الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العمّال المنسيون !

محمد أبو مهادي

2005 / 7 / 27
الحركة العمالية والنقابية


مع اقتراب موعد تنفيذ خطة فك الارتباط الإسرائيلية مع قطاع غزة وانشغال المجتمع الدولي والسلطة الوطنية الفلسطينية وحكومة الاحتلال الإسرائيلي سياسياً وامنياً بهذه القضية، وتركيز النظر علي هذه الخطة إذا ما كانت ستمر بهدوء ويتم إخلاء المستوطنين دون أحداث عنف أم لا؟وكان انشغال سابق بأوضاع ومستقبلهم المستوطنين من حيث السكن والتعويضات المجزية مقابل سنوات استيلائهم بالقوة علي أراضي الغير واستغلال مواردها المختلفة!

تبرز تأثيرات خطة فك الارتباط علي العمال الفلسطينيين العاملين داخل منطقة ايرز الصناعية علي وجه الخصوص والعاملين داخل الخط الأخضر، حيث أن المنطقة الصناعية " ايرز" والتي تقع علي الحدود الشمالية لقطاع غزة وبموجب خطة فك الارتباط ستسلم إلي الجانب الفلسطيني باعتبارها أراض فلسطينية وضمن حدود قطاع غزة المتعارف عليها.

أكثر من أربعة آلاف ومئتي عامل فلسطيني أصبحوا بلا عمل بعد أن قام أصحاب المنشات الصناعية في منطقة ايرز بإغلاق أو نقل منشاتهم إلي أماكن أخري، واستغنوا عن هذا العدد الكبير من العمال الفلسطينيين ليضاف دفعة جديدة إلي جيش العاطلين عن العمل، وسيزداد هذا العدد ليشمل العمال الفلسطينيين العاملين داخل الخط الأخضر مع حلول العام 2008 حسب إشارات وتصريحات بعض المسئولين الإسرائيليين، مما يعني تفاقم حدة المأساة التي يعيشها غالبية أبناء الشعب الفلسطيني وتراكمها علي مأساة الفقر والبطالة المتفشية أصلاً بفعل التدمير الإسرائيلي الممنهج لبنية الشعب الفلسطيني الاقتصادية.

عمال منطقة ايرز الصناعية واجهوا سابقاً خلال عملهم عملية استغلال ومصادرة شبه كاملة لأبسط أنواع الحقوق، كالحق في التامين الصحي والاجازات، والتعرض للفصل التعسفي من العمل وأشكال أخري تتنافي مع ابسط قواعد شروط العمل، إضافة إلي مواجهتهم لخطر كبير ودائم علي حياتهم بفعل ممارسات جنود الاحتلال علي بوابات تلك المنطقة وسياسة الإذلال المتبعة عند الفحص والتفتيش.

هؤلاء العمال المنسيون في منطقة ايرز الصناعية يواجهوا الآن مصير مجهول فيما يتعلق بتعويضاتهم ومستحقاتهم المالية بعد الاستغناء عن عملهم جميعاً، الأمر الذي دفعهم للتحرك النشط دفاعاً عن أنفسهم عبر حديثهم ورسائلهم لكل المعنيين في السلطة الوطنية الفلسطينية وطرقهم لكل الأبواب التي قد تساهم في حل هذه المشكلة الكبيرة.

تسربت معلومات مفادها أن المشغّلين الإسرائيليين حالهم كحال المستوطنين قد حصلوا علي تعويضات كبيرة نتيجة نقل أو إغلاق منشاتهم وورشاتهم الصناعية داخل منطقة ايرز وقد خصص من هذه التعويضات ما نسبته 7% لصالح العمال الذين عملوا فيها، ولم يحصل العمال الفلسطينيين علي أي مبلغ من هذه التعويضات، ولم يتمكنوا من متابعة تحصيل هذه المستحقات بسبب عدم حصولهم علي تصاريح دخول إلي إسرائيل تتيح لهم الفرصة لقاء أصحاب العمل أو ملاحقتهم قانونياً، كما لا يوجد بحوزتهم أي دلائل رسمية سواء فلسطينية كانت أم إسرائيلية علي صحة هذه المعلومات.



