الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انهيار الدولة الشبحية!

شاكر الناصري

2014 / 6 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


تشكل واقعة سقوط الموصل بيد مقاتلي “ الدولة الإسلامية في العراق والشام-داعش" لحظة حاسمة و تحمل دلالات كبيرة ومؤلمة في تاريخ العراق المعاصر والذي سيتم تناوله لاحقاً وفقا لهذه الواقعة- ما قبل سقوط الموصل أو ما بعده- ولعلها ستكون اللحظة الأبرز في مسار انهيار الدولة العراقية الشبحية التي أَعلن عن قيامها بعد احتلال العراق في التاسع من نيسان من عام 2003، على أسس عرقية ومذهبية وتدار شؤونها من قبل نظام سياسي يرتكز على المحاصصة الطائفية والسياسية فكان الأداة التي أوغلت عميقاً في تعزيز الصراعات السياسية وأحيا وبقوة إرث النعرات الطائفية و القومية العنصرية فتحولت القوى التي أوجدت هذا النظام ورسمته وفق مقاساتها، ممثلة لطوائفها وقومياتها ودياناتها واصبح امر بناء الدولة بما يتناسب وتطلعات الملايين من العراقيين، دولة تُحترم فيها كرامتهم وارادتهم وقادرة على حماية امنهم ومعيشتهم وهماً من الاوهام التي بدأت بالتساقط تباعاً!

الدولة التي نتحدث عنها أقيمت على أنقاض الدولة التي كانت قائمة آنذاك ولكنها متداعية بفعل الحروب أو نتيجة لسياسات وممارسات نظام الحكم البعثي السابق والتي تم شطب تاريخها السابق بقرار أمريكي صرف دون بديل واضح المعالم للدولة المستقبلية في العراق، طبيعتها وشكل نظامها السياسي ...الخ وإعادة الأمور إلى ما قبل تأسيس الدولة بكل ما يمثله ذلك من مخاوف وصراعات واستثمار صريح لتاريخ طويل من الظلم والاضطهاد- تحول إلى ثأر واقتصاص وتصفيات جسدية وانعزال وانعدام ثقة بالشركاء- الذي عانى العراقيون منه جراء تسلط أنظمة حكم مستبدة ودكتاتورية.

ما حدث من إنهيار أمني وعسكري وسياسي في الموصل، والهروب المخزي للجنود والضباط والقادة الميدانيين امام مجاميع من مسلحي “داعش” حال دخولها إلى الموصل والانطلاق منها باتجاه مدن أخرى تمكنوا من إسقاط بعضها كتكريت وبيجي ويهاجمون مدن أخرى ويمارسون إجرامهم الوحشي ضد أفراد الجيش والشرطة أينما واجهوهم، يتوج سنوات من الفشل السياسي والعسكري والأمني في العراق ويكشف عن الهشاشة التي تتميز بها الأجهزة الأمنية والجيش الذي صرفت عليه أموال ضخمة من أجل التسليح والتجهيز والتدريب لنكتشف في خاتمة المطاف إننا أمام جيش تتقاسمه القوى السياسية وان الفرق العسكرية يتم تأسيسها وفق مبدأ " التوازن" الطائفي، لكل طائفة أو قومية نسبة معينة من منتسبي هذه الفرقة أو ذلك اللواء!! يضاف إلى ذلك غرق القوى السياسية في الصراعات وتحقيق المكاسب حتى لو تطلب ذلك ممارسة العنف والتهديد واستقدام العامل الخارجي وعملها المتواصل من اجل أضعاف الدولة وتقوية مراكز وأقاليم داخلها .

ما حدث خلال الأيام الماضية جعل من مروية الدولة الوليدة وكل الآمال التي بُنيت عليها بعد عقود من القمع والاستبداد الذي مارسه نظام البعث الفاشي، أمام واقع جديد يكشف عن مقدار هشاشة هذه الدولة وانعدام قدرتها على الدفاع عن رعاياها أو التصدي للمجاميع الإرهابية التي تعمل على تقويضها وإصابتها بالشلل ويفتح أبواب الحلول المقلقة التي تزيد من متاعب العراقيين الذين يمنون النفس بدولة واحدة ابرز ما يميزها تعدد مكوناتها وارثها التاريخي والحضاري العميق .

يبدو أن التقسيم سيكون هو الحل الذي سينهي وجود هذه الدولة الشبحية ويجعلها في خبر كان! سيتم تقسميها إلى دويلات طائفية واثنيه. فكل الإطراف السياسية التي تساهم في السلطة وإدارة شؤون البلاد تعمل بالسر أو بالعلن لجعل التقسيم أمراً مفروغاً منه وانه أفضل الحلول المتاحة أمام الجميع.

