الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مستقبل العمل السياسي في البحرين وقانون الجمعيات الجديد

عبدالرحمن النعيمي

2005 / 7 / 27
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


قبيل انتهاء دور الانعقاد الثالث بأيام قليلة، أقر مجلس النواب في البحرين قانون الجمعيات السياسية الذي قدمته الحكومة باضافات أسوأ، استهدفت الجمعيات السياسية التي قاطعت الانتخابات النيابية السابقة، وعلى أرضية الواقع الذي تعيشه الحركة الإسلامية ذات الارتباط مع السلطة.

وحيث انه لابد أن يمر القانون على مجلس الشورى، الذي يفترض أن يضم أصحاب الخبرة والمشورة والعقل والحكمة والنزاهة والعدل ويسعى لتعديل اعوجاجات قرارات أعضاء المجلس المنتخب، حسب زعم السلطة، فقد كشف المجلس في يوم واحد صحة ما قالته المعارضة طيلة ثلاث سنوات، حول الدور الحقيقي لمجلس الشورى المعين، حيث صدرت له أوامر عليا بالموافقة على القانون دون مناقشة تذكر، ولم يتردد عن طاعة من عينه!!

ويبدو واضحا من سرعة تصديق الملك على القانون أنه متوافق والتوجهات الجديدة للقصر، وعن الوعود التي قطعها الحكم على نفسه لقادة الجمعيات السياسية بأنها ستكون أحزاباً سياسية، بل أشاد مراراً بالمؤتمرات التي عقدتها الجمعيات السياسية الأساسية وقال إنها أشبه ما تكون بمؤتمرات الأحزاب في البلدان الديمقراطية.

كان من الطبيعي - قبل تصديق الملك - أن تتوجه الجمعيات السياسية إليه لإيقاف هذا القانون السيىء الذي يريد تكبيل الحركة السياسية التي انطلقت بشكل علني منذ الساعات الأولى للمشروع الإصلاحي، وهي التي تعودت، خلال عقود، على العمل السري وممارسة كافة المهمات النضالية والتنظيمية بشكل متطور وكان لها حضورها العربي والدولي وفي كافة المحافل، فالدستور الجديد يعطي صلاحيات كبيرة للملك للاعتراض على أي قانون يصدر عن المجلسين وإعادته إليه لتعديله.

وقفت الجمعيات السياسية منذ بداية تقديم مشروع الجمعيات السياسية من قبل شخصيات بارزة في الحكم إلى كتلة المستقلين في مجلس النواب ضد المشروع، بل طالب المنبر الديمقراطي التقدمي بقانون للأحزاب السياسية، وبعد اللقاءات المكثفة لقادة الجمعيات السياسية، تم التوافق بين تسع جمعيات سياسية على مشروع قانون للتنظيمات السياسية يعتمد المعايير الدولية في تشكيل هذه التنظيمات، وبالرغم من توجه البعض إلى الملك، باعتبار أن هذه الجمعيات لاتعترف بالبرلمان وترى بأن افرازات الدستور غير المتوافق عليه، قد أعطت الحكم القدرة الكاملة على التحكم بمسار اللعبة البرلمانية والتشريعية عموماً، بينما توجه البعض من الجمعيات إلى أعضاء مجلس النواب وإلى أعضاء مجلس الشورى يناشدونهم إيقاف مشروع الجمعيات السياسية.. ولكن دون طائل.. وفي كافة الاتجاهات.. فقد حسم الحكم مساراته اللاحقة.

كما كشفت الموافقة على القانون طبيعة القوى السياسية الاسلامية وبالتحديد أعضاء جمعية المنبر الوطني الإسلامي (الإخوان المسلمين) وجمعية الأصالة الإسلامية (السلف) بالاضافة إلى كتلة المستقلين، فقد كشفت المناقشات عن توافق هذه الكتل مع الحكم، ووقوفها ضد الحركة الشعبية، بخلاف نظرائهم الإسلاميين في الدول العربية الأخرى (حزب الأمة في الكويت مثلاً) الذين يقفون صفاً واحداً مع الحركة الديمقراطية والإسلامية المناضلة في التأكيد على أن الديمقراطية تعني بالدرجة الأساسية إقامة الأحزاب السياسية وتقديم برامج انتخابية تعبر عن رؤية هذه الأحزاب للبرامج السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يجب تبنيها في البرلمان. والوقوف في وجه تعسف السلطة من جهة والفساد الذي تمارسه، خاصة الفساد المالي من جهة ثانية.

