الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بعد نهب الثروة النفطية والثروة المائية ياتي الدور على نهب الآثار الحضارية

جابر احمد

2005 / 7 / 27
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


مثلما تعرضتا للنهب الثروة النفطية والثروة المائية اللذان يشكلان العامود الفقري لبقاء الشعب العربي على قيد الحياة يأتي الدور هذه الأيام على نهب الآثار من قبل المسئولين الإيرانيين بغية المتجاورة بها في الأسواق السوداء العالمية بغرض تحقيق الربح، غير آبهين بأن مثل هذه الآثار بالإضافة إلى كونها تشكل إرثا حضاريا للعالم بأسره تشكل حلقة هامة من حلقات تاريخ شعبنا العربي الاهوازي الذي تمتد جذوره في أعماق التاريخ.
ولعل الداعي إلى كتابة هذه السطور هو ما أفادت به وكالة الإنباء الطلابية في مدينة الأهواز والتي قالت في الخبر المنشور بتاريخ 23|7|2005 إن طائرة هليكوبتر تقل كثر من 30 أفغانيا مجهزين بوسائل الحفر يقومون بالتنقيب عن الآثار التاريخية الأهوازية في مرتفعات " الله اكبر " الواقعة شمال غرب مدينة الخفاجية ولا تزال هذه المجموعة المجهولة الهوية تتنقل من مكان إلى أخر في هذه المرتفعات بحثا عن الآثار.
هذا وتعتبر منطقة كهكهه ودوسلك ومشداخ واصيبع والتينه من المناطق الأثرية الهامة التي لم يجري التنقيب فيها إلا قليلا وقد شاهد كاتب هذه السطور المزيد من بقايا الآثار وقطع الفخار المتناثرة هنا وهناك أثناء تجواله في هذه المناطق ، كما أن الرعاة وأهالي تلك المناطق تحدثوا عن أثار في منطقة سموها " اهويشة " عن وجود منحوتات وتماثيل لحيوانات وأشخاص ، وكان الفلاحون والذين حدثوني عن هذه الآثار يقولون إن الله قد غضب على أهل هذه المدينة وقلبهم إلى صخر ، وقالوا أنهم شاهدوا امرأة مقلوبة إلى صخر هي والبقرة لحظة حلبها وفي الحقيقة ما ذهب إليه السكان المحليين يشكل بقايا حضارات سامية قديمة قسما منها تابع لمملكة عيلام القديمة والقسم الآخر يرجع إلى عصور متأخرة من التاريخ حيث شهدت هذه المنطقة قيام مملكة ا" ميسان " .
وقد تـأسست دولة ميسان في سنة 129 قبل الميلاد على الضفة الساحلية للخليج في اقليم الاحواز أو الأهواز الراهن وقد احتل العرب فيها هرم السلطة، حيث تبين النقود المعدنية المكتشفة إن "هيسبازيون " ملك هذه الدولة، قد احتل مدينة بابل وذلك بين عامي 128 حتى 127 قبل الميلاد. ( لمزيد من الاطلاع راجع مقالة الأستاذ موسى سيادة حول هذا الموضوع ترجمة الكاتب )،
وبعد هزيمة داريوش الثالث (330 ق.م ) على يد الاسكندر المقدوني ، واستمرارا لتأسيس دولة السلوكيين على يد خلفاء الاسكندر في غرب ( الاحواز- عربستان) الراهنة ،...ومن ثم بعد عام (129. ق) تم تأسيس دولة ميسن( خار سن)، على الضفة الساحلية للخليج، والتي احتل العرب فيها هرم السلطة، حيث تأكد وبشهادة النقود المعدنية المكتشفة ان " هيسبازيون " ملك هذه الدولة الجديدة، احتل مدينة بابل وذلك بين عامي 128 حتى 127 قبل الميلاد، راجع ( تاريخ إيران از دوران باستان تا بايان سده هيجده ميلادي، نوشته، محققين روسي، ترجمة كريم كشاورزي، ص 48 ) نفس المصدر السابق.
