الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أزمة اليسار (2)

عذري مازغ

2014 / 6 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


تبقى الإشكالية الأخرى وهي حول الخطاب الشعبوي: أفرزت التناقضات الإقتصادية في بنيتها الأزمية مؤخرا، من خلال الأزمة الإقتصادية المزمنة الآنية، ظاهرة التمركز الرأسمال في يد قلة ضيقة من البرجوازية بشكل أفسح المجال لتفسخ ما يسمى بالبرجوازية الصغيرة والمتوسطة بالتحاق جمهور كبير منها بوضع الطبقات الإجتماعية المضطهدة بشكل لم يعد لخطاب الموازنة الإجتماعية أي قيمة معيارية، فجمهور كبير كان ينتمي إلى الطبقة العاملة، بفضل التطور التكنولوجي بإتاحته للمعارف التقنية، وبفضل إتاحته أيضا لإمكان صناعة المعلومة من خلال الثورة الرقمية (الإلكترونية)، بدا يقتحم جمهورية الطبقة المتوسطة التي لعبت ذلك الدور التوازني في مجتمع الرفاه. هذا الوضع التطوري، من حيث لم يبلغ بعد حدود تفاعلاته النهائية، بدأ يقترح بدائل كانت إلى حد قريب تعتبر اقتراحات راديكالية، وهي في أحسن الحالات تلطيفا شعبوية، برغم أنها تمثل بدائل معقولة بعيدة عن الشعبوية كما هي بعيدة تماما عن الراديكالية، إن ما يثير هذه الموضوعات هو طريقة تقييمها من طرف الجهاز الإيديولوجي للأنظمة السياسية المهيمنة برغم من أن ظاهرة الشعبوية هي ظاهرة عامة تمارسها كل الأحزاب بدون أي استثناء، وبتفاوتات متناقضة، بشكل ينمحي الحد المعرفي الفاصل بين مختلف التوجهات السياسية المختلفة(اليمين العنصري الفرنسي بخطاب يساري ذي النزعة القومية). إن موضوع الخطاب السياسي لكل الأحزاب في نظام سياسي معين هو الجمهور، إن الخطاب هذا موجه للناخب بشكل خاص، إن البرنامج السياسي الموجه لهذا الناخب هو خطاب يدغدغ مشاعر الناخب، هذه الإشارات كلها هي ما يحدد شعبوية الخطاب من خلال شعبوية البرنامج، هذا التماثل في الخطاب يوحي بشكل ما بتماثل مشابه على مستوى منطلقات الأحزاب كلها بغض النظر عن القناعات المقنعة بخطاب إيديولوجي، فاليسار بقناعة إيديولوجية معطاة يمثل الطبقات المسحوقة ضمنيا، فيما علاقته بالنظام في أفق ما نسميه الإكراهات السياسية، يمثل خنوعا صادما للجمهور بسبب هذه الإكراهات مثله في الأمر تماما كمثل الخطاب اليميني حين يبرر تناقضاته في الفعل السياسي بين الخضوع للبرنامج الذي وضعه للناخب والبرنامج المناقض بشكل مطلق والذي هو عمليا يطبقه، والنتيجة أن اليسار في مثل هذا المشهد:إن القاعدة التبريرية سواء في تجربة الأحزاب الإشتراكية الديموقراطية، أو الأحزاب اليمينية في أوربا تستند دائما إلى الإكراهات السياسية الدولية والجهوية، هذا هو الظاهر، أما الخفي، فإنها تخضع تماما لإكراهات المؤسسات الرأسمالية، المالية البنكية والمتعددة الجنسيات بشكل يبدو جليا أن الحاكم الحقيقي للمجتمعات اللبرالية هو هذا المخفي، هو هذه المؤسسات. يبدو القفز على هذا المعطى في خطاب اليسار يمس بشكل مباشر هويته الإيديولوجية، في وضع التحول التدريجي السلمي من خلال أثر اليسارية في النظام السياسي، من خلال التقطير الحقوقي، أو من