قام العمال بتنظيم سريع لأنفسهم، واختاروا لجنة متحدثة باسمهم وتوجهوا لأكثر من جهة رسمية فلسطينية، ووضعوهم في صورة المأساة التي تعرض لها الآلاف منهم ولم يتركوا أي جهة رسمية بدءاً من الرئيس ومروراً برئيس الوزراء وبعض الوزراء المختصين حتى أعضاء من المجلس التشريعي إلاّ وخاطبوهم برسالة واحدة طالبين منهم التدخل العاجل لحل مشكلتهم ومساعدتهم في استرداد حقوقهم المسلوبة، هناك شعور عام بقلة الاهتمام لقضيتهم من قبل المسئولين الفلسطينيين، رغم خطورة القضية وجمعيتها وما تؤسسه لقضية أخري مشابهة متوقع حدوثها مع حلول العام 2008 للعاملين داخل الخط الأخضر إذا ما أهملت ولم تعالج بشكل جدي.



ينصب الجهد الرسمي الفلسطيني في الإعداد لترتيبان تسلّم وحماية الأراضي التي ستخليها إسرائيل، وقام بتشكيل لجان تهتم بمسلك المواطن الفلسطيني في التعامل مع الموجودات داخل ارضي المستوطنات ليكون مسلكاً حضارياً ولا يضر بسمعة الشعب الفلسطيني، وشكّل لجان اقتصادية تقوم بوضع خطط لاستثمار أراضي المستوطنات المخلاة، وتتحدث السياحة وعن إقامة شركات عابرة للقارات وعن خصخصة لبعض المرافق العامة كالمعابر مثلاً! وتهمل السلطة الوطنية الفلسطينية أي خطة أو عمل من شانه حماية حقوق آلاف العمال المتضررين نتيجة خطة فك الارتباط ولم تطرح قضيتهم علي المستوي التفاوضي ولا الإعلامي، ولم يجر بحث جدي داخل مجلس الوزراء الفلسطيني حول كيفية تأمين سبل العيش الكريم لهؤلاء العمال بعد أن أصبحوا بلا عمل، يترافق ذلك مع تركيز كبير في وسائل الإعلام الفلسطينية عن دفعات مؤقتة لتشغيل بعض العاطلين عن العمل.

إن الاكتفاء بالحديث عن المساعدات أو دورات تشغيل مؤقتة لا يعد حلاً جذرياً لمشكلة العمال ولا غيرهم من العاطلين والعاطلات عن العمل، وهو ترحيل متكرر لأزمة كبيرة لها علاقة بسياسات تنموية واقتصادية وسياسية وتشريعات وإدارة غير رشيدة وأمينة لأموال وموارد الشعب الفلسطيني.

ينبغي التفكير الجدي لحل مشكلة العمال قبل فوات الأوان، وقد يكون الإجراء الأكثر فائدة هو المباشرة بوضع خطة وطنية لتوفير الضمان الاجتماعي والحماية من البطالة للجميع، أو إنشاء مناطق صناعية برأس مال وطني يستوعب أعداد كبيرة من العمال بشكل دائم، وهذا الاجراء أكثر جدوى وإنتاجية من عشرات دورات التشغيل المؤقت الذي يخفي خلفة أزمة خانقة من الفقر والبطالة وهدر للحقوق الاقتصادية وقوانين العمل وقبل كل ذلك هدر للمال العام والموارد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المغرب: الصين تزيد استثماراتها في قطاع السيارات الكهربائية،


.. مصر.. تزايد تحويلات العاملين في الخارج خلال الأعياد




.. تفاقم معاناة المزارعين في جنوبي لبنان بسبب التصعيد المستمر ب


.. حلول عيد الأضحى: بهجة غائبة في عدة دول بسبب الأزمات والغلاء




.. الأردن.. تدابير لتقليل خسائر المزارعين