الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صياغة نظام إقليمي عربي جديد!!!

يحيى رباح

2014 / 6 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


من قلب ضرورات مصرية ملحة و طارئة لا بديل عن الاستجابة لها، و نتاج ثورتين شعبيتين احتوتا الشعب المصري بكل شرائحه و طبقاته و تنوعاته من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب جاء الرئيس المصري الجديد عبد الفتاح السيسي، محملاً بقدرها بل من المعرفة شبه اليقينية بحقائق الأمور ليس في مصر وحدها، و إنما في الإقليم كله من الجزائر إلى إيران و من السودان إلى تركيا، و من المعروف أن المعرفة هي قوة و مسئولية في آن واحد.
و رغم أن خطاب الرئيس المصري الجديد عبد الفتاح السيسي في مراسم التنصيب بدا و كأنه يركز على الشأن الداخلي المصري، و خاصة موضوع الأمن، و إعادة صياغة العلاقات الداخلية، و هيبة الدولة التي لا يجب أن ينافسها أحد و لا يوازيها أحد تحت أي اعتبار!!! و لكن رجلاً قادماً من أصلاب أهم و أقوى مؤسسة وطنية مصرية و هي الجيش المصري الذي له خصائص معينة منذ أيام الفراعنة وصولاً إلى تأسيس مصر الحديثة في بداية القرن التاسع عشر على يد محمد علي، يدرك أن تقدير الموقف الداخلي في مصر يرتبط بشكل عضوي و عميق بتقدير الموقف في الإقليم و في نمط العلاقات الدولية في أن واحد، و لم يحدث و لا مرة واحدة أن كانت مصر معزولة أو بعيدة عن التأثر و التأثير في هذه المنطقة التي تحكمها ضرورات الجغرافيا السياسية، و لذلك رأينا جمال عبد الناصر – على طريقته الخاصة – يسير و يترك في نفس خارطة محمد علي الذي وصل تأثير مصر في أيامه من الأناضول إلى بلاد الشام إلى شبه الجزيرة العربية إلى السودان و الصومال، فهذه هي حدود الأمن القومي للدولة المصرية و هي نفسها حدود الأمن القومي العربي.
و لكن تقدير الموقف داخل مصر يظل هو الأساس، لأنه قاعدة الإنطلاق، و لكن دون أن تغفل عين صاحب القرار عن المنطقة لحظة واحدة، فحين تغفل عين مصر، و حين ينضغط مجالها الحيوي، فإن مصر تضعف كثيراً، و تتفاقم مشاكلها إلى حد الاستعصاء، و تصبح هي الشقيقة الأكبر و لكن في نظام إقليمي عربي مريض و عاجز عن الفعل و التأثير.
آخر عهد للاشعاع المصري في المنطقة كلها كان قبل أربعين سنة في حرب تشرين عام 1973، فالقرار المصري و قتها استوجب بالضرورة علاقة متميزة مع سوريا، و استوجب بالضرورة صياغة جديدة للنظام الإقليمي العربي، كان من زموزه آنذاك صياغة جديدة للنظام الإقليمي العربي، كان من رموزه آنذاك جلالة الملك فيصل بن عبد العزيز، و لطن مفردات النظام الإقليمي العربي كلها دارت حول الدور الرئيسي و المحور الرئيسي، و لكن مع الدخول في مدارات كامب ديفيد الأولى جعل السرب يتفرق، بل إن قائد السرب و هي مصر جاء عليها الدور لتكون و حيدة و معزولة، و كانت الخسائر نتيجة لذلك فادحة و طويلة المدى، فقد اجتاحت إسرائيل لبنان و احتلت عاصمته بيروت و خرجت منظمة التحرير من أرض الصراع اليومي إلى المنفى الجديد، و بدأ المحور السعودي المصري السوري يتآكل إلى حد الخصومة، و لم يعد النظام الإقليمية العربي قادراً على إنجاز شيء لنفسه، بل أصبحت معظم قراراته استجابة لمتطلبات الآخرين أو ردة فعل على بعض المواقف الإقليمية، و ظل الوضع العربي في حالة مصادرة و تدهور فقفز صدام حسين إلى الهاوية باحتلال الكويت و انتهى الأمر بإعدامه و تقسيم العراق على قواعد صريحة طائفية و عرقية و تحول جيش العراق العظيم إلى شظايا!!! و أخذت موجات الإسلام السياسي تعربد في المنطقة من أقصاها إلى أقصاها، و حوصر ياسر عرفات في المقاطعة في رام الله و عجز النظام الإقليمي العربي أن يؤمن له مجرد الحضور في قمة بيروت 2002، بل عجز النظام الإقليمي العربي عن إذاعة كلمة متلفزة له استجابة للضغوط الأميركية و التهديدات الإسرائيلية، و تواصل التدهور إلى ما رأيناه في الثلاث سنوات الأخيرة.
استعادة الإرادة المصرية، و تقدم مصر في خارطة الطريق و انتخاب الرئيس عبد الفتاح السيسي بهذا الحجم الكبير من التفويض المصري و الاحتياج العربي، هو بمثابة محطة فاصلة، و وعد رئيسي نحو المستقبل، باستعادة العافية المصرية من أجل استعادة العافية العربية.
هذا الوعد أمامه صعوبات حقيقة، و لكن تسانده ضرورات ملحة و عربية ملحة لا بديل عن تحقيقها، خاصة و أن الإقليم الذي نحن مكون رئيسي منه على مستوى الأمن و المصلحة و عبقرية المكان و عبقرية التنوع ليس مثلما كان، فهناك طموحات خطيرة، و هناك أدوار ملتبسة، بل إن جيراننا التاريخيين في الإقليم و خاصة في إيران و تركيا قد تضخمت لديهم الأحلام الإمبراطورية على حسابنا و ليس على حساب أحد آخر في العالم، كما أن النظام الدولي يأخذ قضايا من بين أيدينا و يديرها بما يتفق مع مصالحه ، و يكفي أن ننظر لما يجري في ليبيا و ما يجري في سوريا، فكيف يمكن أن يكون النظان الإقليمي العربي موجوداً بدون سورايا، و كيف يمكن أن يكون شمال أفريقيا العربي مستقراً بدون ليبيا؟؟؟ و الأسئلة مستمر بلا حدود!!!
صعود مصر إلى استقرارها، و استعادة دورها، و تفعيل مجالها الحيوي بقيادة رئيس انتجته الضرورة، و صعد به الاحتياج المصري و العربي، هذا الصعود من المحتم أن تكون أول أولوياته إعادة صياغة النظام الإقليمي العربي، بحيث يعود هذا النظام الإقليمي فاعلاً و ليس تابعاً، له رؤاه و أولوياته و ليس ملحقاً بأولويات الآخرين.
[email protected]
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تغلق -الجزيرة- والقناة القطرية تندد بـ-فعل إجرامي- •


.. حسابات حماس ونتنياهو.. عقبة في طريق المفاوضات | #ملف_اليوم




.. حرب غزة.. مفاوضاتُ التهدئة في القاهرة تتواصل


.. وزير الاتصالات الإسرائيلي: الحكومة قررت بالإجماع إغلاق بوق ا




.. تضرر المباني والشوارع في مستوطنة كريات شمونة جراء استهدافها