الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأمل والخيبة في رواية -العرس- لصبيحة شبر

يوسف علوان

2014 / 6 / 10
الادب والفن


"العرس" رواية قصيرة للكاتبة صبيحة شبر صدرت لها عن المركز الثقافي للطباعة والنشر / بابل عام 2010 بحدود 64 صفحة من الحجم المتوسط. كتبت الرواية على شكل فصول متعددة غلب فيها تعدد اﻷ-;-صوات الروائية؛ ضمائر المخاطب والغائب والمتكلم، وهذا التعدد جاء لاغناء مضمون الرواية، ومحاولة الكاتبة لخلق خطاب جديد مختلف، قائم على تعدد الاصوات التي تقوم بسرد احداث الرواية لتختلف عن الخطابات السردية ذات الحبكـة التقليديـة، حيث يتغير الراوي في العديد من هذه المشاهد ومن الواضح ان هذه الصيغة التي حاولت الكاتبة بها أن تكون حريصة على الروي، فهي تلجأ إلى الأنا في الخطاب بصفتها المؤلفة والضحية لتعلن عن وجودها الحيوي داخل الرواية، وهي صيغة مهيمنة في الرواية. ومن خلال فصول الرواية التي بلغت 16 فصلا، والتي في اغلب الاحيان لا يتجاوز الفصل الصفحتين او اكثر بقليل. تحدثت عن شخصية البطلة، الضحية، وعن البطل المخادع، وعن صديقتها سميرة التي اعجبت بها والتي هي نقيض لشخصيتها، فهي ، أي سميرة، شخصية قوية تمتلك رغبة دائمة في قهر الصعاب التي تعترضها في حياتها بالضد من شخصية البطلة التي كانت ضعيفة.." اعماقك حزينة بائسة، لا أنيس، يخفف عنها وحشة الليالي الطويلة" (ص45).
تتحدث الرواية عن ما عاشته المرأة العراقية خلال فترات سابقة، وما يفرض عليها المجتمع وتقاليده من تابوهات محظورة ان تتحدث بها، برغم انها من المشاكل التي تمس حياتها، غير ان المجتمع يفرض عليها السكوت وتحمل نتائج هذا الخلل الذي تكتشفه الشخصية النسائية في الرواية في ليلة العرس الاولى. لتصاب بصدمة كبيرة بعد ان تقف على حقيقة هذا الشخص الذي احبته وتمردت على اهلها ومحبيها من اجل القبول به كزوج. برغم كل التحذير الذي قالوه لها. لكنها جرت خلفه، وتنكرت لكل الاحباب، الذين وضعوا تجاربهم الطويلة امامها، فقد اغريت بكلامه الذي يجيد قوله للفتيات، ليخدعهن به اللائي يعشن حالات اليأس والانتظار مثلها. وبعد ان ضاع منها كل شيئ؛ اهل واحباب متعاطفون معها، أسرة تحنو عليها، اصدقاء طالما نصحوها بالابتعاد عنه. وجدت نفسها وحيدة أمام مشكلة ليس لها من حل سوى السكوت عليها وتحمل نتيجة اختيارها واصرارها على الزواج بهذا الشخص.
هكذا تبدأ الرواية من حيث انتهت. حيث تكشفت لها في اجمل لياليها التي انتظرتها – مثل باقي الفتيات- ليلة العرس انها خدعت بشخص غير سوي، شخص شاذ: "احب الغلمان، ويمكن ان تلعبي معي دور غلام جميل.. أريدك غلاماً جميلا يا امرأة، أنت رقيقة كالغلمان" (ص61) . الخيبة التي احست انها وقعت بها، ويبدو ان الكاتبة جعلت من هذه الثيمة في الرواية (عجز الحبيب في ليلة العرس) مرتكزا دارت حوله منذ الفصل الاول الذي كشفت فيه عن درجة خيبتها وورطتها مع هذا الحبيب الذي حاربت العالم من أجل الاقتران به. فقد خصصت، لشخصية هذا الحبيب التي تكلمت عنه، اكثر من مكان في الرواية، فوصفته في الفصل الثاني "حياته فشل متواصل، وخيباته مستمرة" (ص8). ثم وهو يتكلم بلسانه.. "خلقني الله ضعيفاً متخاذلاً، مقهورا، لا املك شروى نقير، كل ما ادخره من هذه الحياة، كلمات معسولة" (ص26). ومع كل هذا قبلت به لأنها ايضاً تعيش مرارة الوحدة، وكانت تتألم لأنها: "لم يحببك رجل قوياً ساطعاً، وكنت تحلمين بان تتمتعي بشبابك الجميل، ورقتك المتناهية" (ص35).
أنها محاولات لإقناع النفس للقبول بهذا الحبيب الذي تعرف عنه نقاط ضعفه وسطحية شخصيته! لكن الحاجة التي تحس بها لرجل مجرد رجل، هو الذي دفعها للقبول به، مع اعتراض الأهل والأصدقاء.
ومع الثيمة الرئيسة للرواية هناك ثيمة أخرى جانبية حاولت ان تشتغل عليها الكاتبة وهي محاولة حث احمد احد زملائها للزواج من صديقتها سميرة ونجاحها في ذلك المسعى. لكن هذا المسعى برغم نجاحها به وقبول الاثنين احمد وسميرة من التعرف على بعضهما ومن ثم زواجهما، لم يأت إلا بفشل آخر.
رغم ان الكاتبة تمتلك لغة جيدة في بقية إعمالها الأخرى؛ فقد أصدرت قبل صدور هذه الرواية المجموعات القصصية التالية: (التمثال) في الكويت عام 1976 و(امرأة سيئة السمعة) عام 2005 في مصر. و(لائحة الاتهام) التي صدرت في الرباط عام 2007. و(التابوت) في مصر عام 2008. وعرف عنها امتلاكها للغة روائية جيدة. إلا ان رواية (العرس) لم تكن طباعتها او لغتها بالمستوى الذي عرفنا به الكاتبة في اعمالها السابقة. وهذا احد الاسباب التي جعل لغة هذه الرواية غريبة عن لغة الكاتبة. فقد كثرت الأخطاء الاملائية والنحوية في الكثير من صفحات هذه الرواية وذلك بسبب رداءة طباعة الرواية التي تمت من قبل (المركز الثقافي للطباعة والنشر) حسب ما جاء على شكل مقدمة أو تنويه في الصفحة التي تلت غلاف الرواية الداخلي (ص4) ومع ان جهود هذا المنتدى مشكورة لانه قام بطبع هذا العمل لكاتبة عراقية كانت تعيش في المنفى. إلا ان هذه الطبعة قد اضاعت جهد الكاتبة الذي بذلته في كتابة هذه الرواية. كذلك هناك ارباك في فصول الرواية وتسلسلها. وانا مع احترامي لاعمال الكاتبة الأخرى أرى من الضروري على الكاتبة اعادة طباعة الرواية من جديد وبالشكل الذي يليق بمستواها الأدبي وبالخصوص من الناحية اللغوية. لان الكاتبة هي من مدرسي اللغة العربية سابقاً ولذلك من الغريب ان تكون لغة الرواية بهذا المستوى.


