الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إلى روح الجميل ياسين: نعتذر لروحك صديقي إذا نحن طلبة القانون لم ننقذك من الموج والإهمال

عبدالحق فيكري الكوش

2014 / 6 / 13
الادب والفن



أرجوكم لا تسيسوا قضية زميلنا الجميل والطيب والخلوق والشفاف "ياسين" ـ، الطالب الذي كان يجلس بيننا نحن طلبة القانون وكأنه كان يضع طاقية إخفاء .. يحمل حقيبة من الأحلام ويمضغ رفقتنا بعض الوقت... رفقتنا نحن التائهون في سراديب اللاوجود واللاعقل ... هو كان يغافلنا حتى يموت دوننا وحتى ينصرف وليتركنا نحن طلبة القانون، بعض منا سيرتدي بذل المحاماة والقضاء في حين سيمثل بعضنا الآخر دور المجرمين والمتهمين والضحايا ونحاكم وندين بعضنا البعض...

ياسين الذي حلق بعيدا عنا... رفرف وسافر وحده... وهو محظوظ جدا أن يغمض عينيه دون أن يشاهدنا ونحن نموت من خلف البحر الذي التهمه وهو يلوح بيده ولا من منقذ..
نحن موت من الهواء المسموم والسرير القاتل وكسرة الخبز التي بالكاد نستطيع توفير ثمنها..
بل ونحن نمتحن في حقوق الانسان والفصول من 19 الى اربعين المتعلقة بالحريات ودستور 2011 والإعلان العالمي لحقوق الإنسان...
مات ياسين دون ان يحمل معه كتبه، الدستور ومدخل الى القانون العام والشريعة والنظرية .. نسيها رفقتنا ومات...
هو ربما سخر منا نحن المتعبون بالحب وبالتغيير، والقلقون على الموت نفسه، والحالمون ببحر لا يفترسنا موجه..
هو قد مات ياسين ... ترك طيبوبته و خجله .. خلعهما وهو يحتضر.. تركهما طعاما للموج الذي سيلتهمنا ذات يوم نحن الذين أهملناه...
الموج أيضا هو يحتاج طعاما مثلنا هي طيبوبتنا وخجلنا .. ونحن الطيبين في هذه الـأرض الطيبة....
هو الموج يحتاج طعاما لينمو ويكبر ويأكلنا...
ياسين ... تركنا نحن ننجز مواضيع الامتحانات على كراسي الجامعة المتعبة ..
سخر منا ومات..
لست أدري، ربما رأى دستورا آخر ودولة أخرى وكتبا أعقل من كتبنا وربما كلية أخرى وزملاء آخرين..
هم مختلفون عنا وطيبون مثل ياسين ونبلاء جدا مثله ...
مات ياسين... نعم تركنا رفقة البحر المتعب نفسه ونفس الشاطئ ورفقة هذا الشرود في هذه الصحراء، وفي هذه القطعة من ثوب قديم.. القطعة المهجورة... وفي هذا الجو الغائم..
فدعوه ياسين ينظف روحه ، ياسين ضحية البحر وضحية الضجر... البحر ذاك الذي درسنا أن الدولة هي المسؤولة عليه وعنه ... وأنها تقتطع من عرقنا لتحرسه حتى لا نموت وهو يغرينا اليوم كثيرا عندما يهزمنا الحزن... وليلتهمنا موجه ونحن نسبح فيه برغبة منه او برغبة منا..
الدولة التي لا تحبنا ولا تفكر فينا.. الدولة التي تعتبرنا خطرا عليها وتبني لنا السجون وتعد لنا كتائب من رجال الأمن والجواسيس..
الدولة التي تقيم موازين لأبناءها المتعبين في العاصمة ولا تفكر فينا نحن ضحية الهواء في الهوامش .. ضحيتها وضحية سياساتها ودجلها ..
فلا تشنقوا الوقاية المدنية.. أرجوكم..
دعوه يحلق ولا تؤلموه بخبثكم، صديقنا النبيل والشهم والوديع والطيب والشفاف والحزين "ياسين" .. فنحن من أهملناه، أنا وأنت .. وجميعنا .. هي الدولة لا تحرسنا في البر فكيف نطلب منها ان تفعل في البحر؟
لا تحرسنا ونحن نيام ولا تحرسنا ونحن أحياء فكيف ستحرسنا ونحن نموت ونحتضر، وبالأحرى ونحن متنا...؟
لم يعد من وظائف الدولة أن تحرس الأمل فينا..
فلا تشنقوا رجل الاطفاء، فهو مثلنا ينتظر الأمر بالتدخل وينتظر الأمر بأن يقيموا له مركزا على الشاطئ ويزودوه بوسائل العمل..
ودعونا نعتذر أولا لصديقنا وزميلنا النبيل الذي أغمض عينيه ونحن نمتحن في الحريات وحقوق الانسان وجدلية الحرية والسلطة ..
نعتذر لك ياسين، آلمناك وأنت بيننا وآلمناك وأنت تردي الغياب دوننا ... خطفتك أصابع البحر الجشعة...
ليتك تقبل اعتذارنا المتأخر..
دعوا ياسين ينام، وتعالوا نقيم له خيمة عزاء... تعالوا نصرخ حتى نعيد ياسين حيا بيننا...
لكن، أليس من المفروض ان توفر الدولة لهؤلاء وسائل العمل ومركزا دائما بالشاطئ .. هؤلاء الذين تمتطون حائطهم القصير..
لكن وان كنا نموت على سراب أسرة المستشفى من الإهمال .. فكيف لا يقتلنا إهمال الدولة ونحن على كراسي الجامعة وبالأحرى نحن قرب الشاطئ..؟
أرجوكم وباسمي الشخصي ولكل طلبة القانون .. تعالوا الاسبوع المقبل... تعالوا نحمل وردة ونذهب الى المكان الذي غرق فيه ونشعل شموعا للحظات وداعه واهداء لروحه..

ولا تؤلموا ياسين ، دعوه نائما ولا تزعجوه، هو كان طيبا وخجولا ولاعلاقة له مطلقا بالسياسة، فلاتزعجوه بخبثكم...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال


.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي




.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا