الشخصية على شاكلة د . جيكل ومستر هايد .. فلم تعد البورصة ترمومتر النشاط كما ينبغي أن تكون ...أما الاقتصاد فقد انقسم الى شقين : شق حقيقي ونقدي ..فالأول لا يتحرك وبطيء الدوران فى حين أن الثاني يتحرك داخل نطاق البورصة ويعاد تدويره recycling مرات ومرات ...والدليل على ذلك هو أنه في شدة حالات الرواج فى البورصة نفاجأ باقتصاد حقيقي خامل فلا زيادة فى الاستثمارات الحقيقية ولا خلق جديد لفرص العمل !
ومن هنا يمكن تخيل ان تلك الضريبة تفرض وكأنها تفرض على وكر للقمار ولتصحيح أوضاع معينة ..لكن مشروعيتها لا تستند الى ذلك وحسب بل يمكن إرجاع مبررات وجودها إلى للآثار الاقتصادية والاجتماعية الايجابية المحققة من خلال فرضها .عوضا عن ان سعرها منخفض نسبيا بالإضافة إلى أنها تطبق في معظم دول العالم ....( 10 % فى مصر في حين أنها تتراوح بين 15 – 25 % فى دول أوروبا و أمريكا وأحيانا تتجاوز ال50 % في بعض الدول ) ... ويمكن إجمال بعض المزايا لتلك الضريبة فى الآتي :
1- أنها تحقق مبدأ هام من مبادئ الثورة وهو العدالة الاقتصادية و الاجتماعية ... على أساس أن حصيلتها سوف تخصص في اتجاه الإنفاق على الصحة والتعليم –مثلا- كمجالات قومية تخدم المجتمع بصفة عامة ومباشرة . فضلا عن أنها سوف تعمل على إذابة أو تحجيم الفجوة بين الغني والفقير وبصورة تدريجية إذا ما ضمت مع مجموعة إجراءات أخرى كالحد الأدنى والأقصى وكالضريبة النسبية على شرائح الدخل ...الخ
2- أنها إحدى الأدوات المبتكرة في زيادة الحصيلة الضريبية ومن ثم المساهمة في تخفيف حدة العجز في الموازنة العامة 3- أنها لن تؤثر سلبا لا على صغار المدخرين ولا على كبارهم ولا حتى على مستوى الاستثمار المحقق . لسبب بسيط أن سعرها متدني نسبيا . فهي فقط تمثل حق المجتمع على من يتربح داخل حدوده سواء كان مواطن أم مقيم .
4- أنها سوف تدفع المدخرين – وبالأخص صغرهم - ربما لخوض مجال آخر أكثر إفادة لهم وللاقتصاد ككل وهو الاتجاه إلى الاستثمار في المشروعات الصغيرة . فتخف وطأة البطالة نسبيا ويزداد رصيد الدولة من السلع والخدمات الحقيقية .
وجملة القول أن تلك الضريبة تأتي مع مطلع تقلد السيسي للرئاسة مما يحدد لنا ملامح جدية الرجل في الانحياز( الغير مضر برجال الأعمال ) للطبقة الفقيرة ..ومنح قبلة الحياة للطبقة الوسطي مرة أخرى بعد أن قضي عليها وتآكلت تماما في العهود البائدة السابقة . وهذا هو ما يعطى لنا صورة جلية عن ماهية مناهضي تلك الضريبة من جماعات المصالح المفسدين والمستغلين .وهم أنفسهم من يحاول إضفاء صورة سلبية على أداء الحكومة وبدون وجه حق .
============================
شريف عشري – خبير اقتصادي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئيس مجلس النواب الأميركي: سنطرح إلغاء الإعفاءات الضريبية عن


.. ملايين السياح في الشوارع ومحطات القطار .. هكذا بدا -الأسبوع




.. لماذا امتدت الأزمة الاقتصادية من الاقتصاد الكلي الإسرائيلي ب


.. تقرير خطير.. جولدمان ساكس يتوقع ارتفاع أسعار الذهب لـ3 آلاف




.. -فيتش- تُعدل نظرتها المستقبلية لاقتصاد مصر إلى إيجابية