وكانت ميسن أيام مجدها، تعد مركزا تجاريا، وكانت على اتصال بالهند، وفي الواقع تعد جسرا بين المناطق الواقعة في دائرة جغرافية البحر الأبيض المتوسط و شرق أسيا، وكانت البواخر تنقل البضائع عن طريق الخليج، الى ميسان ( دشت آزادكان الراهنة) حيث تفرغ حمولتها وتعود محملة بالبضائع من حيث اتت". وفي عام 1969 أصدر الباحث العراقي المعروف، الأستاذ المرحوم خليل رشيد، كتابه المسمى ب ( إعلام من ميسان )، أكد خلاله على إن ميسان لعبت دورا رئيسيا للغاية في تامين المواد الغذائية والحبوب للبصرة والمناطق المجاورة لها، وكانت آنذاك تدار من قبل " بني العم " و "بني حنظلة ".
وفي زمن الفتوحات الإسلامية، وفي عهد عمر بن الخطاب (رض)، كان مركز ميسان، يقع في "نهر تيري "والذي موقعه الآن، بالقرب قرية كوت الطالقانية الراهنة، والواقعة على بعد 35 كيلومترا من مدينة الأهواز وقد فتحت من قبل (عتبة بن غزوان )، وما إن أصبحت تحت تصرف المسلمين، حتى ولي عليها "فاروق بن نعمان بن عدي " وكانت أهم مدن ميسن، في ذلك العهد، الكرخة،البطائح ، والحويزة . موسى سيادة خلفية تواجد العربي في خوزستان و إيران ترجمة الكاتب.
وفي عام 1977 أميط اللثام، عن حقبة تاريخية ماضية مجهولة، من تاريخ مملكة ميسان السالفة، عندما تم العثور على قطع نقدية قديمة للغاية، وبهذا الاكتشاف الهام، تم التعرف على الماهية القومية، اللغة، الكتابة، والدين، لسكان" ميسن" الأوائل، وقد تم التعرف ومن خلال هذا الاكتشاف أيضا، على الأثر الثقافي للشعوب المجاورة لهذه البلاد، والوسائل التجارية، والاقتصادية، وملوكهم، وممارسات كل واحد من ملوك ميسان، وخلاصة الفكر الصناعي، لقوم" ميسن"، وتم الحصول على تاريخ مهم، من سيرة شعب عريق في الثقافة. نفس المصدر
و في عام 1686 ميلادية، تم الحصول على معلومات أكثر دقة، عن الوضع الاجتماعي، والثقافي والآثار الفنية لشعب "ميسن "، وأتضح تاريخ 23 فردا، من ملوك هذه البلاد، الذين حكموا ما قارب الثلاث قرون ونصف القرن، وقد بدأ حكمهم من عام 129 ق.م، واستمر حتى 225 م راجع ( ميسان، دراسة تاريخية، تأليف فؤاد جميل، طبع، بغداد ) مصدر سابق.
واستنادا إلى الدراسات الأخيرة، ل ( جي سايت مارتن ) احد العلماء، الذي كان يعمل في المسائل الجغرافية انه أصبح بالا مكان، تعيين حدود بلاد ميسن، وقد بين في عام 1818 م حدود هذه البلاد على النحو التالي: يحدها من الغرب، نهري دجلة والفرات، ومن الشرق نهر كارون، وقد بينت دراسات "جي"إن بلاد ودولة " ميسن " قد تأسست بعد سقوط السلالة السلوكية، التي أسسها سلوكس احد قادة الاسكندر، طبعا لدى بعض من المؤرخين نتف تاريخية مختصرة مبعثرة، حول تاريخ دولة ميسن، وقد وصفوها على أنها دولة صغيرة مجاورة لبابل، وتحت حماية " السلوكيين"، وعندما ضعفت دولة السلوكيين، وانهزم ملكها " انتيوكوس الثالث عام 187- 223 ق.م " على يد الرومان، استعادت بلاد ميسن، استقلالها، واقتدارها، ومكانتها وبالتدريج، وكانت ميسان في العهد الاشكاني، من الدول القوية، التابعة للسلالة الاشكانية. موسى سيادة مصدر سابق ترجمة الكاتب.