خلال ما أسميه موضوعيا بالتسول السياسي، في غياب وضع الحد المعرفي على مستوى الممارسة السياسية الفعلية بين اليسار واليمين، بين يسار يتوخى قفزة في التحول وليس يسار نظامي ويمين يعمل جاريا على أن يكون في الخطاب الشعبوي هو البديل الحقيقي، أن يبدو يساريا كما تتطلبه عقيدة التصويت برغم وضوحه اليميني: جلب الإستثمار هوعقيدة اليمين وهي صلب إيديولوجيته، وهي عمليا إتاحة لفرص شغل بئيسة، لكنها مقبولة اجتماعيا لأنها تمثل إتاحة وفرص، حين يتبناها اليسار، وفي جعبته مناضلين من الفقر المدقع كل رأسمالهم هو التصويت كإتاحة نظامية، حين يتبناها اليسار، يعلن موضوعيا أنه فاقد لهويته: كل يسار ليس ثوريا هو يسار وهمي.
ماذا يعني اليسار الحقيقي؟؟
اليسار الحقيقي هو اليسار الذي يعمل على استثمار قواه الحية، إن الجماهير هي قوة حيوية بغض النظر على مستوياتها الإنتاجية، اليسار الحقيقي هو من يتبنى التحول الثوري لعلاقات الإنتاج وليس الذي ينتفخ بخطاب شعبوي فيما هو خاضع للإكراهات، هو اليسار الذي يستثمر المعطيات الطبيعية لمنطقة معينة (الجهوية)، هو اليسار الذي يشارك الجماهير في عملية التحول دون الإستناد إلى قوات مستوردة (استثمارات وغيرها)، هو اليسار الذي ينطلق من معطيات موضوعية في منطقته ويستثمرها..هو اليسار الذي يشكل مسار التحرر عقيدته الرسمية.
هذه الأمور تفترض نمطا ديموقراطيا مختلفا، نمطا تشاركيا فيه الجماهير هي من يحدد أفق تطورها ولا يهم في الأمر أن تخطيء الجماهير: الجماهير تستطيع أن تصحح أخطاءها من خلال ممارستها، لكن أن تنتسب الأخطاء إلى زعيم ويبررها هو بدعامة إيديولوجية يمينية، فتلك هي المصيبة الحقة.
وصلت الآن إلى مستوى الخطاب الشعبوي، لكن فيما سبق كان التوجه كما أسلفت إلى الجماهير هو ممارسة للخطاب الشعبوي، وهو خطاب كما قلت تمارسه كل الأحزاب بتوظيف رموز تحيل إلى ذلك (فيما تبقى الإكراهات السياسية تمثل خطابا آخر غير شعبوي مع أن لغز الإكراه يبقى ممثلا في مستوى شعبوي تبريري هو خطاب التبرؤ منه: كنت أنوي عمل كذا لكن.. (هذه اللكن منسوبة في كل الأحوال إلى التبرير الفكاهي من حيث أن الأمور مقيدة سلفا بموضوعة نظامية)). لا يمكن مهما حاولت التفسيرات أن يكون يساري ما نظاميا في إطار اللعبة التمثيلية، لا يمكن لليسار أن يكون تمثيليا، اليسار يجب دوما أن يكون تشاركيا، أن يبني فعله من خلال حركة جماهيرية يتشارك أفرادها في القرار. تلم هي الشعبوية نفسها: من خلال خطاب الحزب، تعني الشعبوية شيءا جديلا، تعني فقط بمدلول شعبي أنها رباط فتح معين لم تكتشفه الحماهسر بعد: تعني وبكل صدق الخراء السياسي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. زيادة كبيرة في إقبال الناخبين بالجولة الثانية من الانتخابات


.. جوردان بارديلا ينتقد -تحالف العار- الذي حرم الفرنسيين من -حك




.. الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية الفرنسية: تابعوا النت


.. إسرائيل منقسمة.. ونتنياهو: لن أنهيَ الحرب! | #التاسعة




.. ممثل سعودي يتحدث عن ظروف تصوير مسلسل رشاش | #الصباح_مع_مها