كل التجارب السابقة بينت لنا إنّ "داعش" لن تتمكن من الاحتفاظ بالأرض أو بالمدن التي تحتلها لفترات طويلة إنّ لم تتمكن من إيجاد الحواضن التي توفر لها الدعم والمساندة وتبني مطالبها وشعاراتها وإنها تسارع إلى الانسحاب بعد أن توصل رسالة معينة وتحدث دوياً إعلامياً وسياسياً، ولكنَّها بعد إسقاط الموصل وضعت الجميع أمام أمر واقع جديد ومغاير لما كان قائماً قبل سقوط الموصل. فالقوى التي تمكنت من إحتلال مواقع الجيش الهارب أو المُستسلم لن تسلم الأرض والمدن التي إستولت عليها بيسر وسهولة، الى قوى الأمن أو الجيش العراقي، وكأن شيئاً لم يكن، سيكون المالكي وفريقه الحاكم أمام خيارات صعبة جداً وسيضطر لتقديم تنازلات كبيرة، إن أرادَ الحفاظ على الوحدة الهشة للدولة الشبحية التي يحكمها.

الاعلان عن تأسيس "جيش رديف" لايعني سوى اطلاق يد المليشيات في العراق وإعادة كل الممارسات التي عشناها خلال فترات الحرب الطائفية. وان هذا المسار سيؤدي حتما الى تحقيق كل المخاوف التي نتحدث عنها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - نعم هو ما نخشاه
محمد نوري قادر ( 2014 / 6 / 14 - 15:55 )
هو نتيجة حتمية لَما فعلوه وما كانت ترسمه اياديهم وبؤس ما يحملون من فكر عفن ..وما يزيد من من مخاوفنا عندما تكون المليشات هي من تتحكم بأمر الوطن


2 - حملة
عباس منعثر ( 2014 / 6 / 19 - 20:02 )
تشخيص دقيق للغاية..
بالاضافة الى كل ما يحدث من انهيار على المستوى العسكري والسياسي والاجتماعي يفقد العراقيون هذه الايام آخر ما بقي من الحرية الفردية.. بمعنى أن حرية الرأي تقتل في العراق الان بحجة محاربة داعش .. أن ايقاف الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي وبعض القنوات يشير الى المسمار الاخير في نعش الدولة والتجربة العراقية الجديدة.. اذا سمحنا للمالكي أن ينجو بهذا الفعل اللاديمقراطي، اللاانساني، غير المبرر فإننا نساهم في احتجازه للعراقيين كرهائن لقنواته الفضائية الموجهة، وسنرسخ الديكتاتورية بأبشع صورها
شاكر نحن بحاجة منكم الى حملة كبيرة مثلها مثل حملة رواتب مجلس النواب ... نحن امام صدام جديد والمشكلة اننا لا حول ولا قوة لنا هنا في العراق .. لقد خنقونا ومنعونا حتى من التعبير عن غصاتنا وآلامنا ورؤانا.. على عاتقكم تقع مسئولية كبيرة .. حملة ايها الاصدقاء قد لا تقل اهمية عن الحملة ضد ارهاب داعش وضد الحكم الفاسد
محبتي


3 - رد من الكاتب
الناصريشاكر ( 2014 / 6 / 20 - 00:30 )
العزيز عباس..شكرا لثقتك واهتمامك..الحريات أول ضحايا الحروب والازمات العميقة. هكذا تسعى السلطات التي تواجه وضعا صعبا من الداخل الذي تحكمه او الخارج الذي يعاديها.انقاذ العراق من الوضع المخيف الذي يخيم عليه يتطلب العمل الجاد والدؤوب لقوى واشخاص ومنظمات وحتى دول...الخ هناك محاولات كثيرة لكشف ما يحدث في العراق ومنها الحملات او مخاطبة الجهات الدولية.

اخر الافلام

.. الإمارات وروسيا.. تجارة في غفلة من الغرب؟ | المسائية


.. جندي إسرائيلي سابق: نتعمد قتل الأطفال وجيشنا يستهتر بحياة ال




.. قراءة عسكرية.. كتائب القسام توثق إطلاق صواريخ من جنوب لبنان


.. عضو الكونغرس الأمريكي جمال باومان يدين اعتداءات الشرطة على ا




.. أزمة دبلوماسية متصاعدة بين برلين وموسكو بسبب مجموعة هاكرز رو