كان أول ملك "لميسن " في تلك المرحلة، عربي يدعى " هيسبا و سينس " وكان مركز حكومته " الكرخة" او "خاركاس " ( مدينة المحمرة الراهنة)، وكانت هذه المدينة، قد بنيت من قبل و في سنة 324 ق.م بواسطة الاسكندر المقدوني المعروف ب " ذو القرنين " ولكنها دمرت وأصبحت أثرا بعد عين نتيجة الفيضانات ، حتى أعاد بناءها مجددا الملك العربي " هيسباوسينس بن سكداد وناسوس "، ومنع للفيضانات بعد إن بنى حولها سد ساحليا يبلغ مداه ميلين وسماه على اسمه "هيسباوسيني " ، وفي تلك المرحلة ، كان ميناء هذه المدينة يعد أهم ميناء تجاري عربي - يوناني ، وشرق اقصوي . راجع ( خليل رشيد، مصدر سابق ) و( جبار عبد الله الجو يبري تاريخ ميسان ص 1- 18 وص 25 -55. ( مصدر سابق ).
ويأتي التنقيب من قبل لصوص الآثار الإيرانيين اليوم في هذه المنطقة لمعرفتهم المسبقة لما تحتويه هذه المنطقة من أثار عظيمة وكنوز لا تقدر بثمن و تهدف هذه العملية إلى أمرين، الأول نهب الآثار والمتاجرة فيها في السوق السوداء لبيع الآثار في العالم حيث تدار هذه العملية من قبل لصوص محترفين مدعومين من قبل أسرة رفسنجاني للمتاجرة في هذه الآثار السهلة المنال، والهدف الثاني الاستيلاء على هذه الآثار وإخفاءها بغية التعتيم على تاريخ الشعب العربي الاهوازي وحضارته القديمة.
وفي هذا المجال صرح السيد سعيد محمد بور المسئول والمتخصص الحقوقي في الميراث الثقافي والسياحي لإقليم الأهواز في مقابلة له مع وكالة إنباء الطلبة الإيرانيين " ايسنا " قائلا إن هذا التنقيب قد بدأ قبل شهر، مع العلم إن قسم من المؤسسات والدوائر الحكومية على علم بهذا الموضوع وشأنها شأن مركز الميراث الثقافي والسياحي في مدينة الأهواز لا حول لها ولا قوة ولا تستطيع إن تنبس ببنت شفة.
وصرح السيد محمد بور إن هذا التنقيب غير قانوني وليس لدينا أي علم بالجهة التي تقوم به، و كما يبدو إن القائمين على التنقيب أقوياء ومدعومين من جهات عليا لدرجة بحيث لا تستطيع الجهات المحلية منعهم من مواصلة عملهم كما أنهم هدد المسئولين المحليين بالويل والثبور وعظائم الأمور فيما إذا هم حاول التدخل وحاولا الاستفسار عما يقومون به أو حتى الاقتراب من أماكن التنقيب.
وذكر السيد محمد بور إن مدينة الخفاجية " سوسنجرد " تملك ما يقارب الهكتارين كمنطقة أثرية وهذه المنطقة هي منطقة ميسان الذي ازدهرت إبان الحقبة الاشكانية ثم أفل نجمها وغاب.
إن القوى الوطنية والديمقراطية ومن أصحاب الضمير الحي من أبناء الشعوب الإيرانية بما فيهم علماء الآثار وكذلك المنظمات الاهوازي المدافعة عن حقوق الإنسان معنية بإثارة هذه المسائلة على المستويين الداخلي والخارجي وطرحها على الهيئات والمنظمات الدولية بما فيها منظمة اليونسكو لمنع التلاغب في هذه الآثار او سرقتها باعتبارها بالإضافة إلى كونها أثار تمثل حضارة الشعب العربي الاهوازي، فأنها في الوقت نفسه هي ملكا للحضارة الإنسانية بأسرها لا يجوز السماح للسماسرة الآثار بيعها في السوق السوداء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن يسعى لتخطي صعوبات حملته الانتخابية بعد أدائه -الكارثي-


.. أوربان يجري محادثات مع بوتين بموسكو ندد بها واحتج عليها الات




.. القناةُ الثانيةَ عشْرةَ الإسرائيلية: أحد ضباط الوحدة 8200 أر


.. تعديلات حماس لتحريك المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي عبر الوسط




.. عبارات على جدران مركز ثقافي بريطاني في تونس تندد بالحرب الإس