الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصة قصيرة / حارس المقبرة

فكرى عمر

2014 / 6 / 12
الادب والفن


كانوا كلما سدوا بالطوب منفذًا خرَّ آخر. كنت معهم. أدور حاجًا مثلهم حول جدرانها المتآكلة وقد جئنا لترميمها. السقف كان مائلًا. مسنودًا بأركان عتيقة.
نحن، شباب العائلة، نشعر بالحنين إلى موتانا المكومين عظامًا نخرة. نرى الموت ما يزال بعيدًا عنا فلا تخور قوانا. ربما اختارنا كبار العائلة لهذا السبب، لكنني لست متأكدًا بالضبط ممن كلفنا بهذا الأمر من البداية.
غالبًا ما واريت عيني بأصابعي؛ كيلا أرى ما بالداخل. أعرف أن عظامهم المستباحة لن تتركني. ستقتحم علي وحدتي في الليل، وتؤرق منامي.
لقد تبادلنا النكات أكثر من مرة على بعد خطوة واحدة من الموتى. كان الموقف قويًا لا يُحتمل. ضجيجنا غطى أحيانًا على كوكب الوحدة التي أتوق لاستنطاقها. مللنا من تكرار المحاولة والفشل.
رأينا فجأة شابًا عاريًا يرقد على بطنه فوق سطح المقبرة. كان يخفى وجهه في الناحية الأخرى كلما أحدق فيه، ويلمزني كنوع من المشاكسة بأصابع قدميه الكبيرتين. لم أفلح في النجاة من مشاكساته؛ لأن الممر بين المقابر كان ضيقاً. كنت مشغولًا من قبل بحماية ما تركوه لنا. كل ورقة خطها أحدهم، أو بابًا طلاه، أو حائطًا ترك عليه هاوِ للرسم منهم بعض أفكاره. الآن أنا أحفظ عظامهم العارية من العيون المتلصصة بعدما تهاوت المقبرة؛ نوعا من التبجيل.
يتمدد جسد الشاب العاري الحي كاسرًا ألفتنا. يزيد مساحة التساؤل الصامت القلق بيننا. يداه بعد قليل تدليتا ونحن نراقبه بخوف إلى الأرض. غاصت أصابعه كالجذور، وتمدد جسده؛ لتحتوى المقبرة. لم نجد من حل سوى الهرب قبل أن تدهمنا المفاجآت.
لا أعرف بالضبط هل كانوا معي داخل حلم يخصني، أم أننا نعيش واقعًا غريبًا لا قانون له؟!
حين وصلنا البيت الكبير مددت يدي، لكنها لم تمسك بأي شيء. كانت أياديهم تخترقني، وتعبر إلى الناحية الأخرى. كأنما صرت شبحًا.عيونهم حدقت بشراسة في مصدر الصراخ الذي أعلنت به عن وجودي. اتخذوا جميعًا وضع الاستعداد؛ للهجوم. صرخت باسمي في محاولة أخرى؛ ليروني. قال ابن عم لي:
- كيف نصدق أنك أخونا يا من تحدثنا؟!
تشجع الباقون، ووجهوا حديثهم إلى الفراغ الذي أقف فيه..
- كيف جئت أصلًا من فوق سطح المقبرة؟! ألم تعلن أنك سوف تحمى العظام التي لم نجد فائدة لحمايتها؟!
صرخت فيهم:
- لقد هربنا معًا. وإن كنت قد استحضرت عطر أجدادي من قبل إلا أنني لا أتوق احتواء عظامهم. ماذا أفعل بها؟!
كان الجو قد بدأ يغيم أكثر مما كان، وشعوري بجسدي المتعب قد بدأ يتضح، وكأنني أكسر جدار عالم هش.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمين علي | اللقاء


.. بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء خاص مع الفنان




.. كلمة أخيرة - فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمي


.. كلمة أخيرة - بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء




.. كلمة أخيرة - ياسمين علي بتغني من سن 8 سنين.. وباباها كان بيس