كما كشفت موافقة أعضاء الشورى على القانون دون مناقشة تذكر، بأنه أداة طيعة في يد القصر بالدرجة الأساسية لتمرير القوانين التي يراها ضرورية لمواجهة صعود حركة المعارضة في البلاد.. وهي مسألة وقفت أمامها القوى السياسية المعارضة، وطالبت بسحب كل السلطات التشريعية من مجلس الشورى والتأكيد على ما جاء في ميثاق العمل الوطني بأن مجلس الشورى للشورى والاستفادة من أهل الخبرة والرأي فقط.

كما كشفت من ناحية أخرى أن المشروع الإصلاحي في جوهره مشروع للخروج من الأزمة السياسية التي عصفت بالبحرين طيلة فترة قانون أمن الدولة، خاصة بعد الانتفاضة الشعبية التي استمرت قرابة خمس سنوات، وكان من الضروري تدشين الألفية الثالثة بمشاريع تغلق صفحات سوداء من ممارسة الحكم ضد المواطنين، وتفتح صفحة جديدة ترتكز على بناء الثقة بالدرجة الأساسية بين كافة المواطنين من جهة وبين الأسرة الحاكمة من جهة ثانية.. إلا أن التصديق على هذا القانون خلق الانطباع بأن السلطة - بالمشروع الإصلاحي - أرادت كشف وضعية الحركة السياسية السرية ومعرفة رجالاتها وطرائق العمل، بالاضافة إلى سحب قطاعات منها وإثارة البلبلة وسط صفوفها على ضوء التكتيك الجديد الذي اعتمدته السلطة.

الخيارات التي طرحتها المعارضة متعددة

> استمرار عملها كما كانت وعدم الالتزام بالقانون التعسفي ومواجهة كافة التبعات (القانونية) في ذلك.. حيث إنها في الوقت الحاضر ليست محكومة بقانون الجمعيات وإنما بالتوافق مع رموزها وبين الحكم في العمل ضمن وضعية انتقالية حتى يصدر قانون يحافظ على المكتسبات ويطورها.. بدلاً من قانون يصادر المكتسبات ويعيد إلى الأذهان مرحلة أمن الدولة.

> التحول إلى أحزاب سياسية وعدم الاعتراف كلية بالقانون الجديد والاستعداد للدخول في معارك قانونية وسياسية، داخل البلاد وخارجها، وتأليب الرأي العام العالمي المطالب بالديمقراطية وحقوق الإنسان والالتزام بالاتفاقيات والمواثيق الدولية التي صدقت عليها حكومة البحرين، خاصة العهدين الدوليين المتعلقين بالحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

> إغلاق مقرات الجمعيات ورفض الانصياع للقانون الجديد، والانتقال إلى العمل السري، والعمل في المؤسسات التقليدية المجتمعية، سواء الدينية أو الاجتماعية التي تفننت المعارضة في استخدامها طيلة العقود الماضية.


> الرضوخ للقانون والالتزام به والتحول إلى ملاحق يحركها وزير العدل، حسب رؤيته للجمعية المذكورة، حيث يمكن أن يغدق عليها العطاء ويتسامح فيما تقوم به، أو يتسقط عليها أي هفوة لإغلاقها!!

انتهى ربيع البحرين السياسي.. وبدأ الخريف.. هذا هو الانطباع الذي تركه المؤتمر الصحفي الذي أقامته الجمعيات الست بعد الاعتصام يوم السبت، الثالث والعشرين من يوليو، أمام مقر جمعية العمل الوطني الديمقراطي، تتويجاً لثلاثة أيام من الإغلاق والاعتصامات وحملات الاحتجاج المحلية والدولية التي بدأت تتوالى على القصر الملكي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر: ورقة السداسية العربية تتضمن خريطة طريق لإقامة الدولة 


.. -الصدع- داخل حلف الناتو.. أي هزات ارتدادية على الحرب الأوكرا




.. لأول مرة منذ اندلاع الحرب.. الاحتلال الإسرائيلي يفتح معبر إي


.. قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم مناطق عدة في الضفة الغربية




.. مراسل الجزيرة: صدور أموار بفض مخيم الاعتصام في حرم جامعة كال