ولا يخفى على اكثر المثقفين ان الكاتب العراقي يعاني كثيرا لنشر نتاجاته الأدبية في العراق الى درجة ان البعض من هؤلاء الأدباء يصفها بمحنة المثقف في ايصال ما يكتبه الى قرائه، فالمؤسسات الطباعية الحكومية التي تختص بهذا الأمر، وهي قليلة جداً، تعجز عن طبع الأعمال الكثيرة التي يقدمها الأدباء اليها، كذلك يعاني المثقف الذي يسعده الحظ فتقوم هذه المؤسسات بطباعة كتابه، من مشكلة التوزيع، فمثلا (دار الشؤون الثقافية) التي تختص في هذا الأمر ليس لها من قدرة على توزيع الكتب التي تنجزها. والذي يزور مخازن هذه المؤسسة يرى آلاف العناوين من المطبوعات الثقافية وهي مكدسة في مخازنها تنتظر بعض معارض الكتب التي تشترك فيها لتعرض هذه المطبوعات التي مضى عليها عدة سنوات.
أما اذا اراد الكاتب ان يتحمل كلفة طبع كتابه فان الاسعار الغالية التي يطلبها اصحاب دور النشر لانجاز طباعتها اكبر من طاقة الأديب او المثقف، على تحمل مثل هذه التكاليف. ان مشكلة عدم الاهتمام بهذه المشكلة؛ الطباعة والتوزيع، دفع بالكثيرين الى طبع كتبهم في دور عربية، لكن قليلاً ما تشاهد تلك الكتب في الاسواق العراقية، واذا وصلت فلبغداد فقط.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حورية فرغلي: اخترت تقديم -رابونزل بالمصري- عشان ما تعملتش قب


.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا




.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ


.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث




.. لعبة مليانة ضحك وبهجة وغنا مع ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محم